• Friday, 17 May 2024
logo

برامج الاسلاميين

برامج الاسلاميين
محمد عبد الجبار الشبوط
-الصباح

لم يعد بين الاسلاميين العراقيين المشاركين في الحكم من يرفع شعار اقامة الدولة الاسلامية باعتبارها هدفا يسعى الى تحقيقه في المدى المنظور. ينطبق هذا على حزب الدعوة الاسلامية والتيار الصدري والحزب الاسلامي العراقي والمجلس الاعلى، وغيرهم.
بغض النظر عن سبب ذلك، فان المنطق السياسي يفرض على القائمين على هذه الاحزاب ان يفكروا بطرح شعار بديل يحفظ من جهة اسلاميتهم، ويسد الفراغ السياسي الذي احدثه سحب شعار اقامة الدولة الاسلامية من التداول، من جهة ثانية. برنامج يتناسب مع حقيقة مشاركة الاسلاميين في الحكم في ظل دستوري لا يتبنى صراحة شعار اقامة دولة اسلامية او تطبيق الشريعة الاسلامية. حتى الان تمثل هذه منطقة فراغ في العمل الحركي الاسلامي، وهذا امر لا يصح ان يستمر.

لا يمكن الاكتفاء بالقول بان ما ورد في الدستور العراقي وخاصة المادة الثانية يمثل الاطار العام لعمل الاسلاميين، لأن ذلك يلغي اي فرق محتمل بينهم وبين الاحزاب الاخرى غير الاسلامية. وعدم وجود فرق برنامجي-سياسي بين حزب واخر يلغي مبرر وجودهما معا، بمعنى ان التطابق بين البرامج السياسية يحتم عليهما، او عليهم في حال التعدد، الاندماج في حزب واحد. هذا لا يمنع ان تطرح الاحزاب المعنية برامج الحد الادنى المشترك من اجل تقريب وجهات النظر وتمهيد الطريق لقيام عمل مشترك بينها، بطبيعة الحال.

يمكن لحزب اسلامي ان يضع برنامجا سياسيا له يتمحور حول شعار “دولة مدنية حديثة، ومجتمع مدني حر، متفاعل مع القيم الانسانية و الاسلامية”.

يمكن لحزب اسلامي ان يعمل على اقامة دولة مدنية حديثة تستند الى خمسة اسس او ركائز لا يعترض عليها الاسلام، وهي:

اولا، الديمقراطية، التي تعطي السيادة للانسان في الارض، وهذا مبدأ مستل من فكرة خلافة الانسان في الارض، وهي فكرة اسلامية قرآنية اصيلة.

ثانيا، المواطنية، التي تضع اساسا للمساواة بين رعايا الدولة المدنية الحديثة، والمساواة فكرة اسلامية قرآنية اصيلة.

ثالثا، القانون. والمقصود هنا بطبيعة الحال القانون الوضعي شرط ان لا يتعارض مع ثوابت الاسلام كما تنص المادة الثانية من الدستور العراقي. لكن المغزى الاهم من هذا المبدأ هو ان الحكم في الدولة لا يمارس بطريقة اعتباطية وبحسب رغبات الحاكم، وانما على اساس قواعد دستورية وقانونية يخضع لها الجميع، حكاما ومحكومين، على قدم المساواة والعدالة.

رابعا، المؤسسات، التي ستكون الاطار الذي تمارس فيه الدولة نشاطاتها، وتحررها من قوى التأثير غير المؤسسية.

خامسا، العلم الحديث، وهذا هو سر توصيف الدولة بانها حديثة، استنادا الى ان الادارة والحكم في العصر الحديث هما عبارة عن علم وحساب وقياس وليس انطباعات شخصية وملاحظات عابرة وقرارات فردية مستعجلة.

الدولة المدنية الحديثة ليست دولة دينية، كما انها ليست دولة ايديولوجية، بل انها دولة خدمات هدفها توفير الحياة الكريمة للانسان بوصفه المطلق.
Top