• Sunday, 28 July 2024
logo

لبنان.. المحتجون يقتحمون وزاراتٍ ومبانٍ تجارية ورئيس الحكومة يدعو لانتخابات نيابية مبكرة

لبنان.. المحتجون يقتحمون وزاراتٍ ومبانٍ تجارية ورئيس الحكومة يدعو لانتخابات نيابية مبكرة
اقترح رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، السبت، إجراء انتخابات نيابية مبكرة في محاولة لاحتواء النقمة المتصاعدة في لبنان على خلفية التفجير الضخم في مرفأ بيروت الذي أسفر عن نحو 160 قتيلاً وآلاف الجرحى وشرد عشرات الآلاف من منازلهم، وذلك إثر وقوع مواجهات بين قوات الأمن ومحتجّين مطالبين بمعاقبة المسؤولين عن الكارثة اقتحم خلالها متظاهرون وزارات الخارجية والاقتصاد والبيئة.

واقترح دياب السبت، على وقع التظاهرات التي تعمّ بيروت، اجراء انتخابات نيابية مبكرة، مانحاً القوى السياسية مهلة شهرين للاتفاق على اجراء اصلاحات "بنيوية" تخرج البلاد من أزمتها.

وجاء في كلمة ألقاها "لا يمكن الخروج من أزمة البلد البنيوية إلا بإجراء انتخابات نيابية مبكرة"، داعيا "الأطراف السياسية إلى الاتفاق على المرحلة المقبلة".

وقال دياب: "مستعد لتحمل هذه المسؤولية لمدة شهرين حتى يتفقوا والمطلوب عدم الوقوف ضد انجاز اصلاحات بنيوية حتى ننقذ البلد".

وجاءت كلمة رئيس الوزراء بعيد اقتحام مجموعة من المتظاهرين، بينهم عسكريون متقاعدون، مقر وزارة الخارجية في شرق بيروت، معلنين اتخاذه "مقراً للثورة".

وقال المتحدث باسمهم العميد المتقاعد سامي رماح للصحفيين في بيان تلاه "من مقر وزارة الخارجية الذي اتخذناه مقراً للثورة، نطلق النداء إلى الشعب اللبناني المقهور للنزول إلى الساحات والمطالبة بمحاكمة كل الفاسدين".

كذلك اقتحمت مجموعة أخرى مقر وزارتي الاقتصاد والبيئة.

وتدفق الآلاف من المتظاهرين الى وسط بيروت وشوارعها، وخاض متظاهرون مواجهات مع القوى الأمنية لدى محاولتها التقدم باتجاه مداخل البرلمان ورشقها القوى الأمنية بالحجارة. كما أضرموا النيران في مدخل فندق ومبنى مجاور قبل ان تبعدهم قوات الأمن وتطلق الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع.

- مواجهات –

وأعلن الصليب الأحمر اللبناني إصابة 142 شخصا في المواجهات تم نقل 32 منهم إلى المستشفيات.

وتوافد المتظاهرون تباعاً إلى وسط بيروت آتين من مناطق عدة وسط اجراءات أمنية مشددة. وانطلقت مسيرة حاشدة وفق مراسل فرانس برس من شارع مار مخايل المتضرر بشدّة إلى وسط بيروت، رافعين لافتة كبيرة ضمّت أسماء قتلى الانفجار.

وسُرعان ما سُجلت مواجهات بين القوى الأمنية ومحتجين في طريق مؤد إلى مدخل البرلمان. وأطلق الشبان الحجارة على عناصر الأمن الذين ردوا بإطلاق القنابل المسيّلة للدموع في محاولة لتفريقهم.

وردّد المتظاهرون شعارات عدّة "بينها "الشعب يريد اسقاط النظام" و"انتقام انتقام حتى يسقط النظام"، و"بالروح بالدم نفديك يا بيروت". كما رفعت في مواقع عدة في وسط بيروت مشانق رمزية، دلالة على الرغبة في الاقتصاص من المسؤولين عن التفجير.

وأعرب جاد (25 عاماً)، وهو موظف في مجال الاعلانات، في حديث إلى فرانس برس بينما رفع مشنقة على مكنسة خلال توجهه إلى وسط بيروت، عن شعور "غضب وحزن ومرارة وأحاسيس كثيرة لا يمكن التعبير عنها".

وأوضح أن التظاهرات "مستمرة منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر وليست بجديدة لكن اليوم توجهنا مختلف لأننا نسير على ركام مدينتنا".

ومنذ 17 تشرين الأول/أكتوبر، نزل مئات الآلاف الى الشوارع ناقمين على الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد ويحمّلونها مسؤولية الأزمات المتلاحقة. إلا أن وتيرة تحركهم تراجعت تدريجاً بعد تشكيل حكومة جديدة ومن ثم انتشار وباء كوفيد-19 لتقتصر على ترحكات امام مرافق ومؤسسات.

وأثار الانفجار تعاطفاً دولياً مع لبنان، الذي يصله مسؤولون غربيون وعرب تباعاً وتتدفق المساعدات الخارجية إليه عشيّة مؤتمر دعم عبر تقنية الفيديو تنظمه فرنسا بالتعاون مع الأمم المتحدة، وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مشاركته فيه.

وتسبّب الانفجار، وهو من بين الأضخم في التاريخ الحديث، بمقتل 158 شخصاً وإصابة أكثر من ستة آلاف شخص، وفق وزارة الصحة التي أوضحت أنّ "العدد المتبقي للمفقودين يبلغ 21 مفقوداً" بناء على المعطيات الأخيرة التي توفرت لديها.

- دعم دولي –

وبينما كانوا يتابعون بعجز الانهيار الاقتصادي المتسارع في بلدهم ويعيشون تبعات هذا الوضع الهشّ الذي أضيف إليه تفشي كوفيد-19 مع تسجيل معدل إصابات قياسي في الأيام الاخيرة، أتى انفجار مرفأ بيروت ليشكل أكبر كوارث اللبنانيين.

وكتب فارس الحلبي (28 عاماً) وهو من الناشطين البارزين في التظاهرات على فيسبوك "بعد ثلاثة أيام تنظيف، رفع ركام ولملمة جراحنا وجراح بيروت حان وقت تفجير الغضب ومعاقبتهم على قتل الناس"، مشدداً على أن "التغيير يجب أن يكون كبيراً بقدر كبر الفاجعة".

وأوقفت السلطات، التي تعهّدت بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار وعن تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت منذ ست سنوات من دون اجراءات حماية،أكثر من 20 شخصاً على ذمّة التحقيق بينهم مسؤولون في المرفأ والجمارك ومهندسون، على رأسهم رئيس مجلس إدارة المرفأ حسن قريطم ومدير عام الجمارك بدري ضاهر، وفق مصدر أمني.

وأعلنت السفارة السورية في بيروت السبت أن 43 من رعاياها في عداد قتلى الانفجار، بينما أعلنت الخارجية الهولندية وفاة زوجة سفيرها لدى بيروت متأثرة بجروحها.

وقالت حياة ناصر، التي تنشط في مبادرات عدة لمساعدة المتضررين إن تظاهرات الأحد هي "التحذير الأكبر للجميع، لأنه لم يعد لدينا شيء لنخسره بعد الآن".

وتأتي التظاهرات عشية مؤتمر دعم دولي للبنان، اقترحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته إلى بيروت الخميس، وتنظمه بلاده بالتعاون مع الأمم المتحدة بمشاركة دولية وعربية واسعة.

وتوجّه رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بعد وصوله إلى بيروت، الى اللبنانيين بالتأكيد على أن الاتحاد الأوروبي الذي خصّص 33 مليون يورو للمساعدة، "يريد أن يقف إلى جانبكم ليس فقط بالتصريحات.. بل بالأفعال".

ونقل كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ونائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي ووزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو، للمسؤولين اللبنانيين استعدادهم الكامل لتقديم المساعدات ودعم إعادة اعمار بيروت.

- "الصرخة الأخيرة" –

ويخشى المتظاهرون ومحللون أن تجد السلطة في مبادرات الدعم الدولية فرصة لتعزيز مواقعها مجدداً.

واعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون في تصريحات للصحافيين الجمعة أنّ "الانفجار أدى الى فك الحصار" بعد تلقيه اتصالات من رؤساء وقادة آخرهم ترامب.

ورأى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الجمعة أن المشهد الخارجي "الإيجابي"، "يفتح فرصة أمام لبنان (..) للخروج من حالة الحصار" خلال الفترة الماضية.

وقدّم خمسة نواب منذ الانفجار استقالاتهم من البرلمان، داعين زملاءهم إلى اتخاذ الخطوة ذاتها.

ويقول الأستاذ الجامعي والباحث في مركز عصام فارس ناصر ياسين لفرانس برس "الخوف أن تستفيد السلطة من هذه الكارثة الكبيرة ومن الاهتمام الدولي والعربي حتى تعيد تعويم نفسها داخلياً وخارجياً".

ويرى أنّ المطلوب اليوم هو "ضرب رأس الأخطبوط الذي يمسك بكل مفاصل الاقتصاد والدولة ويسيطر على المجتمع... ضرب المنظومة على رأسها والتشديد على المحاسبة من أصغر موظف حتى رأس الهرم".


شارك على
Top