الحزب الديمقراطي الكوردستاني يُصدر بيانا بمناسبة الذكرى الـ77 لتأسيسه
أصدر المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني، اليوم الثلاثاء 15 آب 2023، بياناً بمناسبة الذكرى الـ77 لتأسيس الحزب.
وفيما يلي نص البيان:
مواطنو كوردستان الصامدون
كوادر وأعضاء وأنصار وجماهير حزبنا الأبية
بعد الحرب العالمية الأولى وتداعياتها ومنها تقسيم كوردستان وحرمان الأمة الكوردية من أن يكون لديها دولتها، إلى جانب مساعي إجبار الإنسان الكوردي على الخضوع والتسليم لهذا القدر والمصير المشؤوم والمظلم بالحديد والنار، ناهيك عن الحرب العالمية الثانية وما بعدها من تزعزع الأوضاع في المنطقة عموماً وكوردستان العراق بشكل خاص من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي خضم هذا اليأس وفقدان الأمل، تم تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني قبل 77 عاماً من الآن، ليبعث الأمل ويكون منقذاً في ميادين النضال.
إن الحزب الديمقراطي الكوردستاني وعبر نهج البارزاني المؤسس والقائد ذو النظر الثاقبة للمستقبل البعيد وثورته، استطاع تبديد مشاعر عقدة النقص واليأس في وجدان الفرد الكوردستاني، ووحّد قوى وإمكانيات ومقدرات شعب كوردستان لمواجهة مؤامرات الشوفينيين الذين كانوا يتولون السلطة في العراق آنذاك، وأثبت في الوقت ذاته أن قرار تأسيس البارتي بالتعاون مع عدد من مثقفي وسياسيي شعبنا، كان ضرورة تاريخية ورداً على الظلم الذي مورس ضد الكورد بحرمانهم من حق تقرير المصير ومنعهم من الوصول لأهدافهم المشروعة.
إن الحزب الديمقراطي الكوردستاني ومنذ بداية تأسيسه، وعلى ضوء أفكار وفلسفة البارزاني الخالد ونهجه، اعتمد الكوردايتي الممزوجة بالقيم الإنسانية للسلام والديمقراطية، ومبادئ العدالة، ثم تمت إعادة وضعها ببرنامج ونظام مناسب وجرى العمل على تنفيذها.
منذ البدء، وعلى الرغم من وحشية أعداء وخصوم شعبنا، رفض الحزب جميع أشكال ردود الفعل ذات التطرف الإيدولوجي، كما اتخذ طريق النضال السياسي والمدني والجماهيري، ولم يلجأ لحمل السلاح حتى أُجبِر على ذلك.
وعلى صعيد المجتمع الكوردي، عرف الحزب الديمقراطي الكوردستاني باعتباره منظمة سياسية موسعة وحركة جماهيرية والنواة الجامعة لمقدرات شعب كوردستان، لذا تمكن من أن يصبح المظلة الكبرى والجامعة لكفاح جميع الكوردستانيين على اختلاف فئات وشرائح المجتمع والانتماءات العشائرية والمناطقية وهوياتهم القومية والدينية والمذهبية، وفوق كل ذلك استطاع حشد الجميع حول هدف واحد وهو تحرير الوطن والحصول على حق تقرير المصير، ذلك الحق القانوني والدستوري المشروع لكل الشعوب والأمم.
إن الحزب الديمقراطي الكوردستاني ومن منظور إنساني واضح وبعيد المدى، تمكن بدعم من شعب كوردستان التحرري، من قيادة الحركة التحررية، مرحلة تلو الأخرى، بدءاً من النضال السري حتى الكفاح المسلح، وثورتي أيلول وكولان، والقوافل المثابرة في النضال البيشمركايتي والسياسي والدبلوماسي والتنظيمي والجماهيري لشعب كوردستان.
وفي هذا الركب المتعاظم، لم تنجح الوحشية ونزعة الإبادة والعدوان وتآمر الأنظمة الديكتاتورية الشوفينية الفاشلة في هزيمة شعبنا وحزبنا، بل استطعنا أيضاً استعادة حقوق شعب كوردستان مرحلة بعد مرحلة، من اللامركزية إلى الحكم الذاتي وصولاً إلى الفيدرالية.
كانت كل مرحلة من تلك المراحل مكسباً عظيماً، مثل ترسيخ الشراكة بين الكورد والعرب في العراق بموجب دستور عام 1959، ومن ثم ونتيجة نضال ومقاومة شعب كوردستان والبيشمركة الأحرار في ثورة أيلول المجيدة، اضطرت الحكومة العراقية آنذاك إلى الإذعان للحوار مع قادة الثورة وإبرام اتفاقية 11 آذار 1970 مع حزبنا بقيادة البارزاني الخالد.
وبعد تنصل الحكومة العراقية عن تنفيذ اتفاقية 11 آذار والتآمر الدولي في 1975 ونكسة الثورة، واصلت ثورة كولان التقدمية نهج النضال والكفاح امتداداً لثورة أيلول المجيدة.
استمرت الأهداف الأساسية والاستراتيجية لقيادة حزبنا في تلك المرحلة صوب مستقبل مشرق وزاهر، والتي تمثلت بتجسيد الهوية القومية والاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكوردي، لذا فقد أعقبتها العديد من المكاسب ومنها انتفاضة 5 آذار 1991 المباركة، والتي انطلقت بقرار قيادات الجبهة الكوردستانية بقيادة الرئيس بارزاني داخل كوردستان، والراحل جلال طالباني خارج كوردستان، وفق برنامج مدروس وبمشاركة الجماهير المخلصة في مدينة رانية، بوابة الانتفاضة.
إن الانتفاضة كانت رسالة حق لتدشين تجربة جديدة للحكم، وبهذا الخصوص، أعلن الرئيس بارزاني في كلمة ألقاها في 22 آذار 1991 بمدينة كويسنجق، أمام جمع غفير، على ضرورة تغيير مرحلة الشرعية الثورية إلى الشرعية القانونية، والمضي نحو بناء المؤسسات القانونية والشرعية، وبعد ذلك وفي 19 آيار 1992، تم انتخاب المجلس الوطني الكوردستاني وتشكيل حكومة كوردستان لإدارة شؤون الإقليم وأصبحت تجسيداً لمطالب وإرادة الجماهير بطريق شرعي وقانوني.
أيتها الجماهير الكوردستانية العزيزة..
على امتداد تجربة إقليم كوردستان التي تمتلك شرعيتها القانونية، كانت أهداف شعبنا والكوردستانيين في الإقليم تتحقق وفق منهاج الحكومات المتعاقبة وعن طريق برامج وخطط منتظمة ومدروسة وعصرية لتأمين المبالغ اللازمة للمشاريع المهمة والاستراتيجية لإنشاء البنى التحتية ومشاريع الإعمار وتوفير الظروف المعيشية للمواطنين، إضافة إلى جميع المجالات الأخرى من الأمن والصناعة والصحة والزراعة والتربية والسياحة والمشاريع الخدمية الأخرى، والتي شهدت تقدماً ملحوظاً.
إن بناء تجربة جديدة للحكم كان أحد المكاسب السياسية الأكثر أهمية للانتفاضة، والذي تمثل بصدور قرار حول النظام السياسي الفيدرالي وعملية بناء العراق الجديد وكتابة دستور العراق.
استمرت جهود حزبنا لإرساء الفيدرالية في الدستور الجديد للعراق، ومن هذا المنطلق، كان لوفد حزبنا برئاسة الرئيس بارزاني الذي شارك في سلسلة اجتماعات مصيرية في بغداد بالتعاون مع أطراف كوردستانية أخرى، دوراً فعالاً في بناء العراق الجديد، وحاز على شرف ترسيخ النظام الفيدرالي في الدستور الجديد للعراق.
إن حزبنا الديمقراطي ومن خلال انتهاجه سياسة حكيمة ودون التنازل عن أدنى حقوقنا المشروعة، استطاع في الكثير من القضايا المهمة، أخذ زمام المسؤولية وعدم الاستسلام من أجل فتح أفق الحل أمام جميع الأزمات وإنهاء المشكلات والمصاعب.
بهمم وإرادة شعبنا والبيشمركة الأبطال، ظلت كورستان باتباع سياسة هادئة وصامدة مدعومة بالحكمة والبصيرة السياسية للرئيس بارزاني والمؤسسات الوطنية والقوى السياسية، ونجحنا في حماية شرعية كيان الإقليم والمؤسسات الشرعية والدفاع عنها ومواجهة جميع التحديات والتهديدات والمؤامرات، ومنها تنظيم داعش الإرهابي..
المواطنون الكرام..
إن أوضاع كوردستان تمر اليوم بمرحلة حساسة وحافلة بالمسؤوليات، والتي ترتبط بمصير الإقليم ومواطنيه، لذا نحتاج أكثر إلى التعاون وتوحيد الخطاب لكي تؤدي الأحزاب والقوى السياسية دورها اللازم، لتقوية المكانة السياسية والدبلوماسية لكيان إقليم كوردستان، ومواجهة أي محاولة لاستهداف وإضعاف كيان الإقليم وانتهاك الدستور، إضافة إلى حماية سيادة الإقليم ومصالحه واحترام مصالح الشركاء وسيادة دول الجوار، وتقوية ركائز الأمن والاستقرار وطمأنينة المواطنين، وتنمية البنية الاقتصادية ومبادئ المجتمع المتقدم والسليم والابتعاد عن العنف والجريمة.
وفوق كل ذلك، نحن في الحزب الديمقراطي الكورستاني، ندافع دائماً عن مبادئ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وفي هذا الصدد، نسعى إلى إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، لذا نؤكد دعمنا للأمر الإقليمي رقم 252 لعام 2023 الصادر من رئيس إقليم كوردستان، بتحديد يوم 25 شباط 2024، موعداً لإجراء انتخابات الدورة التشريعية السادسة لبرلمان كوردستان.
إن هذه الانتخابات تجدد الثقة والشرعية لمؤسسات كوردستان، بتشكيل برلمان وحكومة جديدتين، وصولاً إلى صياغة دستورعصري لإقليم كوردستان يضمن حكماً أقوى ويجعل صوتنا أكثر وضوحاً في العراق للدفاع عن الحقوق الدستورية لكوردستان، وفي الداخل، يجب أن نعمل بإرادة أكثر جدية لإجراء إصلاح شامل، يصب في اتجاه العدالة الاجتماعية والمزيد من الشفافية ورفاهية شعب كوردستان.
وعلى صعيد العراق الفيدرالي، ومن أجل عدم تكرار الأزمات والمشاكل، تم بذل وتكريس كل الجهود لكي تأخذ المفاوضات مع الحكومة الاتحادية والأطراف المشاركة في تشكيل الحكومة مسارها الصحيح، وتنفيذ اتفاقيات ائتلاف إدارة الدولة ومنهاج الحكومة الاتحادية، لإيجاد تسويات نهائية للقضايا الراهنة المهمة، مثل المادة 140 من الدستور والمناطق الكوردستانية الواقعة خارج إدارة إقليم كوردستان والموازنة والمستحقات المالية للإقليم والنفط والملفات العالقة الأخرى.
في هذه المناسبة المباركة، نحن في الحزب الديمقراطي الكوردستاني، نؤكد أننا راسخون مثلما هو الحال دائماً على ذات المبادئ والرسالة الصائبة والمحقة لحزبنا والتأكيد على ترتيب البيت الكوردستاني ونتعهد مرة أخرى بكل ثقة بالتمسك بالمصالح العليا لشعبنا وأننا سنبقى حماة وداعمين أقوياء للمؤسسات الشرعية وحكومة إقليم كوردستان، كما سنواصل أداء واجباتنا الوطنية والقومية للدفاع عن القيم الحقّة من ديمقراطية وتعايش وقبول الآخر على اختلافه وتوسيع رقعة المشاركة السياسية، إضافة إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية اليومية للمواطنين.
في ذكرى السادس عشر من آب نجدد العهد لقادة ومؤسسي الحزب، البارزاني الخالد، وكاك إدريس الخالد وجميع شهداء البارتي من أجل حرية كوردستان، بأننا سنبقى حامين وأتباعاً أوفياء لهذا النهج ولن نستسلم حتى نصل إلى الأهداف التي ضحوا من أجلها.
في ذكرى السادس عشر من آب ننحني إجلالاً وتكريماً للشهداء الكورد والكوردستانيين ونبعث التحايا لعائلاتهم الكريمة..
السلام والتحايا لقوات بيشمركة كوردستان..
تحية لكوادر حزبنا المخلصين الذين أثبتوا أنهم مثال للصمود والثبات والعزّة في جميع الظروف.
آلاف التحايا لجميع أعضاء وأنصار وجماهير حزبنا، أولئك الذين أبقوا راية الحزب الديمقراطي خفّاقة في الأعالي منذ 77 عاماً، والذين لم يتزعزع إيمانهم وإرادتهم الفولاذية في الانتصارات والانتكاسات، وفي السراء والضراء بل يزداد التزامهم وتمسكهم بنهج البارزاني يوماً بعد الآخر..
نوجه التحايا والتقدير لصبر شعب كوردستان الأبي والصامد والذي أثبت أن كبرياء وكرامة الأمة فوق كل شيء، وهذا الشموخ والرفعة هما ما يُفشل جميع المؤامرات وينهي كل الأزمات.
نبارك ونهنئ بالذكرى السابعة والسبعين المباركة من نضال وتضحيات حزبنا، الحزب الديمقراطي الكوردستاني.
ليبقى علم كوردستان مرفرفاً..
عاش النضال المشروع للشعب الكوردي وكوردستان..
عاش الكورد.. عاشت كوردستان..
المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني
15 آب 2023
كوردستان24