زيارة.. كان لا بُدَّ منها
صبحي مندلاوي
في إطار حملة مشينة قامت بها أحزاب وكتل معروفة وبدفع وتخطيط من قوى إقليمية واجه الإقليم واحدة من أكبر المخططات الرامية إلى زيادة الضغط على شعب كوردستان وحكومته وإلغاء الكيان الدستوري والقانوني له.
البداية ما قبل الأخيرة كانت في كركوك حيث انطلقت شرارة المظاهرات المزعومة ضد قرار السيد السوداني رئيس مجلس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة بعودة مقرات الديمقراطي الكوردستاني إلى كركوك استناداً إلى حقه القانوني كونه حزب مجاز رسمياً ويحق له العمل في مدن العراق ووفقاً لمقررات تحالف إدارة الدولة والذي بموجبه تم تشكيل الحكومة الاتحادية، ولم تكن تلك التظاهرات والتي شملت العرب والتركمان (كما زعموا) من أبناء كركوك سلمية وتعبير عن الرأي بل كان تحدي وعصيان ضد قرار السيد السوداني وتم قطع الطريق الاستراتيجي العام والذي يربط أربيل بالمدن الأخرى وبعد خمسة أيام من ذلك ووسط مساندة القوات الأمنية والميليشيات الداعمة وعندما خرج المواطنون الكورد في كركوك للتعبير عن رأيهم تمت مواجهتهم بالسلاح الحي من قبل الميليشيات المسلحة واستشهد على أثرها خمسة منهم وجُرح العشرات أيضاً، ولم تهدأ تلك الشرارة إلا بتدخلات ووساطات محلية و دولية بتأجيل الوضع إلى مرحلة قادمة، وسرعان ما أشعلت القوى والأحزاب نفسها التي خططت لما جرى في كركوك إلى أزمة أخرى وهذه المرة عبر تجويع شعب كوردستان من خلال عدم تسديد المستحقات الدستورية لإقليم كوردستان في الموازنة العامة بل وإدعاء أن حكومة الإقليم قد استلمت أكثر من ما هو مخصص لها من خلال تصريحات رسمية من قبل وزيرة المالية و المتحدث الرسمي للحكومة العراقية ودقت طبول القنوات و المحللين السياسيين لتسويق مخطط التضييق الذي يمارسونه ضد شعب كوردستان واجهتها بالمقابل تصريحات رسمية من حكومة الإقليم بالضد من تلك الإدعاءات، وفي ظل اضطرار الإقليم بعدم دفع رواتب موظفي الإقليم لمدة شهرين تفاقمت الأزمة سريعاً و تعرض للضغط الاقتصادي والسياسي والقانوني ولم يكن أفضل المتفائلين يتوقع انفراجاً بل مزيداً من التداعيات الخطيرة لها.
وهنا انبرى السيد مسرور بارزانى رئيس حكومة الإقليم إلى خطوة كان لابد منها وهو الذهاب إلى بغداد بمعية وفد حكومي كبير ضم فيه نائبه السيد قوباد طالباني في إشارة واضحة إلى توحيد القوى الكوردستانية لمواجهة هذه المخاطر والمطالبة بحقوق شعب إقليم كوردستان الدستورية والقانونية.
أكثر من 14 أربعة عشر لقاءً مع جميع القادة السياسيين في بغداد وكانت محط أنظار الرأي العام العراقي والدولي وتمخض عن تقديم مقترحين إلى بغداد أحدهما بعيد المدى والآخر قصير المدى من أجل تأمين حقوق ومستحقات شعب كوردستان، و أفضت هذه الزيارة التأريخية إلى إصدار قرار من مجلس الوزراء العراقي إرسال تريليونين و100 مليار دينار، إلى حكومة الإقليم، على 3 دفعات قيمة كل منها 700 مليار دينار، اعتباراً من سبتمبر أيلول الجاري وتدفع الحكومة الاتحادية هذه المبالغ لإقليم كوردستان عبر قروض تمنحها ثلاثة مصارف عامة وتسددها وزارة المالية العراقية، ووفقاً لاقتراح السيد مسرور بارزانى فإن الخطوة القادمة ستتمثل بأن يكون هناك تعديل لقانون الموازنة بحيث لايكون هناك ربط بين رواتب الموظفين في إقليم كوردستان وبين الإنفاق الفعلي للحكومة العراقية .
إن ما تحقق عبر هذه الزيارة كان مثمراً ومنع تدهور الأوضاع بشكل أكبر ولو مؤقتاً كما أنها تأتي في سياق جهود مُستمرة تبذلها حكومة الإقليم لحل الخلافات وتعزيز التعاون بين بغداد وإقليم كوردستان.
باسنيوز