• Sunday, 01 September 2024
logo

الفتوحات الكوردية لبلاد العرب

الفتوحات الكوردية لبلاد العرب

معد فياض

 

أرجو الانتباه مقدما بان مستهل هذا المقال "الغزو الكوردي للعرب" هو مجرد عنوان متخيل لسيناريو فيلم من الخيال العلمي.. سأتخيل فيه ان احداث التاريخ في منطقتنا قد جرت بعكس ما حدث تماما.. وارتب مجريات الامور حسب سيناريو هذا الفيلم السينمائي الافتراضي، وما دام الامر مجرد ضرب من ضروب الخيال، وفيلم سينمائي انا من يكتب احداثه ومسؤولا عن مجرياته، وليس من اهدافي الاساءة لاحد او لعشيرة او لدين او لمذهب او لقومية او لامة، فمن حقي ان اعرض الاحداث للمتلقين او المشاهدين كما اشاء.

لنتصور ان الهجرات لم تكن قد جرت من الجنوب الى الشمال، بل حدث العكس تماما، انها انحدرت من الشمال الى الجنوب، وان اراض الجنوب وخيراتها قد اغوت القادة على القيام بفتوحات مسالمة للجنوب، على غرار ما تسمى بالفتوحات العربية التي تبرقعت برداء ديني، مثلا، فإذا كانوا قد برروا غزواتهم من الجزيرة العربية لدول الشمال، فارس والاناضول وكوردستان وشمال افريقيا باعتبارها فتوحات وليس غزوات لقبائل عربية طمعا في الارض والنساء والغنائم، وإنما لنشر التعاليم السمحاء، فانا هنا استند الى نفس الحجج والتبريرات واقول، مثلا، وحسب سيناريو فيلم الخيال العلمي"الفتوحات الكوردية لبلاد العرب" ان قائدا كورديا قد قرر فتح بلاد العرب، وليس غزوها، لايمانه بان تعاليم ديانته الزارادشتية السمحاء جديرة بالانتشار والتعميم، وليس لفرض كتاب الافيستا، المقدس عند الزارادشتيين، على الشعوب التي سيتم فتح بلدانها، لا سيما وانها(الزارادشتية) اقدم الاديان، ولم يكن هناك اي دين توحيدي في المنطقة. ارجو ان تنتبهوا انه مجرد سيناريو فيلم خيال علمي لا اهداف عدائية من وراء افكاره.

لكن ليس في تاريخ الكورد اية تجارب مع الغزو، عفوا مع الفتوحات، فهم اقوام يعيشون منذ ما يقرب من 5 الاف سنة في اراضي وجبال كوردستان، وعلى مدى تاريخهم لم يعتدوا على اية شعوب مجاورة لهم او اقاموا المذابح الجماعية من اجل نشر دينهم ولغاتهم وعاداتهم وتقاليدهم، بل ان تاريخهم يشهد بانهم تعرضوا للعدوان والغزوات وسبي نسائهم وأسر رجالهم وقتلهم باقسى الطرق بما فيها الاسلحة الكيمياوية من قبل بقية الاقوام، الفارسية والعثمانية والعربية، وبعض هذه الغزوات التي حاولت ابادتهم حملت توصيفا دينيا(الانفال) وتحت حجج واهية، قومية ودينية ومذهبية، وكانت الاهداف الحقيقية لهذه الغزوات هي سبي نسائهم وقتل رجالهم وسرقة حلالهم وابادتهم، كما فعل ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية(داعش)، تماما مثلما استهدفت هذه الغزوات سبي الامازيغيات وقتل الرجال والسيطرة على اموال وخيرات شمال افريقيا، وصولا الى اسبانيا وايضا سبي الاسبانيات، ربما لتحسين النسل العربي، من خلال جمع مئات او الاف الجاريات وحسب ما ملكت ايمانهم.

ومثل هكذا شعوب، اعني الكورد الذين يفتقرون لتقاليد الغزو او فتح الدول الاخرى، فانهم، وحسب سيناريو الفيلم المتخيل، لم يسفكوا دماء الشعوب الاخرى التي فتحو بلدانها، ولم يسبوا نسائهم او يغتصبونهن، لسبب بسيط ان مبادئهم المتسامحة تحرم عليهم مثل هذه الممارسات، كما انهم يعشقون نسائهم ويجدونهن اجمل من سواهن في البلدان التي فتحوها بلا رفع الرماح والسيوف وجريان الدماء وترديد قصيدة صفي الدين الحلي: "بيض صنائعنا، سود وقائعنا..خُضر مرابعنا حمر مواضينا"، و"حمر مواضينا" تعني السيوف المطلية بالدماء. كما ان منجزهم الابداعي الشعري يفتقر لشعراء من هذا النوع، والدليل ان قصائد الشاعر الكوردي شيركو بيكه س تمجد الحياة والمستقبل والمحبة، وتنتصر لضحايا الانفال، هنا ساستدعي في سيناريو هذا الفيلم شيركو بيكه س وهو يتلو ملحمته الاثيرة" مقبرة القناديل"، كما ساستدعي الرسام الكوردي اسماعيل خياط ليزرع الصحراء القاحلة بملايين الورود البرية سوف تتجذر وتنبت حدائق ملونة، وساجعل موسيقى خلقية الاحداث دبكات كوردية يرقص على ايقاعها رجال ونساء واطفال لتزدحم ارواحهم بالتفائل والفرح.

لو حدث ذلك، وحسب سيناريو هذا الفيلم، لما جرت دماء، ولا أستعبدت شعوب، ولا تفرقت امم، ولا تناسلت احقاد وثارات حتى يومنا هذا، ولاجاعت قبائل من الاطفال والامهات والشيوخ، ولا تم تحريم الموسيقى والغناء، ولا ماتت الحياة في حلبجة برائحة التفاح السامة، ولا نحر الدواعش رقاب البنات والاولاد الغضة، ولا تاجل شرب الخمور حتى يوم الحساب، ولا اضطهدت امم وحرمت من لغاتها وثقافاتها، ولا غزتنا اميركا، ولا ضاعت فلسطين، ولا تحكم اللصوص بامر البلاد والعباد ولا قررالبرلمان العراقي تخريب قانون الاحوال المدنية 188 لسنة 1959 من اجل نزوات جنسية رخيصة ولا حللوا نكاح القاصرات.

سيداتي وسادتي، ارجو ان تتذكروا انه مجرد سيناريو لفيلم خيال علمي خال من الاحداث الحقيقية، هو ضرب من التصورات.. ليس إلا.

 

 

 

روداو

Top