مختصون: مواقع التواصل والنشأة والتربية وراء الهوس بالـ ‹البراندات› و‹الماركات›
يقول خبراء الاجتماع والصحة النفسية، إن ظاهرة شراء ‹البراندات› والماركات بأسعار باهظة ليس لها علاقة بالاحتياج أو الذوق الاجتماعي، بل صار الهدف من ذلك المحاكاة والمباهاة، والإظهار للناس أنه متمكن ماديا ويشتري ما هو أغلى في الأسواق.
ويرجح مختصون أن هناك عدة أسباب دفعت بالشباب والشابات إلى ممارسة هكذا عادات، منها الشعور بالنقص ومحاولة إخفاء هذا النقص عن طريق صرف الأموال في هذا المجال ولفت انتباه الآخرين، كما أن لمواقع التواصل الاجتماعي و‹الفاشنيستات› و‹البرلوكرات› أيضاً دور كبير في التأثير على هذه الطبقة من الأشخاص والتي عادة ما يكونون سريعي التأثر بالأحداث اليومية والأخبار المثيرة.
الترويج وثقافة الاستهلاك
وفي هذا الصدد، تقول الدكتورة الاخصائية في الصحة النفسية واستشارية العلاقات الأسرية حوراء الموسوي في حديث لـ (باسنيوز)، إن «شراء الماركات والبراندات أصبح هاجساً كبيراً للعديد من الناس بالرغم من أن حالتهم المادية لا تساعد، والسبب الأساسي لهذا الهوس هو الترويج الإعلامي ونشر ثقافة الاستهلاك، على الرغم من أن غالبية هؤلاء الأشخاص لا يحتاجون كل هذه المواد، إلا أن الإقبال على شرائها هو اتباع الثقافة الجمعية أو التفكير الجمعي بحد ذاته».
وتضيف الموسوي، أن «الشغف بالبراندات له انعكاسات سلبية على الأسرة والمجتمع لأنه يتسبب بالخلل في العلاقة بين الزوجين نتيجة الضغط النفسي بالدرجة الأولى للمرأة وكأن هناك واجب عليها إنجازهُ لمواكبه هذه الاهتمام فقط، لأن الجميع يمارسون هذه العملية الشرائية، فيؤدي ربما إلى خلل بالتوازن المعيشي والاقتصادي والى جدالات حول أهمية هذه المشتريات من عدمها».
ووصفت الأخصائية في الصحة النفسية واستشارية العلاقات الأسرية، «الفاشنيستات» بـ «الظاهرة»، وأنها «هي من لعبت الدور الكبير في (الترويج) لغالبية هذه المنتجات والماركات... سواء جيدة أو سيئة لا فرق بحد ذاته... الهدف هو الربح المادي دون الأخذ بعين الاعتبار المصداقية أو الأهمية الحقيقية لهذا المنتج الذي يتم التسويق له، فزيادة متابعة الفاشنيستات وزيادة أعداد المتابعين يرسم صورة مزيفة عن أهمية أن تكون الحياة بهذه الطريقة، سواء كان هذا الشخص يستحق فعلا ما يروج له أم لا».
كما أكدت الموسوي، أن «العامل الأساسي والمباشر والذي سبب هذا الضغط غير المباشر هي مواقع التواصل الاجتماعي، لأننا لو عدنا بالزمن وقارنا بين الماضي والوقت الحاضر لوجدنا أن هذه الأمور غير موجودة سابقاً وغير مثيرة للاهتمام، لكن التطورات بمرور الوقت، زادت من فعاليتها في أسلوب (الترغيب) في بث هذه الإعلانات وعلى أيدي أشخاص تم رفع مستوى أهميتهم، والبعض منهم إن لم يكن الغالبية، غير فعالين بصورة حقيقة ولا يقدمون أي فائدة تذكر للمجتمع، ونراهم بكثرة في مواقع التواصل، ولاهدف من وجودهم ولا حكمة من ظهورهم، سواء نشر ثقافة (إن كنت تافهاً ستصل بسرعة للشهرة)».
ويشعر الشباب من كلا الجنسين أن ارتداءهم الملابس والكماليات الباهظة يجعل الآخرين ينظرون إليهم بمنظار مختلف، بمعنى أنها مسألة تتعلق بتقدير الذات، وأحيانا أخرى لها علاقة بوفرة المال والرغبة في إبراز القدرات المادية، أو تعويض نقص ما، أو بسبب الاضطرار إلى مجاراة الأقران والخضوع لضغوط المجتمع، وتتميز هذه الشخصية أيضا بالأنانية والرغبة في الظهور ولفت الانتباه وإثارة الاهتمام وحب الاستعراض والمبالغة في الملبس والبهرجة.
التوعية والتربية
من جانبها قالت الباحثة الاجتماعية هيمان رمزي: إن «المهتمين بالبراندات والماركات باهظة الثمن يتهافتون على اقتناء كل موديل يتم طرحه ويدفعون مبالغ خيالية للحصول على القطعة النادرة والمحددة الإنتاج، ودوما المواضيع المطروحة للنقاش في هكذا أوساط تكون عن أحدث الموديلات المطروحة للماركات وأسعارها بل يتفاخرون بأسعارها الخيالية وأنها أسعار مناسبة في حين أن مستواهم المادي متوسط أو معقول، ولشراء تلك القطع من الممكن أن يقترضوا أو يحرموا أنفسهم من أمور أساسية في الحياة فقط لاقتناء الساعة أو الحقيبة أو السيارة او غيره».
وترى الباحثة الاجتماعية، أن « التوعية وطريقة التربية من قبل الأهل له دور مهم في تهذيب واستقرار شخصية الطفل أو الشاب وحتى الفتاة وعدم انجراره وراء هكذا أمور حتى وإن كانت الأسرة من الطبقات ميسورة الحال، فنحن نعيش في مجتمع وظروف اقتصادية متقلبة ومجهولة المستقبل، كما أنه يجب توعية المراهقين لعدم التأثر بمشاهير التواصل الاجتماعي لأن هناك فرق بين ما يقومون بعرضه وما يعيشونه في الحياة الواقعية، وأن الإنسان لا يرتفع قدره بواسطة البراندات وإنما بشخصيته وذوقه وطريقة تواصله مع الآخرين ومدى ثقافته».
ووفقا للخبراء، فإن بعض الأشخاص يلجؤون إلى التسوق وشراء الماركات العالمية غالية الثمن، هربا من الضغوط العصبية وحالة الاكتئاب التي يمرون بها، حيث أكدت بعض الدراسات أنه عند التسوق يفرز الجسم هرمونا يعطي شعورا بالسعادة والرضا.
باسنيوز