• Saturday, 27 April 2024
logo

الخامس من اذار في نظرتين

الخامس من اذار في نظرتين

فاضل ميراني
مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني

نظرتان مختصرتان، اولهما في تفاعل الحدث الذي تفجرت بعده الانتفاضة، و فيه تشترك عواملنا و عوامل الاخرين سلبا و ايجابا، و الثانية هي نظرة في العقلية التي ضغطت بضيق فكرها فأنتفضنا ضدها و اودت بنفسها الى زوال و ان لم يكُ زوالا كليا، فبقايا افكارها و بعض اتباعها موجودا بهويته او تمارس هويات اخرى افعاله.
كلامنا يفهمه المناضلون و الباحثون عن حقائق التاريخ ممن لا يريدون ان يكرروا اخطاءه او تقع عليهم اخطاء الشمولية و الاقصاء و الاستبداد بالرأي.
في الخامس من اذار سنة ١٩٩١تفجر البركان الشعبي بوجه السلطة السابقة في جمهورية البعث العراقي، لم يكن عمق الانتفاضة تاريخا و مضمونا عمقا يسيرا، بل كان بعيد الغور مزدحما بالجثث و الصرخات و الانفال و القتل الجماعي و السجون و الحصار، و منطق الامور اذا سارت بما سار عليه نظام مثل نظام الحكم السابق فليس امامه الا مثل ما حصل في سنة ١٩٩١، خاصة لما ذهب بين الغرور و التغطية على تضخمه الامني و العسكري فأحتل الكويت بدعاوى تاريخية لا تصمد امام الواقع و القانون الدولي و العلاقات المنظمة للحدود و السيادة.
الحزب الديمقراطي الكوردستاني كانت له اليد الطولى داخليا و اقليميا في مواجهات امتدت لعقود مع النظام، مواجهات سياسية و عسكرية، وللحزب حراكه و تنظيماته الداخلية و يحسب له ان مواجهاته و تحت اصعب الظروف كانت نقية من الارهاب او الاعمال المضرة بمصالح الدولة، فنحن نفرق بين سلطة منقلبة لتصل للحكم و بين الدولة التي نحن منها و لنا نصيب في تقويم مسارها.
كل الامور كانت تسير نحو اعلان واقع جديد، تزول بموجبه سلطة مفروضة على شعبنا بكوردستان، و تتشكل فيه نواة ستفرز بوقت قياسي منظومة اسفرت عن انتخابات عامة ليتشكل برلمان كوردستان و حكومته في داخل ارضنا لا في المنفى او المهجر او الملتجئ.
كان النظام قد قلب قبل ذلك الواقع فجعل الاستثناء قاعدة، و جئنا فصوبنا الحال لتكون القاعدة المنطقية بمكانها و ليذهب الاستثناء مع السلطة التي فرضته على شعبنا لسنوات.
نضالنا مع اخوتنا شعبا و حركات، و العامل الدولي، وقعدة حقنا، شكلوا مثلث التغيير، و قد كان و عمت الانتفاضة كوردستان، وها قد اقتربت الانتفاضة من ربع قرن الا قليل، تقدمت فيها كوردستان شعبا و ارضا تقدما قياسيا كان يمكن ان يكون افضل و ابعد لولا تضارب مصالح اقليمية اشتركت فيها قسم من ارادات داخلية معروفة فكانت سببا في وجود و تكرار تضحيات و خسارات سجلها التاريخ و سيذيعها بتجرد.
اما النظرة الثانية، فهي التي يجب علينا ان نرقبها بذكاء و ان نحث صناع القرار على تجنب حصيلتها، فالقرار السياسي يجب ان تتخذه عقلية تفرق بين العناوين، فتعرف ما هي اختصاصات الادارة و ماهي حدود الحزبية، وان لا تخلط بينهما و تتوهم ان القيادة ارث في العراق، فزمان القائد الضرورة تنتجه الظروف لا شهوة النفس و لا ضعف الاخرين، والتاريخ يجب ان يدرس لا لاثبات خطأ فلان و صواب خصمه و حسب، بل لمنع تكرار خصومة وقودها الناس و الوطن، ونحن اكثر الناس تضحيات في هذا الدرب، فما ان زال عنا من قصفنا بالغاز حتى طل علينا من يصفي موهوم حساباته بالصواريخ و المسيّرات.
ان تركيزنا و تكرارنا للحديث التنبيهي هذا غايته ان نحول دون اصابة اخرين بلوثة من فكر حكم يعتقد الناس و دمهم و اموالهم حقا الهيا له.
لقد ثرنا و انتفضنا و قاومنا من هو اشد و اعتى، لكن العمران هو افضل لارضنا و الامان و التعليم و الاكتفاء و الكرامة و التحضر هو البرنامج الاوجب لشعبنا، ولذا فنحن نهب حياتنا و ما فيها حتى لا يعود شبح الماضي بوجه و اسم و خديعة اخرى ليغامر بشعبنا مثل سابقيه.
مباركة ذكرى الانتفاضة.

 

 

صحيفه الزمان

Top