ساعات حاسمة في السباق إلى البيت الأبيض.. هل تغيّر نتائج الانتخابات وجه السياسة الأميركية في الشرق الأوسط؟
جليل ابراهيم المندلاوي
بينما تستعد الولايات المتحدة لإعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، يقف العالم بأسره، وبخاصة منطقة الشرق الأوسط، في حالة ترقب مشحونة تجاه مستقبل السياسات الأميركية. تلك الساعات الأخيرة ليست مجرد انتظار لمعرفة الفائز، بل هي نقطة تحول قد تحدد مسار العلاقات الدولية والتوازنات الإقليمية في واحدة من أكثر المناطق توتراً على وجه الأرض.
فخلال الأشهر الماضية، خاض المرشحان الجمهوري والديمقراطي حملة انتخابية هي الأكثر إثارة للجدل، حيث تبادلا الاتهامات حول قضايا حيوية تمسّ مستقبل الولايات المتحدة داخلياً وخارجياً. ومع اقتراب لحظة الحسم، ترتفع حدة التوقعات بأن يشهد العالم تغييراً استراتيجياً في السياسة الأميركية، قد يعيد تشكيل علاقاتها مع العديد من الدول، خاصة في الشرق الأوسط، فلطالما كانت منطقة الشرق الأوسط محور اهتمام السياسة الخارجية الأميركية، لاعتبارات تتعلق بالاستقرار الإقليمي وأمن الطاقة.
ومع تضارب الرؤى بين المرشحين، باتت هذه الانتخابات أكثر من مجرد اختيار رئيس؛ إنها مفترق طرق، حيث سيؤثر القرار الأميركي في قضايا محورية تمس الشرق الأوسط، بدءاً من الملف النووي الإيراني، مروراً بالنزاعات في سوريا واليمن، وصولاً إلى جهود السلام في فلسطين.
وتنبع أهمية هذه الانتخابات من ارتباطها المباشر بالمصالح الأميركية في المنطقة؛ إذ يترقب الحلفاء، كإسرائيل ودول الخليج، والخصوم، كإيران، ملامح السياسة القادمة التي قد تدفع باتجاه تهدئة التوترات أو تصعيدها، حيث تعكس الانتخابات الرئاسية الأميركية، بصورتها الحالية، مدى تعقيد السياسة الخارجية لواشنطن، خاصة تجاه الشرق الأوسط الذي يمثل منطقة مصالح استراتيجية وتحديات متشابكة.
فهذه المنطقة تعد مسرحاً لتجاذبات إقليمية ودولية متصاعدة، تشمل صراع النفوذ بين القوى الإقليمية، وتزايد أنشطة الجماعات المتطرفة، وتدهور الأوضاع الإنسانية، مما يدفع باتجاه تساؤلات حول قدرة الإدارة الأميركية القادمة على لعب دور فعال لتحقيق الاستقرار.
تدرك العديد من الدول في الشرق الأوسط أن تغيّر القيادة الأميركية قد يحمل تغييرات جوهرية في طبيعة التحالفات والسياسات. فالدول الخليجية، على سبيل المثال، تترقب بشدة ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل التزامها بأمن المنطقة وحمايتها من النفوذ الإيراني، أم ستتجه نحو تخفيف التوترات مع إيران في إطار اتفاقيات جديدة.
هذا الترقب ينعكس على سياسات تلك الدول واستراتيجياتها الدفاعية، إذ قد تجد بعض الدول نفسها مجبرة على تعزيز تحالفات إقليمية أو تطوير قدراتها الذاتية لمواجهة أي فراغ أمني محتمل.
وفي الجانب الآخر، نجد إيران تنظر إلى نتائج الانتخابات بعين متوجسة، حيث تعتمد طهران على حسابات سياسية معقدة تتعلق بالعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها ومستقبل برنامجها النووي. ومن المحتمل أن تشهد المنطقة إما عودة إلى طاولة المفاوضات في حال فوز مرشح يتبنى سياسات مرنة، أو تصعيداً جديداً في حال فوز مرشح يصرّ على تعزيز الضغوط على إيران.
ورغم التوترات، يبقى تحقيق السلام الإقليمي هدفاً تسعى إليه دول الشرق الأوسط، لكنّ هذا الهدف قد يكون بعيد المنال ما لم تتبنَ الإدارة الأميركية الجديدة دوراً دبلوماسياً فعالاً. فالتجارب السابقة أظهرت أن للولايات المتحدة تأثيراً كبيراً في توجيه مسار عملية السلام، سواء من خلال الضغط على الأطراف المتصارعة أو دعم مبادرات السلام القائمة. إلا أن ذلك يعتمد على إرادة سياسية ورؤية شاملة تستطيع قراءة التحديات المعقدة في المنطقة، واستيعاب تنوع الأطراف وتوجهاتها.
في ظل الساعات القليلة القادمة، يبقى الشرق الأوسط في حالة ترقب. هذه الانتخابات قد تمثل لحظة فارقة، ليس فقط للولايات المتحدة، بل للعالم أجمع. إذ قد يكون للفائز تأثير مباشر على مسار الأحداث في الشرق الأوسط، إما عبر تحقيق تهدئة نسبية تمهد لاستقرار إقليمي، أو الدخول في مرحلة جديدة من التصعيد قد تؤدي إلى مزيد من التعقيد في المشهد السياسي العالمي.
إنها لحظة فارقة حيث تقف المنطقة عند مفترق طرق، وفي انتظار قرار سيحدد ليس فقط الرئيس الأميركي القادم، بل أيضاً اتجاه السياسات العالمية في زمن يشهد تغيرات وتحولات عميقة في موازين القوى الدولية، بكل المقاييس، هذه الانتخابات ليست مجرد تغيير في القيادة الأميركية، بل هي لحظة حاسمة ينتظر فيها العالم بأسره، والشرق الأوسط تحديداً، لمعرفة توجهات واشنطن القادمة. هل ستتخذ الإدارة الجديدة خطوات نحو الاستقرار والتفاهم، أم ستشهد المنطقة مزيداً من التوتر والتصعيد؟
وبصرف النظر عن هوية الرئيس القادم، تبقى الحقيقة الواضحة أن الشرق الأوسط يتطلع إلى دور أميركي يحقق التوازن بين المصالح، ويضع حداً للتوترات الإقليمية التي تشكل تهديداً للاستقرار الدولي.
كوردستان24