• Wednesday, 03 July 2024
logo

نيچیرڤان بارزاني: یجب أن نولي المزيد من الاهتمام بالفن والثقافة

نيچیرڤان بارزاني: یجب أن نولي المزيد من الاهتمام بالفن والثقافة

شارك فخامة نيچیرڤان بارزاني رئيس إقليم كوردستان، مساء  (الاثنين، 27 أيار 2024)، في مراسم الإعلان عن (مركز كوردستان للفنون والثقافة) التي أقيمت في مدينة هولير.

وخلال المراسم، ألقى فخامة الرئيس نيچیرڤان بارزاني كلمة.....  جاء في نصها:

الحضور الكرام،

طاب مساؤكم..

يسعدني أن نكون معاً هذا المساء في مناسبة مختلفة، بعيداً عن عالم السياسة، لنتحدث عن الفن والتراث وعالم اللغة والثقافة. أتقدم بجزيل الشكر لهؤلاء الشباب الأعزاء الذين دعوني للمشاركة في مراسم الإعلان عن (مركز كوردستان للفنون والثقافة).

في خضم كل هذا الضجيج والأحداث السياسية التي تحيطنا في كل حين، تعدّ كل مناسبة كهذه فرصة تذكرنا بأن الحياة ليست مقتصرة على السياسة، وأن الفنون والثقافة جانب مهم وجميل ذو معنى في الحياة. ومن المهم بصورة خاصة لشعب كوردستان أن يحافظ على ثقافته وفنونه ولغته وأدبه وتراثه وتاريخه، لأن هذه الأمور هي التي تؤلف هويته القومية والوطنية.

أثني من القلب بحرارة بالغة وأبارك لهؤلاء الكرام الذين ابتكروا فكرة تأسيس هذا المركز، وعملوا باستمرار بدون كلل أو ملل حتى بلغوا هذا اليوم وأقاموا هذا المركز على قدميه. أنظر بتقدير وامتنان لجهودهم وأعمالهم وأؤكد كل المساعدة والدعم لإنجاح أعمالهم ورسالتهم وهدفهم من مشروعهم.

أيتها السيدات والسادة..

إن الكورد والكوردستانيين أصحاب تاريخ وتراث ثريين للغاية ومتنوعين. ولهذا عجز القمع والاضطهاد والحظر والإنكار والعنف والسلاح، وكل ما مورس على مدار التاريخ وبطرق منظمة وممنهجة من خططِ وسياساتِ المحو تجاه الكورد وكوردستان وثقافة هذا الشعب وهذا البلد، عجز عن القضاء على التراث الجميل والثري لهذا البلد.

إن سر بقاء الكورد وشعب كوردستان، رغم كل الكوارث والمصائب التي حلت بنا على مدار التاريخ، يكمن في الرغبة والإرادة وحب حماية لغتهم وثقافتهم وفنهم وأدبهم، وقد قدم الكورد وشعب كوردستان أنموذجاً منقطع النظير في هذا السياق.

وهنا أذكّر بمقولة للشاعر الكبير (حاجي قادري كويي) بينت هذا الموضوع الهام باختصار شديد وببعض كلمات.

يقول حاجي قادر:

الكتب والقراطيس والتاريخ والورق

لو أنها كتبت باللغة الكوردية

لكان علماؤنا وشيوخنا وزعماؤنا

قد خلد اسمهم وذكرهم إلى يوم يحشرون

ولو ألقينا نظرة على التاريخ، لوجدنا أن شعب كوردستان استطاع امتلاك لغة للكتابة فقط في فرص وفسحات وجود الحرية. على سبيل المثال، ما كان ليبرز بيننا (ملايي جزيري) و(أحمدي خاني)، لولا أن إمارة بوتان كانت قائمة، ولما برز (نالي) و(سالم) لولا وجود إمارة بابان، وهناك من الأمثلة الكثير.

في عهد حكومة الشيخ محمود الخالد، بدأت الصحافة والكتابة الكورديتان بالازدهار، وفي جمهورية كوردستان وخلال عام واحد فقط كانت هناك ثورة في اللغة والثقافة الكورديتين، وبعد اتفاقية آذار سنة 1970، وكذلك بعد تشكيل حكومة إقليم كوردستان في العام 1992، فتحت الأبواب كلها على مصاريعها في وجه اللغة والفن والثقافة الكوردية.

وهنا تجدر بنا الإشارة إلى الشيخ عبدالسلام البارزاني الذي طالب باستخدام اللغة الكوردية، في مذكرة قدمها للسلطات العثمانية في مطلع القرن العشرين. لقد جئنا بكل هذه الأمثال لنقول إن اللغة والثقافة والفن والكتاب والسينما والمسرح، كل هذه الأمور كانت العمود الفقري لحقوقنا ومطالبنا وتطلعاتنا وخططنا، وأؤكد لكم أننا سنؤدي واجبنا الملقى علينا في هذه المجالات.

أيتها السيدات والسادة..

صحيح أننا لفترة طويلة وبسبب الأوضاع الصعبة والافتقار للقدرة على الأرشفة، أضعنا ثروة وكنزاً ثرياً فنياً وثقافياً، من آلاف الأعمال الموسيقية إلى مئات الأساطير والنصوص الأدبية والمخطوطات القيمة للعلماء والأدباء واللوحات والصور الفنية، لكننا رغم ذلك ما زلنا نملك واحداً من أغنى الفنون والثقافات الإنسانية.

نعم، لقد أدت الأوضاع السياسية دائماً إلى خلق أولويات أخرى، ولكن رغم ذلك وخلال أكثر من ثلاثين سنة تلت الانتفاضة في إقليم كوردستان، جرت خدمة المجال الثقافي قدر الإمكان. لكن من المؤكد أنه لا يزال هناك الكثير لإنجازه ويجب إيلاء اهتمام أكبر بكثير بكل جوانب هذا المجال وتطويره على كل المستويات.

ولتحقيق هذا، هناك حاجة ملحة إلى مراجعة جادة للسياسة الثقافية في إقليم كوردستان. ومن المهم جداً للجهات الرسمية والمؤسسات العاملة في المجال الثقافي، بدءاً بالأفراد ووصولاً إلى الأجهزة والمؤسسات المتخصصة في مجالات الفنون والثقافة، أن تتعاون معاً باستمرار وتتشارك. لأن فنوننا وثقافتنا الثرية قادرة على عرض وجه كوردستان على العالم بمظهر أجمل.

إن المبادرات ووجود أجهزة ومؤسسات مثل هذا المركز للاهتمام بالفن والثقافة، يمكن أن تقدم خدمات جليلة وتحافظ على ثروة ثقافية ثمينة جداً في كوردستان. إن أرشفة ورقمنة المخطوطات والوثائق والكتب القديمة والنادرة المحبوسة في المكتبات الخاصة وثنايا البيوت، عمل غاية في الضرورة والأهمية لحفظها من الفناء والاندثار.

إن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يوفران الآن فرصاً وقدرات عظيمة، يمكن أن تساعدنا كثيراً في عملية تسجيل وحفظ وأرشفة تراثنا الثقافي، وتقدم لنا المساعدة والعون والتسهيلات الجيدة. إن ما أنجزه هذا المركز الآن في هذا المجال وفي مختلف مناطق كوردستان، هو حقاً بداية جيدة جداً لأعمالهم، وهو موضع ثناء وتقدير، ويجب أن يجري دعمه بكل الطرق.

ولا بد أن نقول إن الأستاذ الكريم مظهر خالقي وفريقه في معهد التراث الكوردي، سبق وأنجزوا عملاً كبيراً وقيماً. وهم يواصلون العمل منذ سنوات، فحفظوا ثروة غنية من الموسيقى والأعمال الفنية الكوردية بمستوى وجودة عاليين وبأسلوب منظم، ومن هنا، ومع التقدير، أشد على أيدي هؤلاء الكرام. وأرجو لسيادته الاستمرار والنجاح.

في هذا المجال أيضاً، تعد ترجمة الأعمال الكوردية إلى اللغات الأخرى عملاً مهماً ولازماً. وفي هذا السياق أيضاً، فإن التكنولوجيا عون جيد، وهي تسهل الوصول إلى كل مكان. وقد سمعت أنهم بدأوا هنا برائعة الأستاذ هژار موكرياني (چێشتی مجێور) فترجموها إلى الانكليزية. إنه عمل جيد جداً أشد على أيديهم من جديد لهذا الإنجاز.

من هنا، أبارك مرة أخرى للجميع على مباشرة هذا المركز أعماله، ولهؤلاء الشباب الحريصين على الثقافة وحماية اللغة والأدب الكورديين. أشكرهم جميعاً سواء الموجودين منهم في الداخل أو الذين جاؤوا من الخارج وساعدوهم في كوردستان وفي الخارج. علينا أن نقدم المزيد من الخدمة لهذا المجال ليصبح جسراً يرتبط بنظرائه في العالم، ونحن سنكون العون والسند لهم.

أكرر ثنائي لكم وأرجو للجميع يوماً طيباً..

شكراً جزيلاً..

Top