• Sunday, 20 October 2024
logo

لماذا يجب أن يدعم الجميع اللون الأصفر في كوردستان؟

لماذا يجب أن يدعم الجميع اللون الأصفر في كوردستان؟

د.محمد العرب

 

 اللون الأصفر في كوردستان ليس مجرد رمز سياسي، بل يعكس قوة استمرارية الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الذي يلعب دوراً حاسماً في المشهد السياسي والاقتصادي للمنطقة. من خلال تجربتي الخاصة  على مدار ثلاثين عاما في إعلام الأزمات والسياسات الدولية وزياراتي لـ 69 دولة لتغطية احداث مفصلية عاشتها وكانت سببا في تغيرات كبيرة ، أدركت أن دعم هذا اللون لا يتعلق فقط بالسياسات الداخلية لإقليم كوردستان، بل يتجاوز ذلك ليشمل مصالح استراتيجية واسعة النطاق تشمل الأمن والاستقرار الإقليميين، فضلاً عن الفرص الاقتصادية التي يوفرها هذا الحزب لمستقبل المنطقة.

تأسس الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة العائلة البارزانية، ليصبح رمزاً للاستمرارية والاستقرار في منطقة تعاني من التوترات الجيوسياسية المستمرة. منذ بداية تأسيسه، تبنى الحزب نهجاً عقلانياً يوازن بين حقوق الكورد ومصالح الحلفاء الإقليمين والمحليين ، ما جعله لاعباً مهماً ليس فقط على الساحة المحلية، ولكن في العلاقات الإقليمية والدولية. دعم هذا الحزب يعني دعم الاستقرار في منطقة تعتبر نقطة ارتكاز جيوسياسية في الشرق الأوسط، حيث تلتقي مصالح القوى الكبرى والإقليمية.

الحزب الديمقراطي الكوردستاني، ومنذ عقود، أثبت قدرته على قراءة المشهد السياسي بعمق، واتخاذ مواقف واقعية توازن بين المصالح الكوردية والمصالح العراقية. لقد أدار الحزب بشكل حذر علاقاته مع الحكومة المركزية في بغداد، ومع الدول المجاورة مثل تركيا وإيران وسوريا، وهو ما أتاح له أن يحافظ على مستوى من الحكم الذاتي لإقليم كوردستان مع استمرار الحوار السياسي، رغم الصعوبات.

دعم اللون الأصفر يعني دعم سياسة براغماتية تعتمد على الحوار وليس على الصدام، وهو ما يحتاجه العراق والمنطقة بشكل عام. في عالم السياسة المعقد، فإن الحكمة التي أظهرها الحزب في تعامله مع الأزمات المتعاقبة، خاصة فيما يتعلق بمسائل النفط والموارد الطبيعية، تشكل نموذجاً يحتذى به في إدارة النزاعات وتجنب التصعيد العسكري.

من الناحية الاقتصادية، يجب أن نرى دعم الحزب الديمقراطي الكوردستاني في سياق دور الإقليم كمنطقة غنية بالموارد، خاصة النفط والغاز الطبيعي. الحزب، الذي كان ولا يزال يقود الإقليم، تمكن من بناء شبكة قوية من العلاقات الاقتصادية مع شركات دولية في قطاع الطاقة، مما جعله شريكاً اقتصادياً هاماً على الصعيد الدولي. هذه العلاقات الاقتصادية لم تساهم فقط في تحسين اقتصاد كوردستان، بل وفرت استقراراً اقتصادياً للعراق بشكل عام.

الإقليم الكوردي، تحت قيادة الحزب الديمقراطي، يُعتبر بوابة لتدفق الاستثمارات الأجنبية إلى العراق، في وقت لا تزال بغداد تعاني من صراعات سياسية واقتصادية. دعم اللون الأصفر هنا يعني دعم المزيد من الاستثمارات التي قد تساعد في إنعاش الاقتصاد العراقي ككل، وضمان استدامة الموارد المالية للإقليم في ظل التوترات التي تهدد الاقتصاد الوطني.

الأمن والاستقرار هما الركيزتان اللتان يقدمهما الحزب الديمقراطي الكوردستاني للعراق والمنطقة. بالنظر إلى أن كوردستان تقع في منطقة تلتقي فيها مصالح دولية وإقليمية معقدة، فإن الحزب يمثل حجر الزاوية في الحفاظ على التوازن. خلال السنوات الماضية، تمكن الحزب من الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى بناء علاقات اقتصادية متينة مع تركيا.

تلك العلاقات الدولية ليست مجرد علاقات دبلوماسية عابرة، بل هي استراتيجيات متينة تساهم في تعزيز الأمن الإقليمي. في منطقة مليئة بالنزاعات الطائفية والعرقية، يدرك الحزب الديمقراطي أهمية الاستقرار كركيزة للتنمية، ولذلك يسعى دائمًا للحفاظ على علاقات متوازنة بين مصالح كوردستان وبين مصالح القوى الإقليمية والدولية.

على الرغم من التحديات التي يواجهها الحزب الديمقراطي الكوردستاني، إلا أن قيادته تمثل نموذجاً نادراً في الشرق الأوسط، حيث تسعى لتعزيز حقوق الإنسان وحرية التعبير في الإقليم. الإقليم الكوردي، مقارنة ببقية العراق، يتمتع بدرجة عالية من الحرية السياسية والاجتماعية، وهو ما يمكن أن يعزز من فرص التنمية المستدامة. دعم الحزب الديمقراطي يعني دعم قيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية التي يناضل من أجلها الكورد في منطقة مليئة بالقمع والصراعات.

ختاما اعتقد حازماً أن دعم اللون الأصفر في كوردستان ليس مجرد انحياز سياسي ضيق، بل هو استثمار في مستقبل منطقة تعاني من عدم الاستقرار منذ عقود. الحزب الديمقراطي الكوردستاني يقدم نموذجاً نادراً في الشرق الأوسط، حيث يتم الجمع بين السياسة الواقعية والتنمية الاقتصادية والديمقراطية. من خلال دعمه، يمكن أن نضمن استمرار الاستقرار في إقليم كوردستان، وأن نسهم في تحقيق ازدهار اقتصادي وسياسي أكبر للعراق ككل.

إقليم كوردستان، بقيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، هو شريك استراتيجي في مستقبل العراق والمنطقة، ودعمه يعني دعم الرؤية التي توازن بين مصالح الإقليم ومصالح العراق والعالم.

كاتب بحريني
خبير في شؤون المنظمات الدولية ، وخبير في الشأن الإيراني، ومهتم بالقضايا الإسلامية وشؤون الأقليات

 

 

 

باسنيوز

Top