• Sunday, 05 May 2024
logo

العراق والشرعية الدولية‎

العراق والشرعية الدولية‎
حسن علي كرم
-الاسبوعیة

‎ما زال النقاش ساخنا حول ما إذا كانت الحملة التي قادتها دول التحالف بقيادة أميركا في ربيع 2003 على بغداد، والتي أفضت إلى سقوط النظام الصـــدامي الدكتــــاتوري الجائر، محصنة بمظلة قانونية من قبل مجلس الأمن الدولي أم قرارا من الخارج. ويبدو أن هذا الجدال قد يستمر طويلا، رغم زوال النظام الدكتاتوري وقيام نظام وطني ديمقراطي السيادة فيه للأمة، أي الشعب العراقي بكل مكوناته وأطيافه وأقاليمه الجغرافية.

الذين يصرون على أن دول التحالف لم تحصل على تفويض من الهيئة الدولية قبل شن الحملة على بغداد يتناسون ربما أمراً مهماً وهو أن حملة اسقاط النظام الدكتاتوري كانت الجولة الأخيرة والختامية في حرب تحرير الكويت من براثن العدوان الصدامي. وكما هو معلوم فإن حرب تحرير الكويت بدأت وفق تفويض صادر عن مجلس الأمن الدولي في صيغة قرار حمل الرقم (678/90) منح الكويت بموجبه حق الاستعانة بطرف ثالث لإخراج المحتل بالقوة، وذلك القرار لم يسقط بخروج القوات المحتلة وعودة الشرعية الكويتية، وإنما بقي نافذاً طالما لم يرضخ النظام العراقي لكل المتطلبات الدولية التي ترتبت عليه من جراء العدوان على الكويت. وكما هو معلوم فقد انعقد بعد خروج القوات العراقية من الكويت مؤتمر صفوان ( خيمة صفوان) في حضور قادة من دول التحالف يقابلهم وفد عسكري عراقي برئاسة هاشم أحمد الطائي الذي كان وزيراً للدفاع ابان سقوط النظام الصدامي وحالياًََ مسجون ومحكوم بالاعدام.

هذا اللقاء في خيمة صفوان أفضى إلى إصدار القرار (687/91) ولم يكن بديلاً عن القرارات السابقة ومنها الرقم (678/90) وإنما مكملا لها، اذ اشتمل على 37 بنداً مطلوب من الحكومة العراقية الاستجابة لها خلال فترة محددة كشرط لإنهاء الحرب وإعلان السلام. و البنود السبعة والثلاثون شملت من ضمن ما شملته، التخلص من الأسلحة الكيميائية وترسيم الحدود الكويتية- العراقية وتعويضات الحرب والأسرى والمفقودين وحماية الأكراد والمواطنين العراقيين من العدوان الصدامي الخ...

والواقع أن صدام حسين تقاعس عمداً عن الإستجابة للمتطلبات الدولية، وكان يراهن على تجويع الشعب العراقي لإطالة عمر نظامه، ولم يلتفت الى المآسي والكوارث التي جلبها على العراق والعراقيين جراء مغامراته وحروبه الفاشلة على ايران فالكويت وحروبه الداخلية على الجنوب والشمال. ورغم لجان التفتيش والمحققين فقد ظل يراوغ ولم يكشف عن أسلحته الكيميائية، الأمر الذي كان شكل تهديداً لأمن وسلام المنطقة إذا ما نجح في إنتاج هذه الأسلحة، علاوة على استمرار تجويعه وبطشه وتهديده الكويت وتحالفه مع التنظيمات الإرهابية.

من هنا لم يكن ثمة وسيلة لكبح جماح و نزق ومغامرات صدام غير استخدام القوة وتخليص العراق من نير ذلك النظام الجائر استناداً إلى القرارين ( 678 و 687 ). وعليه، لم يكن ثمة حاجة الى اصدار قرار جديد أو الرجوع مجدداً الى مجلس الأمن. وكان المطلوب فقط توجيه إنذار الى النظام العراقي وهو ما حصل. وللتوضيح تنبغي الإشارة إلى أن صدام ونظامه الجائر رحلا لكن تداعيات عدوانه ما زالت قائمة حتى هذه اللحظة، وما زال العراق يعاني من الزامات الفصل السابع، والخروج منه مسألة باتت قريبة.

إن العراق الجديد، العراق الديمقراطي التعددي مؤهل اليوم للمشاركة في ارساء شرق أوسط مختلف يقوم على مبادئ الديمقراطية والتعددية وحق الشعوب في الحرية والمساواة والشفافية وتكافؤ الفرص ، وإذا كانت بعض الشعوب العربية قد انتفضت على أنظمتها في ما يسمى ثورات الشباب وثورات الفيسبوك والتويتر ، فإن العراق تجاوز مرحلة متطلبات الديمقراطية والحريات ، الأمر الذي يتعين الدخول إلى مرحلة الاعمار وتلبية الخدمات العامة ، وإزالة آثار عهود من التسلط و الحكم الدكتاتوري الجائر.
Top