لا مثيل لها
-الإتحاد
لا يمكن تجاهل أن العديد من المواطنين الأبرياء قد سقطوا شهداء برصاص “المحررين” الأميركان، إلى جانب التجاوز على الحقوق العامة والخاصة لعشرات مئات المواطنين الأخرين في الفلوجة، وبقية المناطق الغربية. أن سياسة العقوبات الجمعية التي تضمنتها مراسيم بريمر سيئة الصيت، بتوجيه من صقور وزارة الدفاع، على رأسهم رامسفيلد، كانت سبباً في إذكاء العمليات المسلحة الرافضة لقطع الأرزاق، التي قادت للخلط بين اتباع النظام المخلوع وبين الرافضين للعقوبات الجمعية.
فيما أنفتحت أبواب العراق أمام قوى لم يكن لها وجود نتجية حل الأجهزة الأمنية، حتى أختلط المعترضون على ممارسات الأحتلال التعسفية مع المتسللين الذين يريدون خوض حربهم ضد الأميركان أينما استطاعوا.
إن مسؤولين أميركيين أرتكبوا خطأً فادحاً حين وصل الأمر بهم حد أن ينطلق لسان بريمر و بعض البنتاغون في دمغ أهلنا في الواجهة الغربية بما ليس من حقيقتهم، لا لشيء سوى محاولة التعتيم على ممارسات سلطة “التحرير” المدنية وبعض القيادات العسكرية التي لم تميز بين من هو موالٍ كلية للنظام السابق وبين من تجاوزوا على حقوقه فلم يعد أمامه سوى المقاومة، في ظل أجواء الطائفية التي غذتها إدارة بريمر. وهكذا تداخلت الصفوف، بين من هو ضد الظلم و العقوبات الجمعية، وبين القادمين من الخارج والقلة التي والتهم في تنفيذ عمليات القتل الجمعي ضد العراقيين.
من هذا المنطلق، في ظل فضائح “أبو غريب”، وعمليات الاعتداء على العوائل وانتهاك الأعراض أحياناً، فأن الفلوجة تشكل ساحة لمأساة ينبغي أن ينصف الأبرياء الذين تعرضوا للقتل أو الأعتداء أو قطع موارد رزقهم بشكل عشوائي، وبناء عليه تعجيل تصفية سريعة لكافة ملفات المعتقلين من الفلوجة وبقية الأنبار والواجهة الغربية، كي نمنع بكل الوسائل المشروعة، في مقدمتها سيادة القانون وإنصاف الأبرياء، دون حصول أعداء الدولة الديمقراطية الاتحادية على أية مواقع متعاطفة أو ساخطة يمكن توظيفها لمصلحتهم.
لكن وقائع الفلوجة بكل تفاصيلها المؤلمة لن ترقى بأي حال من الأحوال إلى مأساة الإبادة الجماعية التي ارتكبها النظام الشمولي ضد شعبنا الكردي، خصوصاً ما ارتكب من قتل جمعي بدون تمييز للمواطنين العزل في حلبجه، فكانت النتيجة أكثر من 5200 شهيد.
ينبغي المطالبة بإنصاف أهلنا في محافظة الأنبار ممن تجاوزت عليهم القوات الأميركية وبعض الأجهزة، لكن ليظل معلوماً أن ليس في تاريخ العراق فاجعة مخجلة مثل مجزرة الإبادة الجمعية في حلبجه. وليس هناك تمييزاً بين المواطنين مثلما مورس ضد الكرد الفيلية، لذلك فأن الكرد يفهمون أكثر من غيرهم معنى التجاوز على حقوق الإنسان في الفلوجة وبقية الوطن، لأنهم يرفضون الظلم الذي طالما كانوا ضحاياه.. وستظل حلبجه جريمة ضد الإنسانية لم تعرف المنطقة مثيلاً لها.