"البارتي".. شاب في الـ 77 من عمره
معد فياض
ما يميز الحزب الديمقراطي الكوردستاني "البارتي"، الذي يحتفل اليوم بعيده الـ 77، هو انه الحزب السياسي العراقي الوحيد الذي لم يتأثر او يتبع او يُقلد اي حزب سياسي او فكر اممي او اشتراكي او قومي او ديني آخر، خارجي، كوردي او عربي شرقي او غربي. بل ان افكاره وفلسفته جاءت نتيجة تجاربه الحقيقية بالاعتماد على نضاله الميداني وعلى مشروعية قضيته في الدفاع عن مصالح جماهيره الكورد، هذا بالاضافة الى انه أول حزب كوردستاني يقود ثورة حقيقية وجبارة ضد اعتى الانظمة والجيوش في المنطقة، ويكون نبراسا واضحا لكل الحركات الكوردية المدافعة عن قضايا جماهيرها.
الاحزاب السياسية التي تبقى هي تلك التي تؤسسها قضيتها الجماهيرية ولا تستورد نظرياتها او انظمتها الداخلية او فلسفتها من الخارج اعتمادا على تنظير فلاسفة يقبعون في ابراجهم العاجية وهم ابعد ما يكونوا عن معاناة الجماهير المتطلعة لحياة حرة وكريمة يبرهنون خلالها وجودهم التأريخي، والحزب الديمقراطي الكوردستاني هو في طليعة هذه الاحزاب سواء في عموم منطقة الشرق الاوسط والعالم.
لقد خرج المناضل والزعيم التأريخي الخالد ملا مصطفى بارزاني من رحم الجماهير ليقود رفاق مسيرته الثورية من اجل حقوق شعبه الكوردي، ومن اطلع او يطلع على تاريخ الزعيم الخالد، او زار صرحه في منطقة بارزان سوف يتأكد من بساطة هذا الرجل من حيث حياته اليومية وحاجاته، وفي ذات الوقت سيتيقن من صلابته وقوته المستمدة من صلابة وقوة جبال كوردستان وحكمته المتوارثة من العقيدة البارزانية وعطاء الطبيعة وذكائه في القيادة والتعامل مع القضايا التاريخية بهدوء وحنكة.
ان المعركة التي قادها الزعيم الخالد كانت بحاجة الى مقاتلين وانصار وديمومة، فهي ليست معركة طارئة محدودة تنتهي بانتصارها، بل هي معركة حياة مستمرة لتحقيق اهدافها المستقبلية، بأخذ الحقوق القومية للكورد، ومن ثم قيام كيانهم الشرعي المتمثل باقليم كوردستان، ومن ثم ليتصدر الكورد واجهة العالم باعتبارهم شعبا مؤثرا وجديرا بالاحترام، ولتكن هذه الثورة مدرسة عالمية تستفاد من دروسها بقية الشعوب والامم، وكل هذا كان بحاجة الى حزب سياسي قومي ليبرالي منظم يستنبط نظريته من تجاربه النضالية، فكان الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي اسسه الزعيم الخالد ملا مصطفى بارزاني في 16 آب عام 1946، ليواصل إدامة واحدة من اعظم ثورات التحرر الشعبي في تاريخنا المعاصر.
ولعل ما منح الحزب الديمقراطي الكوردستاني ديمومته وصلابة استمراريته هو زعامته من قبل الرئيس مسعود بارزاني عام 1979، وهو الذي ورث قيم الثورة الكوردية وقيادتها وافكارها من والده الزعيم الخالد، تلك الثورة التي انخرط فيها منذ ان كان عمره 14 عاما ومضى بتحدي كل الصعاب الجسام من اجل قيادة سفينة الثورة والحزب وسط الاعاصير والامواج العاتية نحو بر تحقيق اهداف وتطلعات الشعب الكوردي.
ان مسؤولية الحزب الديمقراطي الكوردستاني تعاظمت وصارت اكبر اليوم من اجل استمرار عطاء الثورة ومعاصرة الاحداث الداخلية والعراقية والاقليمية والعالمية، ويحتاج الى جهود مضاعفة لاستمراريته وبقائه على قمة الهرم، وهذا يحتاج الى دماء شابة تغذي مسيرة البارتي وافكاره، وهذا السر الذي توصلت اليه قيادة الحزب قبل غيرها من بقية الاحزاب السياسية العراقية التي شاخت هي وقياداتها، ومنها من انتهى وجوده او بقي مجرد عنوان هامشي او في افضل حالاتها حادت عن مسيرتها واهدافها وبقيت تحتضر.
لقد وعيت قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني أهمية أن يبقى البارتي معاصرا، وشابا وهو في عمر الـ 77، بل ولن يشيخ، ويبقى عابرا الى المستقبل، لم تقف عند منعطف ما او محطة استراحة بحجة تحقيق اهداف الثورة، بل وعيت اهمية مسؤولياتها في ان يكون الكورد ومن خلال "البارتي" واقليم كوردستان في واجهة الاحداث العالمية وذلك من خلال بناء علاقات حضارية بين بقية الشعوب والامم انطلاقا من موقعها الراهن، فغذت الحزب بقيادات تهتم بالحاضر وتعمل للمستقبل، وفي مقدمتهم الرئيس نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة اقليم كوردستان مسرور بارزاني.
وفي كلمته بمناسبة ذكرى تاسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، يقول نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كوردستان، ان "من دواعي فخر الحزب الديمقراطي الكوردستاني أنه بعد هذا العمر المديد لايزال في ساحة النضال مفعماً بالحيوية وممثلاً لشعب كوردستان في سبيل بلوغ أمانيه وتطلعاته. وكما ولد الحزب الديمقراطي الكوردستاني قبل سبعة وسبعين عاما من الآن كضرورة تاريخية من رحم أحلام وآمال شعب كوردستان، لا يزال اليوم يقود بأمل شعب كوردستان وتطلعاته السامية في مواجهة واجتياز التحديات وتحقيق مستقبل أفضل".
ويشخص الرئيس نيجيرفان بارزاني مسالة غاية في الاهمية تتعلق بمسؤوليات الحزب وتطلعاته ومبادراته،بقوله:"إن مسؤوليات الحزب الديمقراطي الكوردستاني اليوم تاريخية جسيمة بحجم تاريخه وعظمته وتضحياته، لذا عليه كما هو دائماً أن يضطلع دائماً بمهامه ومسؤولياته إلى أقصى الحدود ويكون الجامع للكل والمبادر للحل وتجاوز المشاكل والأزمات والحامي والنبراس للتلاحم ووحدة الصف والتكاتف وقبول الآخر والمعين على كل هذا، ويمارس دوره الفاعل والمؤثر في حماية الحرية والديمقراطية والحقوق والمكاسب الدستورية لشعب كوردستان وفي ترسيخ النظام الاتحادي".
روداو