الغيرة المفرطة للزوج «مرض» يتسبب بدمار العائلات
الغيرة كلمة ارتبطت بالحب والرجل أكثر مما هو مرتبط بالمرأة على مدار الزمن، فالكثير من الأسر تفككت بسبب غيرة الزوج المفرطة على زوجته، حيث كانت طريقا سريعا ومختصراً لطلاق المرأة وهروبها من الرجل الذي خنقها بسبب غيرته الزائدة، مما جعل العيش معه تحت سقف واحد مستحيل.
وبحسب ذوي التجارب من الأزواج، فإن الغيرة تنتج عن الحب، ولكن في أغلب الأحيان تنتج عن عدم الثقة والشعور بالنقص وحب التملك.
نوعان من الغيرة
وفي هذا الصدد، تقول الباحثة الاجتماعية إسراء عبد الحميد المشهداني في حديث ، إن «هناك نوعان من الغيرة، الأولى هي الغيرة المحمودة والتي تعبر عن حرص الإنسان وخوفه على المقابل ومحاولة حمايته والمحافظة عليه، وهذه الغيرة يتم التعبير عنها بشكل إيجابي وبشيء من الرحمة والمودة»
وتضيف: «أما النوع الثاني من الغيرة فيعتبر سلبياً ويؤثر على شريك الحياة بشكل غير جيد، يعبر عنه الشريك بالعنف وافتعال المشاكل وتقييد حرية الزوجة كمنعها من الذهاب إلى أهلها او الخروج برفقة أصدقائها أو حتى الذهاب إلى السوق ومراقبة هاتفها دوماً، مما يتسبب بضغط نفسي للمقابل وبالتالي الهروب من هذه الحياة واتخاذ قرار الفراق أو الطلاق كما نسميه بالمجتمع».
وتتابع المشهداني، أن «الغيرة عندما تتجاوز الحد المعقول تتحول إلى دائرة الشك، فيغلق الرجل على عقله وتفكيره ويبقى في حدود الشك الذي بالتالي يدمر علاقته بالزوجة ويتسبب إما بالانفصال أو عيش حياة زوجية تعيسة تؤثر على الأسرة بأكملها».
للغيرة «حدود»
وبحسب البحوث والدراسات، فإن هناك عدة علامات تدل على أن الزوج يغار وبشكل سلبي على زوجته، في مقدمتها انتقاد الزوج لكل ما ترتديه الزوجة سواء كان محتشم أو غير محتشم، وعدم وجود مساحة شخصية للزوجة، لأن الزوج سوف يتدخل بأدق تفاصيل يوميات الزوجة، ومراقبة هاتف الزوجة وتفتيش الرسائل والمكالمات والتحقيق معها حول من ولماذا المتصل، ومنع الزوجة من أصدقائها، والانزعاج من إطراء الآخرين على زوجته.
إحدى ضحايا غيرة الزوج، مروة حسن، مطلقة ذات 33 عاماً ولديها ولدان، تحدثت عن تجربتها مع زوجها «الغيور» قائلة إنه في بداية زواجهم كان زوجها يغار ولكن ليس بالشكل الذي يجعلها تشك أن لديه غيرة مفرطة سوف تؤدي إلى فشل حياتهم الزوجية، ولكن مع مرور الوقت تقول مروة، إن «الحياة أصبحت لا تطاق» مع زوجها فقد منعها من الخروج من المنزل بشكل قطعي إلى درجة أنه كان يشتري لها حتى ملابسها الداخلية وفرشاة أسنانها ونوعية الصابون الذي يجب أن تستخدمه لوجهها، كما أنه منع أهلها من زيارتها أو بالعكس وأخذ منها هاتفها الجوال، وعندما كانت تعترض مروة كانت تتعرض إلى الضرب المبرح أمام اطفالها، ولكنها استطاعت في أحد الأيام الهروب من المنزل بعد زيارة والدتها لها ومن ثم طلبت الطلاق وتحررت منه نهائيا، حسب وصفها.
وتنصح مروة أهل البنت التي يأتي الشباب لخطبتها بعدم التركيز على إمكانياته المادية فقط والسؤال عن ماذا يملك وما نوع سيارته وما هي وظيفته فحسب، بل أن يسألوا عن أخلاقه وعلاقته مع شقيقاته ومدى احترامه لوالديه وكيف يعيش ولماذا اختار الزواج بابنتهم دون غيرها، ووضع فترة خطوبة للتعرف على طباع الشاب ومعرفة إن كان جديرا بها أم لا.
ويوضح الدكتور روبرت لياهي، مدير المعهد الأمريكي للعلاج المعرفي في نيويورك وأستاذ علم النفس السريري في قسم الطب النفسي في كلية طب وايل كورنيل، في كتابه الذي بعنوان «علاج الغيرة»، أن الغيرة في الغالب، تدور «حول ثلاثة أشخاص»، ويحدث ذلك عندما يشعر شخص ما بتهديد من قبل طرف ثالث، إما أن يكون محل اهتمام من أحد أطراف العلاقة أو أن الطرف الثالث هو الذي يولي اهتماما لأحد أطراف العلاقة، أو أن هناك اهتماما متبادلا.
ويقول إن السبب الأكثر إثارة للدهشة بشأن الغيرة هو أن تكون الغيرة ناتجا لارتفاع تقدير الذات والتي تجعل العيوب السلوكية لشخص آخر أكثر وضوحا بالمقارنة مع عيوبهم الخاصة، فضلا عن أن هذا الشعور البشري قد ينبع من الحسد في بعض الأحيان.
ويشير لياهي، إلى أن الغيرة بدرجاتها الصغيرة والمتوسطة «هي علامة على الارتباط والالتزام والحب»، حتى أن البعض يقومون باختبارات لشركائهم في بعض الأحيان لمعرفة ما إذا كانوا غيورون «وهذا أمر طبيعي في المستويات المعتدلة من الغيرة».
باسنيوز