• Saturday, 15 March 2025
logo

الهوية الوطنية على حساب الهوية الكوردية

الهوية الوطنية على حساب الهوية الكوردية

زيد سفوك

يعود الحاضر ليقلد التاريخ بثوب الشفافية والديمقراطية والدبلوماسية، ومن يعيدهُ بذات الصيغة ربما يتناسى ضمنياً أنها جريمة في حق الانسانية، حين يتم إنكار حق شعب تعداده الملايين وطمس هويته ودفن حقوقه بثغرات قانونية فتلك جريمة كبرى، وهذا ما يجري في الحاضر في حق الشعب الكوردي في سوريا وباقي الأجزاء الأخرى من كوردستان.

لا يمكن إنكار أن الهوية الوطنية وفق المساواة بين مكونات الشعب هي بداية طريق السلام، وهي مسار بناء المستقبل المشرق، لكن أن يتم استغلالها لطمس هويات أخرى فتلك بداية انهيار المجتمعات والدول وكل القيم والمبادئ الإنسانية، وهذا ما تثبته الوقائع والأحداث التي تجري على ساحة الشرق الأوسط والتي لم تتطرق عمليا وفعلياً على الأرض لحقوق الشعب الكوردي والاعتراف بوجودهم وحمايتهم وتأمين أبسط حقوقهم المشروعة وهو العيش في أمان واستقرار على أرضهم، غالبية الاتفاقيات السرية والمعلنة تدفع بالكورد للخضوع إلى الموافقة على الهوية الوطنية على حساب تاريخهم وتضحياتهم ودمائهم، تلك التضحيات التي كانت في الأساس لبناء وطن متكامل متجانس يضمن العيش المشترك والاعتراف بحقوق الكورد دستورياً وتطبيق بنوده دون القفز على القانون والالتفاف بالثغرات.

لا بد من التطرق إلى المنافسة السياسية الكوردية والتي كانت عاملاً سلبياً أيضاً تجاه القضية الكوردية، المنافسة على لعب دور البطولة والانتصار الوهمي في ذات الحفرة، لا يمكن أن ينتصر طرف سياسي على طرف سياسي آخر دون الخروج من دائرة المنافسة والتقدم نحو الأمام لتحقيق جزء بسيط من الهدف المتفق عليه الجميع، الانتصار الحقيقي هو تحقيق طموحات وحقوق الشعب الكوردي وليس الانتصار الحزبي أو الشخصي، لقد كانت وما زالت الأطر السياسية الكوردية تتنافس فيما بينها وتسجل أهدافاً في شباك بعضهم البعض، تاركين الملعب الأساسي وهو ملعب الشعب والذي من المفترض أن يكونوا متواجدين فيه بفريق واحد متماسك وصامد نحو الشعور القومي والعمل لبناء البيت الكوردي ومن ثم السير نحو بناء وطن معافى من الحقد والكراهية والعنصرية، وتجربة إقليم كوردستان العراق رغم وجود بعض السلبيات التي تتخللها أحداث ومصالح إقليمية إلا أنها تجربة غنية، قام الكورد ببناء بيتهم رغم كل الكوارث والحروب والقمع والاضطهاد الذي جرى في حقهم، ومن ثم انطلقوا لبناء عراق جديد يكون دولة دستور ومؤسسات وشرعية دولية، ورغم أن الأحداث هناك بين الحين والآخر تثبت أن التاريخ يحاول أن يعيد نفسه ليطمس الهوية الكوردية ويزيلها ضمن مفهوم الهوية الوطنية، إلا أن اصحاب القرار العالمي يدركون جيداً أن بناء دولة العراق لا يمكن بدون وجود الهوية الكوردية، وحدهم الكورد قادرون على التضحية في سبيل السلام وسد الثغرات لضمان العيش المشترك وبناء مجتمعات سليمة ومداواة جروح الماضي، وهو ما يجب أن تدركه القوى الفاعلة في سوريا وعدم تمرير أية صفقات على حساب هذا الشعب، ما زالت الرموز الوطنية الكوردية والمستقلون فاعلين في بناء بيتهم الكوردي في سوريا يداً بيد، وأية صفقات على حساب شعبهم لن يقبلوا بها، نعم قد لا يملكون ترسانات الأسلحة والاقتصاد المتين والدعم، لكن يكفي أنهم رافعون يد الكوردايتي وهي يد الكرامة ويد بناء المستقبل.


Top