• Friday, 17 May 2024
logo

تقبل النقد

تقبل النقد
محمد عبد الجبار الشبوط
-الصباح


حين تتولي وظيفة عامة، فانك تكون شخصية عامة، وحين تكون شخصية عامة فانك سوف تكون مركز استقطاب للاهتمام العام، والنقد، والمساءلة، والمحاسبة، والتقييم وغير ذلك.
هذه بمستوى البديهيات. وهي من ابجديات الديمقراطية. وليس الحديث عنها سوى تذكير لمن يتولون مناصب عامة بما يفترض انهم يعرفونه مسبقا.
ومن يرغب في ان يكون شخصية عامة، في اي حقل من حقول الاشتغال العام، في الثقافة او السياسة او الاقتصاد او غيرها، عليه ان يتوقع كل هذا. فكل اعماله وتصرفاته سوف تكون تحت نظر المجهر العام الذي يرى كل شيء، ويحاسب على كل شيء، خاصة حين تكون الشخصية العامة ممن تستلم اجرا من المال العام. سوف يحاسب الناس هذه الشخصية على كل شاردة وواردة.
على الشخصيات العامة ان تتقبل النقد، وتتعامل معه بايجابية واريحية، ولا تشعر بالضيق منه. فقد تعبر هذه الشخصية العامة عن فكرة لا تنال استحسانا، او قد تقدم على عمل لا يلقى قبولا. الناس احرار في تأييد او معارضة الشخصية العامة. ولكن على الشخصية العامة ان تحرص على الحصول على “رضا العامة” كما يقول الامام علي، وهو رضا لا يعوض عن فقده “رضا الخاصة”.
وظيفة الاعلام ممارسة النقد بحق الشخصيات العامة، سواء في السلطة التنفيذية او السلطة التشريعية ام غيرهما. وحين يمتنع الاعلام عن النقد، او يتوقف عنه لأي سبب، حتى لو كان سببا خارجا عنه، يتوقف عن كونه اعلاما، ويصبح دعاية. والفرق بين الاثنين واضح بيّن. الدعاية تركز على الحسنات فقط، بغرض “اقناع” المتلقي، في حين يتعامل الاعلام مع القضية بموضوعية، بهدف “اخبار”، المتلقي فيسلط الضوء على السيئات كما على الحسنات، بدون تحيز او تفضيل او محاباة او انحياز.
من هنا، لا مبالغة اذا قيل انه يجب على المشتغلين في الشأن العام، حتى لو كانوا من معارضي الحكومة من السياسيين او النواب او غيرهم، ان يتعودوا على الاعلام الناقد. فلا يمكن للاعلام ان يتجاهل ما يراه من تصرفات او افعال او اقوال تصدر عن الشخصيات العامة دون ان يتعامل معها اعلاميا وبطريقة مهنية، قد تتضمن، كما هو متوقع، نقد هذه الامور وبيان نقاط ضعفها، اذا وجدت.
في المقابل، يتعين على الاعلامي الناقد ان يكون بغاية الدقة والموضوعية في توجيه نقده. والدقة المطلوبة تتضمن التحقق من المعلومات، وعدم الانجرار وراء المسموعات او الاشاعات فقط. فقد كان الامام علي يقول: من الحق ان تقول رأيت، ومن الباطل ان تقول سمعت.
حين يتوفر العاملان: سعة الصدر، والنقد الموضوعي، تتم معالجة امراض الشأن العام وسلبياته بسلاسة ودون مضاعفات.
Top