• Wednesday, 13 November 2024
logo

الإنسان القابل للإيحاء

الإنسان القابل للإيحاء
يُعتبر التركيز الدائم على أمر ما أو قضية معيّنة أمراً متعباً للدماغ. فهو بالإضافة لإرهاقه المستمرّ للقسم الخاضع للاستثارة بفعل التركيز، يقوم بتعطيل أقسام أخرى ذات مساحات كبيرة كونها غير مستهدفة في هذه العملية. وهذا أمر سببه القانون الدماغي في التنبيه، حيث إن الدماغ يعطي بيد ويمنع أو يكفّ باليد الثانية.بمعنى أن التيار الذي يسعى لتنبيه جزء دماغي ما، يسايره ويمشي معه تيار آخر يقوم بتثبيط الأجزاء الأخرى الباقية المستثناة من هذه العملية.
ويمكننا تشبيه عملية التركيز هذه، وقرار الدماغ فيها، بعملية إرسال مجنّد من قبل قائد الكتيبة إلى مهجع الجنود ليستدعيَ شخصاً أو اثنين للذهاب إلى مكتب القيادة، بينما يطلب من البقية التزام أماكنهم.وإذا ما استمر التركيز طويلاً، ولفترات زمنية طويلة، فإن ذلك سيُفقد الدماغ سيره الوظيفيّ المتناغم والضروري لحياة نفسية وعقلية سليمة.لذلك كان من الضروري جداً ترك أوقات للفراغ أثناء القيام بالدراسة أو بالعمل الذهني وتخصيص أوقات للترفيه والتسلية وممارسة النشاطات بغية إراحة المنطقة المركّزة وتشغيل المناطق الأخرى المهملة.يضاف إلى ذلك كلّه ضرورة ممارسة التأمُّل الذي هو نقيض التركيز. فالتأمّل هو تنبيه ضعيف شامل لأنه يطال المساحة المخيّة كلّها ويفتح نافذة "العقل" على مصرعيها، بينما يكون التركيز تنبيهاً قوياً لجزء صغير أو محدود من أصل الكلّ.وكلَّما اقتصرالتركيز على أداء مهمّات مكرّرة وأقوال منمّطة ومشاعر مبرمجة... ازدادت متاعب النقطة الخاضعة للتركيز وازداد هيجانها، لتتحوّل مع مرور الأيام إلى "حصان طروادة" أو إلى فجوة تتوسَّط جدار الذهن ما يُسهّل على الآخرين العبور من خلالها. ومع مرور الزمن

باحث سوري في علم النفس التحليلي : هايل شرف الدين .






ايلاف
Top