• Wednesday, 22 January 2025
logo

الأنفال ... وصَمْت العالم

الأنفال ... وصَمْت العالم
كامران عبد الرحمن
-الإتحاد


عانى الشعب العراقي خلال فترة حكم البعث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم بشعة ضد الإنسانية حيث وصلت الجرائم إلى مستوى خطير لم يسبق له نظير في تاريخ الإنسانية، وبرز تلك الانتهاكات مع وصول حزب البعث إلى السلطة في العراق عام 1968 واستمر إلى يوم انهياره في 9 نيسان 2003 ، وكانت الجرائم هذه ترتكب ضد جميع أبناء الشعب العراقي وخاصة الشعب الكردي وسكان الأهوار في الجنوب.


وازدادت هذه الانتهاكات والجرائم بعد اندلاع الحرب بين العراق وإيران في عام 1980 حتى وصل الأمر بالنظام إلى استخدام الأسلحة الكيمياوية والأسلحة المحرمة دوليا ضد أبناء الشعب الكردي حيث استخدم هذا النظام السلاح الكيمياوي في إحراق وتدمير مدينة حلبجه و منطقة باليسان و غيرها من مناطق كردستان بطريقة جنونية خرق فيه البعث جميع القيم الدينية و الأخلاقية والإنسانية و القوانين الدولية .وقد شجع سكوت وصَمْت العالم تجاه هذه الجرائم ، النظام على ارتكاب المزيد من الجرائم في أبشع ما يكون من جريمة في تاريخ البشرية فبانتهاء حربه العدوانية مع إيران وجه النظام جيوشه وحرسه الجمهوري نحو إقليم كردستان في عملية عسكرية كبيرة من ثماني مراحل استغرقت مدتها زهاء ستة شهور بدأت في 23 شباط وانتهت في 6 أيلول من عام 1988 باسم عمليات (الأنفال ) وهي سورة من سور القران الكريم وتعني في الإسلام الغنائم التي غنمهُا المسلمون في حربهم مع الكفار في معركة بدر .
أما عندنا نحن الأكراد فالأنفال تعني الموت والدمار والاغتصاب وقتل الأطفال ودفن الشباب في الصحارى والسجن في نقرة سلمان وسلب ونهب وتدمير أربعة الآلاف قرية وقطع البساتين و تشويه الجبال والوديان والسهول، حيث أباح النظام كل شيء في كردستان .ان جريمة الأنفال تعد من أبشع الجرائم التي اقترفت بحق الإنسانية ، فبغضون أيام تمت إبادة الأطفال والنساء والشيوخ والشباب و دفن أكثرهم حياً في صحارى النجف والسماوة وكربلاء والموصل وجبال حمرين. واليوم وبمرور الذكرى (23) على كارثة الأنفال فإننا نتذكر قصصها وحكاياتها الأليمة فتملأ عيوننا بالدموع و تقشعر أبداننا من هول هذه الجريمة ، فهذه العملية راح ضحيتها (182 ) ألف من البشر لا لشئ سوى لان الله خلقهم أكراد فاعتبرهم نظام البعث مذنبين لذلك ويشكلون تهديدا لوجوده وخطراً عليه. فالنظام ألبعثي لم ير لحل القضية الكردية سوى الأنفال والأسلحة الكيماوية والتعريب والترحيل و تطبيق سياسة الأرض المحروقة في كردستان . لقد قام النظام بهذه الجرائم أمام صَمْت وأنظار المجتمع الدولي والعالم الإسلامي لان مصالح وعلاقات الدول الإسلامية والغربية مع النظام كانت أهم من الدفاع ومنع وقوع جريمة ضد الشعب الكردي المسلم، لقد سَـخّر النظام ألبعثي جميع خيرات وثروات كردستان النفطية لدعم ألته العسكرية وشراء ذمم الكثير من الدول والمنظمات الدولية مقابل صَمْتهم لكبت أنفاس الشعب العراقي بشكل عام والشعب الكردي خاصة، ولو لم تؤد به غطرسته و جبروته إلى غزو الكويت فلم يكن من المستبعد أن يكون الشعب الكردي قد أبيد تماماً ، ولكن أرادة الله كانت فوق أيديهم فحصدوا ما زرعت أيديهم ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين ) أن الواجب الديني والإنساني والأخلاقي والوطني يُـلزم الحكومة العراقية على القيام بالتزاماتها تجاه ضحايا الأنفال وتعويضهم بالشكل العادل والمُنصف لمِا لحق بهم من أضرار نتيجة لتلك الجرائم من الناحية المادية و المعنوية ومن جهة أخرى يتحتم عليها أعادة رفات الشهداء من تلك القبور الجماعية المنتشرة في صحارى عرعر ونقرة سلمان وجبال حمرين وأطراف كركوك ومناطق أخرى ربما ستكتشف بعد سنين ، ودفنهم في موطنهم و قرب ذويهم بشكل يليق بهم كون ذلك مطلبا رئيسيا للباقين من ذويهم وأهاليهم والعمل على كشف مصير جميع ضحايا الأنفال .
Top