إيران … والجبهة الكوردستانية المفتوحة
عنايت ديكو
بعد التطبيع السعودي - الايراني والاتفاق الشامل بينهما على الكثير من المحاور والقضايا الداخلية والمحلية والإقليمية، وتبريد بعض الجبهات الساخنة والمستعرة منذ زمن، في كلٍّ من اليمن ولبنان وسوريا، والتي جاءت كنتيجة طبيعية للتطبيع البيني وما يحمل معه هذا التطبيع من تبعاتٍ وسياسات.
هنا رأت إيران نفسها أمام جدران عالية وضمن مساحات صغيرة وضيقة الحركة والمناورة، ولم يبق أمامها سوى البوابة العراقية الوحيدة ومنها " الجبهة الكوردستانية " على وجه التحديد لتمرير سياساتها ومخططاتها. والتي تعتبر لايران جبهة ساخنة ودائمية الاحتفاظ، ويمكن أيضاً لإيران ومن خلال هذه البوابة، خلق توازنات جديدة في المنطقة والاحتفاظ بأوراقها الاقليمية، لاستخدامها في معاركها السياسية العديدة والقادمة، للحصول على المكاسب السياسية والاقتصادية والأمنية وانتزاع الامتيازات والتواقيع من اللاعبين المحلّيين والاقليميين والدوليين وعلى كافة الصُعدْ .!
- هنا أريد أن أنوه الى بعض التقاطعات وإيجاد نقاطٍ مشتركة للربط بين الأوراق الايرانية، والتي باتت تستخدمها واحدة تلو الأخرىٰ … وما أكثر هذه الأوراق لديها.!
- الورقة الايرانية الأولى :
- أعتقد بأن إيران هي من أكثر الجهات التي سبَّبَت وساهمت بطريقة أو أخرى في إغلاق معبر سيمالكا مع كوردستان سوريا. فالاغلاق جاء نتيجة دراسة مضنية ومعلومات شبه مؤكدة من قبل الأمريكان عن وجود نشاطٍ إيراني محموم وكبير وهائل في المنطقة، يحاكي مستقبل عودة النظام العربي السوري الى منابع النفط والمنطقة، وان الوجود والترانزيت وحجم التبادل الاستخباراتي السرّي والعلني بين الايرانيين والآبوجية السورية بات على خط جغرافي ساخن وخطر، ويمتد هذا الخط من طهران الى قامشلو مروراً ببغداد .!
- فهنا تيقّنت حكومة اقليم كوردستان من هذا الخطر الداهم والقادم، واضطرت الى اغلاق هذا المنفذ الذي سيساعد في التمدد الجغرافي الايراني نحو سوريا، في حال بقي مفتوحاً وبهذا الشكل، وسيتعرّض اقليم كوردستان العراق الى مخاطرٍ حقيقية ووجودية، وسيقع بين فكّي الكماشة الايرانية - الآبوجية السورية.!
- الورقة الايرانية الثانية :
- بعد الاتفاق السعودي - الايراني، شعرت إيران بأنها فقدت الكثير من الأوراق، وفشلت في الحصول على الامتيازات على الأرض وفقدت سيطرتها على الكثير من مساحاتها الجيوسياسية، وباتت جغرافياتها الإقليمية تنحسر يوماً بعد يوم، ولم تستطع إيجاد موطئ قدمٍ جغرافية لها بين مناطق الادارة الذاتية وطهران مثل قطاع غزّة وبيروت الغربية والمنطقة الخضراء وغيرها، وما تلاها من إغلاق ورفضٍ للمخطط الايراني في المنطقة بشكلٍ عام. هنا حرَّكَتْ طهران ورقتها الثانية ضد حكومة اقليم كوردستان وضد مؤسساتها التشريعية، ودفعت بجماعة " الاتحاد الوطني " الى التعطيل البرلماني والدستوري وخلق الفتن داخل البيت الكوردستاني، كمحاولة منها لانتزاع اعترافٍ صريح من البارتي الديمقراطي الكوردستاني للتسليم بالأمر لصالح إيران ومخططاتها الاقليمية والاستسلام لدورها القادم والجديد.
- الورقة الايرانية الثالثة:
- بعد أن فشلت إيران في النقطتين الأولى والثانية ووقوف حكومة اقليم كوردستان بوجه مخططاتها وتدخلاتها السافرة بكل ثباتٍ وعزيمة، واظهار قوة مواقفها وأوراقها وتحركاتها، سارعت إيران الى ممارسة الضغط السياسي على الفرق الشيعية في الحكومة العراقية، ولجأت الى تغيير بنود اتفاقية الموازنة العراقية والتي اتفقت عليها كلا الحكومتين في بغداد وأربيل.! وهذا ما حدا بحكومة اقليم كوردستان الى رفض كل هذه التغييرات الجديدة والاستثنائية في الموازنة العراقية العامة من طرف الفرق الشيعية، وتشبث الاقليم بحقه وبحصته وحصة مواطنيه من الموازنة، ورفض التلاعب بالبنود والاتفاقات التي أبرمت بين الطرفين الكوردستاني والعراقي رفضاً قاطعاً.!
- الورقة الايرانية الرابعة:
- إيران وفي موازاة تبريد بعض جبهاتها العسكرية وارتفاع منسوب أرباحها ونقاطها السياسية في بعض الأطراف والزوايا، وخاصة بعد عودة النظام السوري الى كنف الجامعة العربية كنتيجة طبيعية لاتفاقيات التطبيع بين الدول الخليجية وايران، تحاول إيران وبالتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي، المشاركة الكبيرة في بناء ونسج خارطة الاقتصاد الكبيرة والقادمة الى المنطقة، عبر مشاركاتها ومساهماتها القوية في بناء مشروع " الطريق الحرير " وبنسخته الجديدة. ذاك المشروع الذي يُقصي اقليم كوردستان تماماً من المشاركة والمساهمة في البناء والامتيازات، وتحاول إيران أيضاً وعبر عملائها ووكلائها في العراق بتقديم كافة المفاتيح والصكوك والعروض والمكاسب والامتيازات للدول الغربية الكبيرة وشركاتها الاستثمارية الكبرى، والتي تبحث عن مخارجٍ لها ولأزماتها الكبيرة ولديونها وأرباحها، تلك الشركات العابرة للقارات والتي يسيل لعابها عندما تسمع بهذه العروض والامتيازات. واجتماع جيران العراق اليوم في بغداد للبحث في انشاء " خط الحرير " هذا، لهو أكبر تحدٍ لكوردستان وسياساتها.!
- الورقة الايرانية الخامسة :
- ما أن سمعت الادارة الآبوجية - البعثية بهذا المخطط وبهذا المشروع الكبير، حتى بعثت ببعض رجالات الدين الآبوجيين الى الخليج كحركةٍ تمويهية للموضوع، للتباحث مع دول مجلس التعاون الخليجي، بضرورة مشاركة مناطق شرقي الفرات وادارتها الذاتية في أي مشروعٍ مارشالي قادم. طبعاً كل هذا جاء بمراقبة لصيقة ودقيقة من النظامين الايراني والسوري، الى جانب المراقبة الكبيرة من الجانب الروسي .
باسنيوز