ذكرى ميلاد الزعيم والقائد الكوردي الكبير ملا مصطفى بارزاني
ماكسيم روبين
مقالي هذا جاء بمناسبة الذكرى 121 لميلاد الزعيم والقائد والوطني الكوردي الكبير ملا مصطفى بارزاني.
لقد أصبح ملا مصطفى بارزاني شخصية روحية لدى الشعب الكوردي، ناضل من أجل حرية وحقوق شعبه. في العام 1946، شارك مع زملائه المخلصين ورفاقه في الفكر في تأسيس أول دولة كوردية مستقلة في التاريخ الحديث، وهي جمهورية كوردستان، التي كانت مدينة مهاباد عاصمتها. لكن وبدلاً عن السعادة والفرح، سرعان ما طغت على الدولة الجديدة حملة قتل جماعي دموية.
كانت جمهورية كوردستان ثمرة جهود مشتركة للاتحاد السوفييتي والشعب الكوردي. حيث فرض جيش الاتحاد السوفييتي منطقة حظر طيران في أرض شرق كوردستان. كانت هذه الأرض محمية وملائمة للبيشمركة الكورد بقيادة وزعامة بارزاني للبدء باستحصال المكاسب والحقوق من شاه إيران. في ظل هذا النوع من التعاون، كان ممكناً تأسيس هذه الدولة الكوردية. لكن، ونتيجة للتغيرات الجيوستراتيجية وفي موازين القوة في المنطقة والعالم، لم يكن ممكناً للأسف الحفاظ على صداقة القوتين المتمثلتين في السوفييت والكورد.
رحل ملا مصطفى بارزاني وجيشه المقدام مضطراً عن المنطقة، وواجه ملا مصطفى بارزاني مع 500 من رفاقه ولفترة طويلة حصاراً غير متناه. فتمكنوا من مجابهة الهجمات العسكرية الإيرانية والعراقية والتركية والتغلب على العقبات التي واجهتهم. ثم بعد تذليل العديد من العقبات وعبور الجبال الوعرة وصعودها والنزول منها وصلوا إلى نهر آراس والحدود السوفييتية. تجدر الإشارة إلى أنه بفضل ذكاء وكفاءة قيادة ملا مصطفى بارزاني، أصبح ممكناً أن يعبر جيشه كاملاً نهر آراس بدون وقوع أي خسائر بالأرواح تذكر. هذا الحدث هو بمثابة ملحمة وأسطورة حقيقية تدل على قوة وشجاعة ملا مصطفى وجيشه، ليس عند شعب كوردستان وحده بل عند العالم كله.
بعد عناء كبير ومشقة، تمكن ملا مصطفى بارزاني ورفاقه من نيل اللجوء والمساندة من الاتحاد السوفييتي الذي كان دولة صديقة للكورد. فليس من باب الصدفة أنه خلال مقابلاته مع وزير الخارجية الروسي السابق يفغيني بريماكوف (عند إجراء تلك المقابلات مع ملا مصطفى بارزاني، كان يفغيني بريماكوف صحفياً في جريدة برافدا) أعلن ملا مصطفى بارزاني أن "الاتحاد السوفييتي (روسيا) هو أبي".
لقي البيشمركة الكورد بقيادة زعيمهم الأبدي استقبالاً حاراً في الاتحاد السوفييتي وتم تأمين السكن والطعام والرعاية الطبية لهم. ثم قدم الاتحاد السوفييتي التدريب العسكري والتعليم في مراكز التعليم بالاتحاد السوفييتي لمصطفى بارزاني وجيشه. فأكمل ملا مصطفى بارزاني الدراسة السياسية والعسكرية في أفضل مؤسسات التعليم العسكري بالاتحاد السوفييتي (أكاديمية ميخائيل فاسيليفيتش فرونزي). أقام ملا مصطفى بارزاني حتى العام 1958 في عاصمة الاتحاد السوفييتي وخصصت له السلطات السوفييتية شقة في موسكو. توجد على الدار حالياً رقعة تذكارية تشهد على نضال شعب كوردستان والبارزاني.
مكثت القوة والبيشمركة الكورد نحو 12 سنة في الاتحاد السوفييتي، وخلال هذه الفترة أصبحوا جزءاً من المجتمع السوفييتي وكونوا عوائل وولد لهم أولاد وتعلموا اللغة وتعرفوا على ثقافة الروس. لهذا فإن كثيراً من أولاد وأحفاد المحاربين الكورد قد ولدوا ونشأوا في الاتحاد السوفييتي، وهم يتحدثون بعاطفة جياشة عن فترة طفولتهم التي قضوها في روسيا.
تاريخ مهم وطويل من الصداقة بين روسيا والكورد يحفل بهذا النوع من الأحداث، وأثمر فهماً واضحاً الآن، يتمثل في أن موقف الكورد الحالي من روسيا هو امتداد للعلاقات الراسخة التي أسس لها ملا مصطفى بارزاني. لهذا فإن صداقة ودعم علاقات روسيا مع الشعب الكوردي – حقيقة وظاهرة تاريخية.
بقلم القنصل العام الروسي في أربيل.
روداو