• Saturday, 28 December 2024
logo

مراسم أربعينية قتلى الاحتجاجات الإيرانية تعود للواجهة

مراسم أربعينية قتلى الاحتجاجات الإيرانية تعود للواجهة

بموازاة المسيرات الليلية المتصاعدة، شارك المئات من الإيرانيين في مراسم منفصلة لإحياء ذكرى الأربعين لقتلى الاحتجاجات الذين سقطوا الشهر الماضي في عدة مدن بأنحاء البلاد، ووجه متحدث الخارجية الإيرانية تهديدات ضمنية إلى دول غربية، اتهمها بـ«تأجيج» الاحتجاجات، في وقت توسع نطاق الإضرابات في مصفاة عبادان للبترول.

وقالت «النقابة الحرة للعمال» إن عمال المنشأة البتروكيمياوية الأهم في إيران نفذوا إضراباً واسعاً، الاثنين، بعدما بدأوا إضرابهم بشكل محدود الأحد. وقال ناشطون عماليون إن الإضراب تسبب في وقف نشاط المنشأة.

وتأتي الإضرابات بعدما شهدت عدة شركات نفطية وشركات صلب ومصانع أخرى وأسواق كبرى إضرابات خلال الشهور الثلاثة الأولى من الاحتجاجات.

وتشهد إيران منذ 16 سبتمبر (أيلول) احتجاجات إثر وفاة الشابة مهسا أميني، بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق بدعوى «سوء الحجاب».

وقتل المئات من المحتجين في الحملة العنيفة التي شنتها قوات الأمن، بينهم عشرات الأطفال. وتقول منظمات حقوقية إن عدد المعتقلين يصل إلى 20 ألفاً. وقتل نحو 65 عنصراً من قوات الأمن. كما وجه القضاء الاتهام لأكثر من ألفي شخص على خلفية الاحتجاجات التي تعد السلطات جزءاً كبيراً منها «أعمال شغب».

ويواصل الإيرانيون احتجاجاتهم بأساليب مختلفة. وانتشرت أنماط من الفن الاحتجاجي. وتصدرت المرأة الحراك الذي ضرب غالبية المحافظات الـ31 في البلاد. وكان رجال الدين هدفاً للشباب المحتجين على أسلوب السلطات في إدارة البلاد، خصوصاً التضييق على الحريات الفردية.

وانتشرت ظاهرة إسقاط العمامة في الشهرين الماضيين. وتدولت تسجيلات فيديو خلال الأيام الأخيرة تظهر شباباً يخطفون عمائم رجال الدين بدلاً من إسقاطها.

وشكلت الاحتجاجات، التي طالب فيها متظاهرون من جميع الفئات بإسقاط النظام الحاكم في إيران، أحد أكبر التحديات للجمهورية الإسلامية منذ ثورة 1979.

وأظهرت تسجيلات الفيديو إقامة مراسم أربعين لقتلى في مدينة سنندج مركز محافظة كردستان، وكذلك مدينة سقز الكردية مسقط رأس مهسا أميني، التي أشعلت فتيل الأزمة في إيران، بعدما دخلت في غيبوبة بمركز للشرطة، قبل أن تفارق الحياة في المستشفى 17 سبتمبر الماضي.

وانتشر مقطع فيديو يظهر والدة المحتج آرام حبيبي في سنندج، تطلق حمامة بيضاء أثناء تجمع حول قبره. وتقول إنها أطلقت الحمامة «أمل حرية إيران».

وفي تبريز، أقيمت مراسم طالبة قسم الطلب في جامعة تبريز آيلار حقي التي تباينت الروايات حول أسباب وفاتها أثناء هجوم قوات الأمن على تجمع للطلاب. وقال شهود عيان إن قوات الأمن ألقتها من أعلى مبنى لجأت إليه، فيما قال مقربون من أسرتها إنها قتلت برصاصة في الرأس.

ولم تعلن السلطات حتى الآن نتائج التحقيق حول وفاة أميني بعدما رفضت أسرتها تقريراً من الطب العدلي بشأن وفاتها إثر مضاعفات من مشكلات صحية سابقة. وقال المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري، إن «الهيئة الطبية لم تعلن رأيها بعد في الطعن الذي تقدمت به أسرة أميني ضد الطلب العدلي» حول أسباب وفاة أميني.

كما توجه المئات من أهالي مدينة إيذج في شمال محافظة الأحواز الجنوبية إلى مقبرة المدينة للمشاركة في مراسم أربعين الطفل كيان بيرفلك، الذي سقط بنيران القوات الأمنية الإيرانية، حسب تأكيد أسرته، على خلاف الاتهامات التي وجهتها السلطات إلى من وصفتهم بـ«الإرهابيين» بالوقوف وراء إطلاق النار.

وكان رضا بهلوي ولي عهد إيران السابق ونجل الشاه الذي أطاحت به ثورة 1979، قد ناشد الإيرانيين بالمشاركة في مراسم الأربعين لقتلى الاحتجاجات.

وقالت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)، إن 507 محتجين قُتلوا في الاضطرابات حتى الأحد بينهم 69 قاصراً. وأضافت أن 66 فرداً من قوات الأمن قُتلوا أيضاً. وألقي القبض على ما يقرب من 18516 محتجاً.

وأكد خبير البرمجيات الإلكترونية، أمير عماد ميرميراني، إدانته بست سنوات سجن على خلفية اتهامه بـ«التآمر على الأمن القومي» و«الدعاية ضد النظام»، بسبب تغريدات نشرها خلال الاحتجاجات.

من جانب آخر، أفادت النائبة الإصلاحية السابقة، فاطمة سلحشوري، بأن السلطة القضائية أطلقت سراحها مقابل كفالة مالية بعدما وجهت إليها تهم «التجمهر والتآمر والدعاية ضد النظام».

ووجه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، تهديداً إلى الدول الأوروبية التي اتخذت مواقف غير مسبوقة في إدانة قمع الحراك الاحتجاجي الذي يهز إيران منذ سبتمبر الماضي.

وقال كنعاني خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، «لعبت بعض الدول، خصوصاً الدولة التي ذكرتها، دوراً غير بناء فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة في إيران». وأضاف: «كان دورها مدمراً للغاية وحرض على أعمال الشغب»، حسب «رويترز».

أما وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، فقد أشارت في تقاريرها إلى أن كنعاني أبلغ الصحافيين بأن تلك الدول «سترى الأضرار» دون الخوض في التفاصيل. ولفت إلى أن بلاده تلقت تأكيدات من تلك الدول بأنها «لم ولن تسعى وراء تغيير النظام في إيران»، لكن «بعض الدول الأوروبية لا تزال تصر على افتعال الأجواء السياسية ضد الجمهورية الإسلامية».

وأعلن الحرس الثوري في محافظة كرمان (جنوب) استهداف «شبكة إرهابية عملية لبريطانيا ومتورطة في إثارة أعمال الشغب الأخيرة»، وفق ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية عن الإعلام الحكومي الإيراني.

وأشارت نقلاً عن بيان للحرس، إلى أن الشبكة التي عرف عنها باسم «زاغرس»، كانت «تديرها مباشرة عناصر من بريطانيا، وأسست فريقاً من المرتزقة المعادين للثورة الإسلامية (...) تورطوا في إثارة الشغب والاضطرابات». وأضاف البيان أنه تم «القبض على عناصرها السبعة الرئيسيين»، ومن بينهم «أشخاص يحملون جنسية مزدوجة كانوا بصدد الهروب من البلاد، لكنهم وقعوا في قبضة قوات الأمن التابعة للحرس الثوري بمحافظة كرمان».

وقالت وزارة الخارجية البريطانية، إنها تسعى للحصول على مزيد من المعلومات من السلطات الإيرانية حول تقارير اعتقال مواطنين إيرانيين يحملون الجنسية البريطانية.

واتخذت طهران خطوات عدوانية على نحو متزايد تجاه مزدوجي الجنسية، إذ أعلن القضاء الإيراني في نوفمبر (تشرين الثاني) أن 40 أجنبياً، بعضهم من حملة جنسية مزدوجة، تم توقيفهم على هامش الاحتجاجات التي دخلت شهرها الرابع.

وقال كنعاني، إن طهران أخطرت حكومات المحتجزين وأبلغتها بـ«جرائمهم». وأضاف أن طهران سمحت للمحتجزين بالتواصل مع أسرهم في عطلة عيد الميلاد «لأسباب إنسانية»، وادعى أن «دور مواطني عدد من الدول، خصوصاً دول أوروبا الغربية، واضح تماماً في أعمال الشغب الأخيرة».

وعادة ما توجه إيران أصابع الاتهام في الأزمات الداخلية، خصوصاً الاحتجاجات، والمطالب المدنية، إلى «الأعداء الأجانب». وعلى غرار الاحتجاجات السابقة اتهمت طهران «الأعداء» بالتخطيط للاحتجاجات التي تحولت إلى ثورة شعبية للإيرانيين من جميع أطياف المجتمع، وتمثل أحد أخطر التهديدات لحكم رجال الدين الذين يحكمون في إيران منذ ثورة عام 1979.

وأثارت هذه تحركات ضد مزدوجي الجنسية مزيداً من التنديدات الدولية، وجعلت الجمهورية الإسلامية منعزلة. وتتهم حكومات غربية، طهران، باستخدام هؤلاء «رهائن» في سبيل انتزاع تنازلات سياسية أو الإفراج عن مواطنين إيرانيين موقوفين في الخارج. ومنذ ما قبل بدء الاحتجاجات، كان عدد من المواطنين الأجانب، بينهم حملة جنسية مزدوجة، موقوفين في إيران.

 

 

الشرق الاوسط

Top