توقفوا.. إنها كركوك!
شاكر الجبوري
المراهنةُ على حرق هوية كركوك، خروج عن المتبقي من قيمِ العدل والانصاف، كونها ستجر العراق إلى التقسيم وصراع الإثنيات على أيدي مراهقين يعتبرون السياسية لعبة بوبجي!
الجميع يتحمل مسؤولية دق ناقوس خطر الحرب الأهلية في كركوك، فلا الحكومة الاتحادية منعت الاعتصام و قطع طريق أربيل بالوقت المناسب، ولا الأحزاب في كركوك والعشائر استوعبوا مبكراً معنى الخطر؛ و خلايا داعش تتحرك في الزاوية القريبة.
أخطرُ ملامح الخروج على السلطة هي الاعتصام بمزاج قومي أو طائفي لما يمثلهُ من استفزاز للمشاعر تحت شعار الأغلبية وسلاح السلطة، وما جرى في كركوك لا يعبر عن روح التعايش المشترك، أو ربما لأننا نحاول التخفيف من انحناءات خطيرة في مفهوم هذه الشراكة.
لا يحتاج الوضع في كركوك الى تطييب خواطر ومجاملات ومصافحات بل إلى حلول تمنع تكراره في نينوى القريبة، ما يستوجب مراجعة جريئة للخيارات في الكشف أولاً عن المتورطين بشحن المواقف وكيفية السماح لهم بفرضِ ارادتهم أمام أنظار الحكومة المحلية، والحديث بصوت مسموع عن المعالجات وتشخيص أسباب "تكاسل" جميع الأجهزة في فرض سلطة القانون، لمنع تكرار سيناريو الدشاديش!
أكبر المستفيدين من إعادة تأجيج المشاعر القومية والطائفية في كركوك هي خلايا داعش النائمة الموجودة على خط التماس المباشر، ومعها كل الرافضين للتمثيل الحقيقي لمكونات المدينة. إنه الامتحان الحقيقي لحكومة السوداني وائتلاف إدارة الدولة في المكاشفة الحقيقية والمواجهة الصادقة.. حلول "النص ردن" أصابت العيش المشترك في كركوك بخنجر في الظهر، أمام دموع السهل و الجبل.
كل القوى السياسية والمراجع العشائرية و الدينية لم تتحمل مسؤولياتها في هذه الانتكاسة القيَمية، الخلاف على مقرٍ حزبي أو مكسب سياسي و اقتصادي تحسمه طاولة الحوار لا الفوضى في الشارع المشحون بذراع الألسن.. والمراهنة على التصادم الحزبي الكوردي قراءة لفنجان مكسور و معقد في تركيبته الإقليمية
لا علاقة للديمقراطية وحقوق الانسان بفوضى ردود الأفعال في الشارع، و الاعتصامات ليست بديلاً عن القانون.. المراهنة على شق وحدة البيت القومي الكوردي هي الجهل السياسي من أوسع أبوابه وأضيق حدود التفكير لأصحابه..
أبعدوا كركوك عن صراع النفوذ لأن الجميع خاسر والأرض التي لا تمشي عليها أقدام العرب والكورد والتركمان وجميع الأديان باطمئنان هي أوهن من بيت العنكبوت.. ارحموا وحدة العراق بإبعاد كركوك عن سوء الظن السياسي والطائفي و القومي.. باخرة العراق لن تُبحر بلا ربان يحترم جغرافية الأرض وحقوق البشر.
روداو