كيف تحولت الديمقراطية في العراق من غاية إلى وسيلة!
مهند محمود شوقي سعيد
تعرف الغاية بأنها مجموعة من الأهداف المخطط لها مسبقاً والتي يسعى الفرد من أجل تحقيقها والوصول إليها وهذه الأهداف يمكن أن تكون أهداف شخصية تخص الشخص نفسه أو أهداف مؤسسية تخص شركة ما ينتمي إليها أو مؤسسة كبيرة تضع لنفسها خطط مستقبلية تهدف لتحقيقها .
ولعل الغاية في العراق الديمقراطي الفيدرالي الجديد كانت مجتمعة لذات الأهداف التي انطلقت من مؤتمر المعارضة العراقية في كل من نيويورك عام 1999 وما سبقها في مؤتمرات النمسا وأربيل وصولا إلى مؤتمر لندن عام 2002 والذي ثَبَت أسس الديمقراطية في العراق القادم الجديد !!! ووضع نقاطه الاثنين والعشرين كأساس لدستور سيصوت عليه فيما بعد من قبل الشعب ليكون وثيقة شرف! تقتضي الزاما أن تنصف الجميع! وأقصد بالجميع هنا الشعب العراقي أولا الذي دفع ثمن حكم الدكتاتورية دما من خلال سلطة حكم حكمته ما يقارب الثلاثين عام وأقحمته في حروب لتسلم فيما بعد سلطتها إلى المجهول وهي تواجه أمريكا بشعب قتله الحصار ! وبصواريخ وأسلحة كيمياوية استنفذتها في قتل الكورد قبل ذلك في الانفال وحلبجة عام 1988 !!!!!!
دعوني انتقي خلاصة اجتماع لندن بالاستناد على النقطة الثانية من الاثنين والعشرين والتي تؤكد ومن خلال الحضور بأن مستقبل العراق والديمقراطية سيكون على النحو الآتي: العراق دولة ديمقراطية برلمانية تعددية فدرالية (لكل العراقيين) وانطلاقا من اعتماد مفهوم إنساني وحضاري للمواطنة في العراق قائم على أساس عدم التمييز بسبب العرق أو الدين أو الجنس أو المذهب, يؤكد المؤتمر ضرورة وضع دستور دائم للبلاد يراعى فيه تركيبة الشعب العراقي ويفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ويلتزم بمبدأ سيادة القانون ويصون حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة ويحترم مؤسسات المجتمع المدني.
إذن كانت الفكرة من الطرح لبناء عراق ديمقراطي جديد هي غاية وطموح وأهداف قبل أن تكون وسيلة!!! فيما بعد تعيد لنا الفكر (الشوفيني) بلغة الفرض والأغلبية وتجعل من المكونات الاساس أقلية! ومن الكورد انفصاليين بعد العصاة اتهاما في زمن الدكتاتورية! من خلال لغة القوانين الشوفينية التي تتيح لها التفسير والاقرار لتستثني بقراراتها كل الاعراف التي بني على اساسها العراق الديمقراطي الجديد تذكيرا بالنقطة الثانية والتي أزعم انها كونت شكلية العراق الديمقراطي على أقل تقدير من دون الدخول إلى لعبة متاهات التفسير!
عشرون عاما وها نحن ندخل العام الجديد بعد العشرين وما زلنا نخوض غمار ذات التجربة!
ومن تلك التجربة مازلنا نتساءل: هل أن قبول الشراكة في العراق الديمقراطي الجديد أقحمنا في شرك التفسير ؟ أم ان العقلية الحاكمة في البلاد تعيد استنساخ أعراف سلطات الامس لتتخذ ذات الايديولوجيات مواقعها مع ظاهرية تغير الحكام والاحكام وشكلية السلطات!
باسنيوز