كوردستان والشعور بالمسؤولية
زيدو باعدري
بنظرة بسيطة على التاريخ القريب لكثير من الدول المتقدمة بعد الحرب مثل ألمانيا، إيطاليا، اليابان وفرنسا وهولندا ودول أخرى كثيرة نجد أن السبب الرئيسي لتقدمها هو الشعور بالمسؤولية عند عامة الشعب، هذا الإحساس وحده كاف لقلب الموازين لمصلحة الشعوب، ولتطورها وازدهارها، وحماية أمنها القومي من أي تهديد أو اعتداء خارجي.
من خلال تجربتي في الغربة لاحظت الكثير من هذه النماذج التي نحن بصددها، فعندما تقوم بمخالفة سواءً أكانت عن عمد أو عن غير قصد لا تنطبق مع قوانينهم وأعرافهم وعاداتهم نجد أن الجهات المسؤولة ستقوم بالحصول على قرائن موثقة بشكل أكاديمي حول تلك الجريمة أو المخالفة، وفي يوم المحكمة سيحضر الشهود، وبذلك سيقوم القاضي بمعاقبة المخالف أو المجرم حسب دستور بلادهم المتطور.
وعندما تسأل عن كيفية الضمان الصحي في هذه البلدان فتجد الجواب بكلمتين لا أكثر بتطبيق مبدأ "التضامن مع الغير" وهذا يعني أن الشخص عندما يعمل فإنه يدفع ضريبة التأمين الصحي سواءً أكان مريضاً أو لا طوال فترة عمله وحتى سن التقاعد، وعند مرضه حسب هذا المبدأ تدفع شركة التأمين الصحي جميع تكاليف علاجه مهما كان المبلغ كبيراً وهذا من أحد الأسباب الواضحة لتماسك المجتمع. إضافة إلى التعليم الإلزامي وحقوق الطفل ومتابعة هذه الحقوق من دائرة خاصة مهتمة بهذا الشأن ونلاحظ أن الجميع متعاونون مع هذه الدائرة المختصة بشؤون الطفل.
لهذه الأسباب تتوفر جميع وسائل وشروط التقدم في تلك المجتمعات.
وذات مرة سألت أحد المختصين بشؤون اللاجئين في ألمانيا كيف باستطاعة الحكومة الألمانية توفير الأمن والأمان لأكثر من 90 مليون نسمة، بكل بساطة كان الجواب: أي مواطن ألماني يبلغ سن الرشد فهو مسؤول أمام المجتمع الذي يحتم عليه تقديم العون للآخرين وللحكومة في سبيل الوصول إلى الأمن والأمان.
إضافة إلى جانب الاقتصاد في استخدام الموارد كالماء والموارد الطبيعية والاقتصاد في استخدام الطاقة الكهربائية.
إضافة أنهم يحترمون دستورهم وعلمهم، ويحافظون على الممتلكات العامة ونظافة الشوارع، والمنتزهات العامة، هذه كلها واجب على المواطن، وفي نفس الوقت هنالك واجبات على الدولة أن تقوم بها منها توفير العدالة والحماية للجميع وإصرار الدولة على الكشف عن أسباب الجريمة وإلقاء القبض على المجرمين مهما كلف الثمن وطال الأمر.
من هذا المنطلق، وإن أردنا النجاح لكوردستان، ونبحث عن سبل تطويرها وتقدمها، لابد أن يتحلى الجميع بهذه الخصال التي ذكرناها آنفاً سواء ما يتعلق بالأفراد أو الدولة، ونتمنى أن يكون المواطن الكوردستاني على قدر المسؤولية وأن يراعي الحكومة الكوردستانية، لأنه من المعروف أن كوردستان أرضاً وشعباً تعاني من ضغوطات كبيرة وصعبة، سواءً من جهة الحكومة المركزية في بغداد، أو من جهة دول الجوار.
المواطن الذي يحس بمسؤوليته الكاملة، وحقوقه وواجباته، يساهم في التعجيل ليكون لوطنه كوردستان شأن الدولة في المستقبل القريب.
كما ينبغي التعاون التام بين المواطن الكوردستاني والحكومة من أجل الحفاظ على العملة الصعبة وضرورة توفيرها في كل حين، وتشجيع إدخالها لكوردستان لا تهريبها وتسريبها خارج كوردستان.
هذا هو نداؤنا وخلاصة ما وجدته في تجربتي في الغربة.
باسنيوز