• Monday, 23 December 2024
logo

الدكتور مناف الموسوي رئيس مركز بغداد للدراسات الأستراتيجية: أصبح تهريب النفط مصدر دخل للأحزاب الحاكمة في بغداد، وهو أكبر عائق أمام إقرار قانون النفط

الدكتور مناف الموسوي رئيس مركز بغداد للدراسات الأستراتيجية: أصبح تهريب النفط مصدر دخل للأحزاب الحاكمة في بغداد، وهو أكبر عائق أمام إقرار قانون النفط

خاص- كولان العربي

الدكتور مناف الموسوي رئيس مركز بغداد للدراسات الأستراتيجية والعلاقات الدولية، ومن الباحثين و السياسين العرب العراقيين، له أراؤه و وجهات نظره الخاصة حول مجمل الأحداث في العراق والمنطقة، له حضور دائم في مناقشة وتحليل الأحداث والمستجدات في وسائل الأعلام العراقية والدولية وفي اقليم كوردستان، وفي حوارنا لهذه الحلقة " قانون النفط والغاز الأتحادي.. قراءة وموقف" تحدث بكل صراحة وشفافية حول هذه المسألة المهمة والحساسة وطرح أراءه ومقترحاته بما يأتي:

بداية اود انْ اتقدم بالشكر الى قسم الثقافة والأعلام في الحزب الديمقراطي الكوردستاني لتنظيم هذا الحوار وجمع هذه النخبة المختصة، لكي نناقش معاً ونتحاور حول هذه المسألة الحساسة ألا وهي" قانون النفط والغاز الأتحادي.. قراءة وموقف".

 أريد أن أبدأ بالقول الشائع في العمل السياسي، أي أريد أن أتحدث "خارج الصندوق" وبصراحة، أولا وقبل كل شيء، إيقاف تصدير النفط من إقليم كوردستان هو عمل متعمد ووراءه أهداف سياسية.

لايوجد لدينا في الوقت الحالي قانون النفط والغاز الاتحادي، وكان من المفترض ان یتم اقراره مباشرة، بعد إقرار الدستور العراقي عام 2005، لاسيما وأن المادتين 111 و112 من الدستور العراقي تنصان على مسألة إدارة النفط والغاز، لذا كان يستوجب على البرلمان العراقي اقرار هذا القانون منذ ذلك الحين.

تحدث السادة الحضور في هذا الحوار، وكذلك مالمسناه من التقرير الميداني على السكرين والذين اشاروا الى الكثير من الأمور المتعلقة بهذه المسألة والى العوائق التي حالت دون اصدار هذا القانون، وبالطبع قد تكون لهذه القضية تأثيرات سياسية ودبلوماسية، ولكنني أريد أن أتحدث بصراحة أكبر من على هذا المنبر المهم وأحاول الإجابة على السؤال: "لماذا لايتم اصدار قانون النفط والغاز الاتحادي؟" ماهي الأسباب والعوامل التي تعيق إقرار هذا القانون؟

قبل كل شىء، عندما نتحدث عن ”قانون النفط والغاز الاتحادي”، فإن المشكلة الأساسية هي أن يتم الحديث عن هذا الموضوع وكأن هذا القانون خاص بإقليم كوردستان، وليس العراق بأكمله، هذا من جهة، ومن جهة اخرى إذا لاحظنا انه في كل مفاوضات تشكيل الحكومة الاتحادية فإن القضية الأهم التي تتصدر الأخرى والقضية الأساسية بين الإقليم والمركز هي مسألة قانون النفط والغاز الاتحادي وتطبيق المادة 140 من الدستور الخاصة بحل مشكلات المناطق المتنازع عليها، يتفقون على تنفيذ هاتين المسألتين خلال أربع سنوات من تشكيل الحكومة، لكن مرت عدة تشكيلات حكومية اتحادية وما زالت هذه القضايا معلقة ودون حل، ويجب أن تؤخذ هذه المسألة على محمل الجد.

تحدث أحد المشاركين الكرام في هذا الحوار وقال إن إقليم كوردستان أصدر في عام 2007 قانون النفط والغاز الخاص به، لكن هذا القانون تم الطعن فيه بناء على الدعوى رقم 59 لعام 2012 والدعوى رقم 112 لعام 2020 الموجه الى المحكمة الاتحادية، اصدرت المحكمة الأتحادية في عام 2022 قراراً بعدم دستورية "قانون النفط والغاز لأقليم" المرقم 22 لسنة  2007واصادر عن برلمان كوردستان، ، لمخالفته المواد 110، 111، 115، 121، 130-،  من الدستور العراقي لعام 2005، وبالتالي، وكناحية قانونية لهذه المسألة، فقد تم تعليق "قانون النفط والغاز" الصادر في إقليم كوردستان بموجب قرار المحكمة الاتحادية ولم يعد نافذاً.

والسؤال الأهم هنا هو، إذا كان قانون النفط والغاز في حكومة إقليم كوردستان مخالفاً لمواد الدستور، فلماذا لا يصدرون قانون النفط والغاز الاتحادي في ضوء المادتين 111 و112 من الدستور؟ وهو قانون مهم له علاقة  بحياة وحقوق مواطني العراق برمته وينظم قطاعاً حيوياً جدا في البلاد وهو قطاع النفط والغاز.

للإجابة على هذا السؤال، أتصور أن هناك عدة اتجاهات في هذه العملية، تتدخل لخلق معوقات أمام إقرار هذا القانون، أولها التدخل الإقليمي والأجنبي الضاغط لخلق معوقات أمام إقرار هذا القانون، لأن إقرار هذا القانون سيؤثر في النهاية على مصالحهم، فسوف يختلقون أعذاراً غير منطقية لعدم إقرار هذا القانون، مثل التهم التي يوجهها الأقليم والعراق الأتحادي لبعضهما البعض، لذلك خلق هذا الوضع بيئة معقدة، أعتقد أن قانون النفط والغاز الاتحادي لن يتم إقراره ولن يرى النور في الدورة البرلمانية الحالية.

التقطة الثانية وهي مهمة ورئيسية لمنع صدور هذا القانون هي "عملية تهريب النفط الممنهجة داخل العراق" وهذا التهريب للنفط داخل العراق تتم من قبل بعض الجهات، وتتعلق بالأطراف السياسية العراقية، ومع ان البرلمان العراقي أصدر عام 2008 القانون رقم 41، بأسم “قانون منع تهريب النفط”، إلا أن هذا القانون فشل في إيقاف عملية تهريب النفط داخل العراق، لذلك اصبحت هذه العملية مصدر دخل للكتل والأحزاب التي تتولى السلطة في بغداد، والتي غدت أكبر عائق يحول دون إقرار هذا القانون.

النقطة الثالثة التي أصبحت عائقاً والتي اطرحها عليكم بكل صراحة، هي مسودة مشروع القانون المقدم من الحكومة الاتحادية لإنشاء المجلس الاتحادي للنفط، ان طعن الأقليم في مسودة مشروع الحكومة الأتحادية هو  أن وجود الإقليم في هذا المجلس لن يكون ضرورياً، أو أن لن يكون للأقليم تمثيل حقيقي في المجلس لماذا؟ لأنه تم توجيه مقترح في هذه المسودة الى المجلس الاتحادي للنفط يتكون من "رئيس مجلس الوزراء الذي سيكون رئيساً للمجلس، ووزير النفط الاتحادي، ووزير المالية، ومحافظ البنك المركزي، وممثلي الأقاليم والمحافظات الأخرى المنتجة للنفط" يكونون أعضاء في هذا المجلس.

وعليه فإنّ هذا الهيكل المقترح للمجلس الاتحادي للنفط وإذا تم إنشاؤه بهذا اشكل، فهو يتعارض بشكل واضح جداً مع مبدأ الشراكة التي يجب توفرها بين الحكومة الاتحادية والأقليم والمحافظات المنتجة للنفط.

أما الاشكالية الرابعة والتي أصبحت عائقاً بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية، فهي أن إقليم كوردستان يطالب بتنفيذ قانون النفط والغاز الاتحادي التي يتم اقراره بحيث يشمل الحقول النفطية المكتشفة من قبل عام 2005. وفي المقابل، تعتبر الحكومة الأتحادية طلب الأقليم هذا الخروج من المسؤولية، لأن المادة 111 من الدستور العراقي تنص على أن: النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات، لذلك فإن إصرار إقليم كوردستان على ضرورة أن يشمل قانون النفط والغاز الاتحادي أيضاً حقول النفط المكتشفة قبل عام 2005 يشكل عائقاً آخر أمام إقرار هذا القانون.

الأشكالية الأخرى هي مسألة "توقيع العقود النفطية مع الشركات العالمية"، وفي هذا الشأن تصر الحكومة الاتحادية في مسودة مشروع قانونها على أن وزارة النفط وحدها هي التي لها الحق في توقيع هذه العقود، وانّ شركة سومو وحدها لها الحق في تسويق وبيع النفط، ولاتوجد هناك  مشكلة حول بيع النفط، وقد توصل الأقليم والحكومة الأتحادية إلى اتفاق بشأن ذلك.

ورغم أن هذه المشكلات والعقبات الموجودة أمام إقرار قانون النفط والغاز الاتحادي، إلا أنني على قناعة بأنه إذا توفرت الإرادة الحقيقية والنية الصادقة فإن أياً من هذه العقبات لن تعيق تنفيذ هذه العملية، واقرار قانون النفط والغاز.

أشار أحد السادة المشاركين في هذا الحوار الى أنه "إذا صدر القانون كما تصر مسودة المشروع الحكومة الاتحادية فمن الأفضل عدم إقراره، لأنه من منظور اقليم كوردستان يفرض على الأقليم شروطاً لا تتوافق مع الدستور"، وبدون شك هذا الرأي هو حقيقة لأنه يحق للإقليم بموجب الدستور المشاركة في عملية إدارة قطاعي النفط والغاز.

وفي ختام حديثي أود أن أؤكد مجدداً واكرره أننا نواجه عددا من المشكلات التي تشكل كلها عوائق أمام إقرار قانون النفط والغاز الاتحادي.

واذا لاحظنا انّ أي من الاتفاقيات المبرمة بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية، بما فيها الاتفاق الأخير لتشكيل حكومة محمد شياع السوداني تمت اضافة بند لبرنامجه الوزاري وهو "إصدار قانون النفط والغاز الاتحادي في هذه الدورة" من البرلمان العراقي.

لكن والى هذا الوقت الذي نناقش فيه هذه المسألة، نرى أن عملية تهريب النفط داخل العراق مستمرة، وتستمر الجهود لتأجيل إقرار قانون النفط والغاز الاتحادي للدورات الأخرى للبرلمان، وادخالها ضمن مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة.

وأخيراً ما أريد أن أقترحه على إقليم كوردستان في هذه الجلسة من الحوار هو أن مسألة اقرار قانون النفط والغاز الاتحادي مهمة انصر جميعاً على اصدار هذا القانون، وهذه المسألة لاتقتصر على إقليم كوردستان فحسب، بل تشمل أيضاً جميع المحافظات المنتجة للنفط، لذلك من المهم لأخواننا في البصرة التي تعتبر من أكبر المحافظات المنتجة للنفط وكذلك محافظة العمارة، والآن محافظة واسط حيث تم فيها اكتشاف عدة آبار نفطية، لذا يجب أن نطلب من تلك المحافظات ممارسة ضغط جماهيري على الأطراف السياسية والحكومة الاتحادية لاقرار هذا القانون المهم" قانون النفط والغاز الأتحادي"، الذي سيحمي الدخل الحقيقي للمواطنين والأجيال القادمة،إذا تمكنّا من العمل على بناء استراتيجية حقيقية لحماية الإيرادات الحقيقية،  والأهم من جميع الإيرادات هذه، "النفط" بحيث يتم توزيع عائدات هذا النفط بالتساوي على جميع المواطنين العراقيين.

 

 

 

 

Top