ميبس2024 للسلام وثلاث نقاط لافتة
شيروان الشميراني
منطقة الشرق الأوسط ونتيجة لمخلفات مقصودة لدول الاحتلال والمنتصرة في الحرب العالمية الأولى، أريد لها أن تعاني من الازمات المتتالية، وكان الشعب الكوردي هو أحد الأداة التي وظفتها تلك الدول لمآربها، كان يمكنهم تأسيس دولة له حاله حال الشعوب الأخرى في المنطقة، لكنهم قرروا عن علم وإصرار تقسيمه بين دول لا تكن له ودّاً، وهو الضحية الكبرى في هذا الشرق الذي لن يهدأ.
هذه المسألة كانت احدى النقاط التي أخذت حيّزاً مناسباً من الحديث، لكنها لا تدخل في النقاط الثلاث التي نريد الحديث عنها هنا في هذا المقال، ما نريد الكلام عنه هو التالي: -
1- لأول مرة ومن مسؤول كوردي كبير يتم التطرق الواضح الى قضية ربما لا تأخذ مساحة تستحقها في التفكير القيادي إلا ممن يحسون بالمسؤولية ويقدرون الأمور حق قدرها، وهذه القضية هي السلوكيات والعادات التي تقوم على الانتماء الديني الإسلامي والمسيحي في منطقتنا، الرئيس مسعود البارزاني تحدث في آخر محور من كلمته عن الفارق في العادات والاخلاقيات بين منطقتنا والمناطق الأخرى، فما يمكن أن يكون مقبولاً في أماكن أخرى ليس شرطاً قبوله عندنا، وبالتالي لا يمكن فرضه، واضح أن القصد من السيد البرزاني هو مسألة – المثلية الجنسية- أو ما يعرف ب – الشذوذ-، لإن محاولات جرت خلال السنوات المنصرمة من مؤسسات غربية، بدعم وضغط من قنصليات أجنبية وبعثات دبلوماسية ذات تأثير على الإقليم من أجل السماح وتشجيع المثليين تحت لافتة حقوق الانسان وأن الجسد ملكه وهو حرّ في التصرف به، وجعل المسألة الممنوعة إجتماعياً ليس مباحاً فحسب وإنما مقبولاً ولا يشكل حرجاً، لكن التطرق من طرف شخصية بمستوى السيد مسعود البارزاني وفي محفل دولي في الجامعة الأمريكية في كوردستان دليل على أن هناك شيء، وقد يكون هذا الشيء الموجود هو ضغوط تمارس على حكومة الإقليم لتتراجع عن منع وسحب رخصة تلك المنظمات المشجعة.
هذه الإشارة الجادة والمقصودة تحسب لصالح الرئيس البارزاني، وينبع ما قاله من حس كامل بالمسؤولية تجاه شعب ملتزم اخلاقياً، ويلفظ تاريخه وثقافته وأديانه هذا النمط من السلوك المجافي للفطرة والذوق والغاية من خلق الانسان على قانون الزوجية، ويأتي هذا التحذير منسجماً مع الإدارة الأمريكية الجديدة، فالرئيس الفائز كان من صلب برنامجه الإنتخابي أن الأسرة تتكون من رجل وإمرأة، وأن كل مؤسسة تشجع على التحول الجنسي يقطع عنها الموازنة والمساعدة، هذا ما قاله الرئيس الأمريكي المنتظر دونالد ترمب.
إن هذه المواقف ليست من منطلق سياسي فقط، وإن كانت تصب في النهاية في المصلحة السياسية، وإن موقف الرئيس الأمريكي يجب أن يستغل لرفع الضغوطات أو الضخّ المالي من القنصليات لنشر فكرة المثلية، كما أنه دليل على أن المثلية أو السماح لها ودعمها ونشرها ليس من التقدم الاجتماعي ولا يشكل مفصلاً من مفاصل الحداثة أو ترسيخ الحريات. وينبغي على كافة المؤسسات التي تتناغم مع تحذير السيد البارزاني اعلان الدعم له وجعل ذلك حالة شعبية في كوردستان.
2- في حديثه الصريح قال السفير البريطاني في العراق"ستيفان هيتشن" إن شيئاً وتغييراً صعباً يحدث خلال السنوات المقبلة، وقاله بصيغة تأكيد، أي أن كلامه لم يأت كجزء من سياق، او مجرد كلمات عبرت من مسافة الفراغ بين أسنانه ولسانه، وإنما كان يقصد ذلك، لكنه لم يقل كيف وماذا؟ سوى التأكيد على الصعوبة والطريق أو الإجراءات الموصلة الى ذلك التغيير، وبما أن الحديث كان يجري عن الشعوب وحقوقها وتغيير الحدود، وهو قد استبعد جزئياً تغير الحدود الفاصلة بين الشعوب في الشرق الأوسط والتي رسمت من طرف الوزيرين الفرنسي والبريطاني " سايكس -بيكو"، واعترف السفير بمسؤولية بلده وكان يشعر بالحرج من ذلك، ممازحاً كنت انتظر هجوماً على بلدي بمما أننا المسؤولون عن ذلك، أي تغيير قد يحدث؟، وهل هو لصالح الشعب الكوردي؟، لكن قناعتي ان العقلية البريطانية لم تتغير، ولا حتى الغربية تجاه حق تقرير المصير، والدليل على قولي هو ايما سكاي، البريطانية التي جاءت الى العراق في 2003 كموظفة خدمة في المجال المدني، ولم تجد مكانا تعمل فيه عند هبوطها من البصرة الى الموصل، حتى استقرت في كركوك لوجود فراغ إداري فيها، وعلا مقامها الى مستشار القيادة العسكرية ومن هناك الى العمل مع بول بريمر، كانت تسير على السياسة القديمة، وكانت تحافظ على الوضع الموجود الموروث من الحقب العراقية السابقة من دون تغيير رغم التغيير في النظام الحاكم، حتى أن السيد جلال الطالباني قال لها: إنهم يسمونكِ "ميس بيل" وهي البريطانية التي رسمت الحدود وقت الحرب العالمية الأولى واستثنت عن غاية الأمة الكوردية من دولة لها وحدها.
إن المشكلة هي أنهم يقولون بكل الحقوق لكنهم يخالفون لا يطبقون ما يقولون سوى القليل القليل منها.
3- النقطة الثالثة هي وجود حيدر العبادي في المنتدى، رئيس الحكومة التي ازدادت في حقبتها المظالم بحق الشعب الكوردي والتركماني في كركوك، واستعملت القوات المسلحة في الأمور السياسية والمدنية، الحكومة التي آذت إقليم كوردستان، وعينت حاكماً عسكرياً بصفة محافظ لكركوك وكالة، وكالة استمرت سبع سنوات عجاف، في زمنها ومازال تمارس القطعات العسكرية الموجودة هناك الظلم بحق القرى الكوردية والتركمانية، وتقوم بصيانة الوضع الذي خلقته قرارت مجلس قيادة الثورة، الرجل بدا وكأنه متبختر، وانه لم يتراجع عن كل مواقفه السلبية، وبدا كأنه يلمح إلى أنه سيحدث ما حدث لكم سابقاً، لكنه يعلم جيداً جداً أن الأمريكيين والإيرانيين هم الذين أعانوه وإلا ماكان يحدث ما حدث.
كوردستان24