"ليلة البراءة" في السليمانية: تقاليد وأجواء روحانية
![](https://gulanmedia.com/public/images/posts/20250213212316_original_10.jpg )
في أجواء تغمرها البهجة والروحانية، أحيا أهالي السليمانية، وتحديدًا في حي صابون كران، ليلة النصف من شعبان، المعروفة لدى الكورد باسم "ليلة براءة"، وهي مناسبة تحتل مكانة خاصة في وجدان المسلمين، حيث تتجسد فيها قيم التكافل والتراحم عبر طقوس اجتماعية متوارثة منذ أجيال.
عادات متوارثة
وأعتاد الأهالي في هذه الليلة على تحضير كميات كبيرة من الشوكولاتة والحلويات والمكسرات، لتوزيعها على الأطفال الذين يجوبون الأزقة ويدخلون البيوت، حاملين أكياسًا صغيرة، يملؤونها بكل ما تجود به أيدي الكبار، وسط أجواء من الفرح والتآخي.
ورصدت جولة كاميرا وكالة شفق نيوز، في حي صابون كران، مشاهد معبّرة عن هذه الطقوس، حيث تحدث فؤاد مروان وهو من مواطني الحي، عن حرص العوائل على تجهيز الحلويات منذ ساعات الصباح الباكر، استعدادًا لاستقبال الأطفال مساء.
وأكد أن "هذه العادة توارثها الكورد عن آبائهم وأجدادهم، وأصبحت جزءًا أصيلًا من الموروث الشعبي، إذ يحرص الجميع على المشاركة بها دون تمييز، سواء كانوا ميسورين أو محدودي الدخل".
أما علي حسين، فأوضح لوكالة شفق نيوز، أن "هذه الليلة تُعرف بليلة البركة، حيث يخرج الأطفال بعد صلاة المغرب، ويتنقلون من بيت إلى آخر، يتذوقون الحلويات، وفي الوقت نفسه يقومون بتوزيع بعضها على المنازل الأخرى، تعبيرًا عن روح التآخي".
وأضاف أن "بعض المشاركين ارتدوا أزياء تراثية كوردية، من بينها زي الشاعر بيرميرد، مما زاد من جمال الأجواء، وخلق رابطًا بين الماضي والحاضر".
مكانة تاريخية خاصة
وتحمل ليلة النصف من شعبان، مكانة دينية خاصة، حيث يعتقد أنها الليلة التي تم فيها تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة في مكة، وذلك في العام الثاني للهجرة، بعد أن صلى المسلمون نحو 16 شهرًا باتجاه المسجد الأقصى.
كما تُعرف هذه الليلة بأسماء أخرى مثل "ليلة الغفران" و"ليلة البراءة"، حيث يُعتقد أنها ليلة تفيض بالرحمة والمغفرة، ويُكثر فيها المسلمون من الدعاء والصلاة وتلاوة القرآن، أملًا في البركة والرزق وقبول الأعمال.
ليلة مميزة في كوردستان
إلى جانب الطقوس الدينية، تُشكّل ليلة البراءة، مناسبة اجتماعية بامتياز، إذ تتزين البيوت بالأضواء، ويجتمع الأقارب والجيران لتبادل التهاني، بينما تعمّ الفرحة وجوه الأطفال الذين ينتظرون هذا اليوم بشغف كل عام.
ويؤكد الأهالي، أن "هذه التقاليد، رغم تطور الزمن، ما زالت حاضرة بقوة، وتعبّر عن قيم الترابط والمحبة التي تميّز المجتمع الكوردي".
وبين العادات المتوارثة والروحانيات، تبقى هذه الليلة واحدة من أجمل المناسبات التي تُوحّد القلوب وتنشر الفرح، وتؤكد أن التقاليد الأصيلة لا تندثر، بل تستمر مع الأجيال القادمة.
شفق نيوز