عندما تكون المعارضة شخصية معنوية
فاضل ميراني
مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني
اتكلم عن موضوع محدد- هو موضوع واسع من حيث الواقع و الوقائع- وهو ان تصل الامور الى حد امتحان الشعارات على ارض التطبيق، فتمارس السلطة و المعارضة ادوارا صراع ايجابي من حيث الالتزامات و الواجبات و قبلهما التقيد بالنظام و قبل التقيد يوجد الخلق و السلوك و الهدف المحدد الذي يرتبط تحققه بمصلحة مشروعة.
الحركة التحررية الكوردية و تحديدا الحزب الديمقراطي الكوردستاني سعت( الحركة) و ( الحزب) سعى و يبقى في منهج وجود فعل سلطة متزن لا يواجه بردة فعل طائشة من المعارضة، المعارضة التي ليست من نسيج فكر و عمل تخريبي ايا كان نوع التخريب و ايا كان المستهدف منه فردا، جماعة، مصالح.
فِعلُنا هذا، مذ كنا معارضة قبالة سلطة العراق السابقة فالاسبق، وحتى خلال مشاركتنا في مفاصل تشريعية و تنفيذية لاحقا، كنا نتخذ اداءا معارضا اذا ما رأينا ان اجراءا ما او قرارا او اي نية تتحرك بعد تشكلها لتكون نسخة من ممارسات تناقض المطلب الديمقراطي.
اقول مشاركتنا و لا اقول شراكتنا، و الاختلاف واضح، و العقلية التي تعمل على الشراكة لم تولد بعد في تجربة الحاضر العراقي الا على قسم من الورق و كثير من الالسن الدعائية.
في معنى اساسي في ان تكون المعارضة شخصا معنويا، هو ان مجموعة الافراد التي تعارض ال كم او حكما يخص واقعة ما، فأنها تكون ملتزمة بالسلم غير مضطرة او راغبة لاستخدام وسائل اخرى( راغبة اكثر منها مضطرة)، اي انها تعارض عن وعي و بحق و دون مخاتلة .
ما يجري من مستجدات على الساحة العراقية خلال الايام الماضية يشكل واقعا كاشفا لا منشئا لطبيعة و حقيقة وواقع السلوك الذي يؤيد حقيقة ان الشراكة لم تولد بعد و ان التقيد بالدستور فعل انتقائي و ان كثيرا من مراكز القوى تكرس فكرة للجمهور مفادها ان القانون للضعفاء و ان الغلبة لمن يمتلك القوة حتى لو كانت ممولة من المال العام.
ان خفظ( جناح الذل) يكون من الرحمة لا من الخشية و الخوف، و الا فأن الذي يطالب بتطبيق النظام العام هو اولى ايضا برعاية سريانه على الكافة.
هذا لا يعني اتهاما لطرف و تبرءة غيره، فالقضية في ادارة ازمات العراق المفتعل منها و البنيوي، طريقة هشة غير مواكبة للواقع، ذلك ان رفد عناصر بذاتها بكل رعاية لا تستحقها حفز و يحفز و يخلق افرادا يقلدون القوى الموجودة الان لتكون مثلها تستلب النفع و تصدر الضرر.
المعارضة اختيار، و احيانا تكون جبرا، لكنها ومثلما لها حقوق وفق شريعة العدالة فعليها التزامات وواجبات اخلاقية، و نحن ممن خدم في المعارضة لعقود من الزمن و كنا نعارض انظمة لا تقل قسوة و بطشا عن اسوأ انظمة يمكن ان مرت في التاريخ، لكن هدفنا لم يكن مبنيا على اسس هشة واهنة او كذبة او ثأر، بل للتفاهم على صيغ حكم راشد لا يؤمن بالجبرية، او لبناء حكم عادل، وهذا الهدف و سلوكنا هما ابعد من الذي جرى و يجري اليوم من خلط مشترك لاوراق عدة تعرض دم العراقيين و اموالهم و واقعهم و قادمهم مائدة يشبع منها الذين يعاملون العراق كمحطة وقود لا وطن، فيتزودون منها و لا يدفعون.
*صحيفه الزمان