مبررات ودوافع عملية طوفان الاقصى
زيد البدر
أحدث الهجوم الذي نفذته حماس على المستوطنات الاسرائيلية ردود فعل متباينة نتيجة لسقوط اعداد كبيرة من القتلى وصلت الى اكثر من (1000) قتيل، مجموعة مؤيدة لما قامت به حماس، وأخرى ترى فيه سلوكا وحشيا يتعارض مع القوانين والأعراف الدولية ويتنافى مع تعاليم الدين الاسلامي الذي يمنع قتل المواطنين العزل ويحرص على حسن معاملة الاسرى، ومجموعة اخرى مؤيدة لكنها في نفس الوقت متحفظة على استهداف المدنيين وترى بانه يخلق الضرر بسمعة المقاومة الفلسطينية وديننا الاسلامي الحنيف، ويخلق رأي دولي متعاطف مع الاحتلال الاسرائيلي.
وعندما نحاول تقييم الاحداث الاخيرة التي جرت في غزة، باستخدام بيانات وإحصائيات عن الصراع العربي الاسرائيلي والذي تحول في الاونة الاخيرة الى صراع فلسطيني اسرائيلي او بالاحرى صراع ينحصر بين حماس من جهة واسرائيل من جهة اخرى بعد ان تخلت كثير من الدول العربية عن القضية الفلسطينية وسارت نحو تطبيع علاقتها مع اسرائيل وان وجد من يؤيد القضية الفلسطينية من العرب فانه دائما ما يكتفي بخطابات الشجب والاستنكار. سنجد تلك الإحصائيات بحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تشير الى ان عدد الشهداء من الفلسطينيين منذ 29 ايلول 2000 وحتى 30 نيسان 2022 ، بلغ اكثر من (11358) اغلبهم مدنيين، في حين يصل عدد الشهداء من العرب في داخل فلسطين وخارجها منذ عام 1948 وحتى عام 2022 اكثر من (100) الف شهيد غالبيتهم مدنيين أيضا، اضافة الى وجود (4450) اسير فلسطيني حتى عام 2022 .
وتشير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الى ان عدد اللاجئين المسجلين لديها يصل الى اكثر من (6.4) مليون لاجئ وهذا لا يشمل جميع اللاجئين وإنما فقط المسجلين ضمن هذه الوكالة.
تعرض الفلسطينيون لظلم كبير من خلال احتلال ارضهم وقتل وتشريد شعبهم، اذ تشير البيانات الدولية ان نسبة السكان الفلسطينيين من اليهود كانت في عام 1912 لا تتجاوز (8%) من السكان، وفي عام 2021 شكل الفلسطينيون المقيمين في فلسطين ما نسبته حوالي (49.9%) لكن يسيطر ويستغل الاسرائيليين على اكثر من (85%) من المساحة الكلية لفلسطين.
ورغم صدور قرارات دولية ملزمة باسرائيل تطالبها بالانسحاب من الاراضي التي احتلتها عام 1967 وتعدها اراضي فلسطينية الا انها تجاهلتها وجرى ذلك بدعم وحماية من الولايات المتحدة، بل الأكثر من ذلك فانها مستمرة باتباع سياسة تقوم على السيطرة على مزيد من الاراضي الفلسطينية وبناء مستوطنات فيها، اذ تشير بيانات المركز الفلسطيني للاحصاء الى وجود اكثر من (805) الاف اسرائيلي يعيش في مستوطنات الضفة الغربية والقدس الشرقية.
ورغم الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، من سرقة ارضه وقتل أهاليه وتشريدهم، فان العالم يقف عاجزا عن منع تلك الجرائم، بل يصب غضبه على الشعب الفلسطيني ان حاول الدفاع عن نفسه، ويعد ذلك ارهابا ويتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية، في حين اذا قارنا حجم الضحايا الذين سقطوا في هذا الصراع من الجانبين فان مجموع الضحايا الاسرائيليين لا يتعدى (5%) .
دائما ما تركز الاطراف الدولية على ردة الفعل الفلسطينية والتي دائما ما تكون محدودة ازاء الافعال والممارسات الاسرائيلية وحجم القوة التي تمتلكها، في حين تخرس هذه الاصوات وتعجز عن الرد عن الممارسات الاسرائيلية بحق المدنيين.
تتبع اسرائيل سياسة ردع في حربها ضد الفلسطينيين تقوم على استخدام القوة المفرطة وبشكل وحشي من اجل احداث اكبر قدر من الخسائر في صفوف المدنيين والبنى التحتية، وخلق رأي عام داخلي وخارجي يعارض محاولة اي طرف فلسطيني بالوقوف بوجه الجرائم والانتهاكات التي يقوم بها الجانب الاسرائيلي ضد الفلسطينيين بحجة حجم القوة التي يمتلكها والخسائر التي يمكن ان تخلفها هذه المواجهات، اي ان يتخذ الفلسطينيين موضع المتفرج ازاء ما يحدث لهم وفي غضون سنوات قليلة سوف تستكمل اسرائيل السيطرة على ما تبقى من ارضهم.
ان غريزة الدفاع عن النفس والعائلة هي غريزة فطرية، اذ لا ينبغي ان نطلب من شعب يقتل اطفاله ونسائه امام عينه بان يتحلى بالصبر ويركز في انتقامه على الاهداف العسكرية فقط، في حين يستمر الطرف الثاني بارتكاب الجرائم ذاتها دون وجود جهة تتولى ردعه او محاسبته.
روداو