• Thursday, 18 April 2024
logo

رئيس جبهة الحوار الوطني صالح المطلك: مافيات سياسية شجعت على الفساد وجعلته أسلوباً للحكم في العراق

رئيس جبهة الحوار الوطني صالح المطلك: مافيات سياسية شجعت على الفساد وجعلته أسلوباً للحكم في العراق

أكد السياسي العراقي، رئيس جبهة الحوار الوطني، صالح المطلك، النائب السابق لرئيس الوزراء، عدم اعتزاله للعمل السياسي:" لكنني انكفأت هذه المرة حيث شعرت ان الانتخابات التشريعية الاخيرة، 2021، بعيدة عن الديمقراطية."، حسب قوله، مشيرا الى ان :" مافيات سياسية شجعت على الفساد وجعلته اسلوبا للحكم في العراق حيث هناك شخصيات سياسية كبيرة ورطت سياسيين بملفات فساد لاخضاعهم لارادة قادة احزاب معينة."

وقال المطلك في اليوم الاربعاء، 7 كانون الاول 2022:" انا اكن احتراما كبيرا للرئيس مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني، لانه رجل مبدأي وصاحب قضية ناضل من اجلها باخلاص وتربطني معه علاقات عميقة وتاريخية." واصفا اقليم كوردستان بـ "المتطور وتحكمه سلطة القانون ويختلف تماما عن بقية مناطق العراق."

وعبر المطلك عن أسفه: "للخراب الذي يعم العراق وضياع القيم حيث انتشار المخدرات والسرقة وخراب التعليم والخدمات، واذا بقيت الاوضاع على ما هي عليه فان البلد بلا شك ذاهبا الى الهاوية".وابدى "ثمة تفائل بحكومة محمد شياع السوداني الذي يعمل بجدية لمكافحة الفساد، لكنه للاسف مقيد بالاحزاب التي رشحته لمنصب رئيس الحكومة."

وفيما يلي نص الحوار:

 

*  غبتم طويلا عن الساحة السياسية،فهل اعتزلتم العمل السياسي؟

 

صالح المطلك:لا.. لم اعتزل العمل السياسي لكنني انكفأت هذه المرة حيث شعرت ان الانتخابات التشريعية الاخيرة لا تجري بطريقة ديمقراطية ولا تؤدي الى نظام ديمقراطي لان من يفوز هم اصحاب المال الفاسد والسلاح والمتمسكين بالسلطة لتسخير موارد الدولة وامكانياتها لمصالحهم الشخصية، لهذا وجدت ان المنافسة غير شريفة ونتائج الانتخابات ستنتج طبقة من السياسيين، جزء كبير منهم، هم مافيات فساد لا يهمهم خدمة البلد والشعب العراقي بقدر خدمة مصالحهم، وهم من اوصل العراق الى الاوضاع السيئة التي نحن فيها اليوم، لهذا بقيت راقب الاوضاع.

 

* هل هي استراحة محارب..مثلا؟

 

 صالح المطلك: تستطيع القول هكذا..لكنني لا اجلس مستريحا ابدا، بل انا ارصد الاخطاء وانتقدها ايجابيا  في محاولة لتوجيه الراي العام العراقي الى ما يحصل واحفزهم من اجل التغيير للذهاب الى ديمقراطية حقيقية لادارة البلد..العراق لا يستحق ان يُنظر اليه باعتباره بلد الفساد والاضعف في كل ما هو ايجابي، والمتقدم في كل ما هو سلبي وسيء، كما لا يليق بنا ان نكون جزء من هذه الطبقة السياسية، لكل هذا قررت البقاء خارج العملية السياسية لتهيأة المجتمع للتغيير القادم، واستراحة المحارب ستنتهي عندما اجد تطور في وعي الشعب بالتغيير من خلال الانتخابات لاختيار طبقة سياسية نزيهة.

 

* هل هذا يعني انكم تستعدون للعودة الى العمل السياسي من خلال الترشيح للانتخابات القادمة؟

 

صالح المطلك: ما زلت انتظر واراقب الاوضاع وليس مستبعدا المشاركة في الانتخابات القادمة، قد لا ارشح شخصيا لكني سادعم مرشحين اعتمد عليهم في احداث التغيير المنشود والمشاركة في انقاذ العراق.

 

* لكنكم كنتم في منصب حكومي متقدم، نائب رئيس وزراء (2010)، وزعيم حزب سياسي ولكم مقاعد في البرلمان، وكان الفساد مستشري، لماذا لم تكافحوه وقتذاك؟

 

صالح المطلك: نعم كان هناك فساد ولكن ليس بهذا الحجم. كان حجم الفساد قليل قياسا لما عليه اليوم حيث وصل الى مستوى من الوقاحة باستباحة المال العام بما لا يمكن تصوره وبدون رقابة او محاسبة، هذا الوضع لا يليق بان تستمر الاوضاع هكذا.

 

* لكن الفساد هو الفساد ولا يحدد بحجم الاموال المسروقة؟

 

صالح المطلك:نعم بالتاكيد.زمع ذلك حاولنا مكافحته والحد منه وايقافه ولكن كان هناك من وقف ضدنا، وشجع على استشراء الفساد كي يورط سياسيين من احزاب اخرى ويحتفظون بملفات ضدهم لاخضاعهم لارادة رئيس هذا الحزب السياسي او ذاك..دعني اقول لكم هذه الحادثة، في بداية استلامي لمهامي كنائب لرئيس الوزراء، في عهد حكومة نوري المالكي الثانية، زارني اعضاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد وكشفوا عن ملفات خطيرة وقالوا ان الفساد استشرى بدعم من رؤوس كبيرة في الحكومة ونحن لا نستطيع التصدي لهم. قلت لهم زودوني بالادلة والوثائق وانا سوف اتصدى للفاسدين. كانت الهيئة العليا لمكافحة الفساد تتوقع مني الكثير وكاني املك عصا سحرية لمحاربة الفساد وتغيير الاوضاع، لكن الواقع غير هذا فالسلطة لم تكن بيدي، بل ان السلطة العليا عندما شعرت بنواياي الجدية لمحاربة الفساد قامت بمنع هيئة مكافحة الفساد رسميا من اللقاء بي والاجتماع معي..مثلما قلت لكم آنفا، كان الجو العام مع مشروع توريط السياسيين بملفات فساد لاخضاعهم لارادات معينة، وهكذا وجدنا ان هناك مجموعة من السياسيين المتورطين بالفساد وكل واحد فيهم يغطي على فساد الآخر.

 

* هل هذا يعني ان علينا ان نيأس من مكافحة الفساد؟

 

صالح المطلك:مكافحة الفساد يحتاج الى حلول صعبة جدا، وهي معركة شرسة، وتحتاج الى ارادة سياسية خيرة وللاسف هذه الارادة غير متوفرة لدى معظم قادة الاحزاب السياسية لانهم متورطون بملفات فساد ضخمة.

 

* انتم تصديتم للعمل السياسي باعتباركم احد ممثلي الجمهور السني في العراق، فماذا قدمتم للمكون السني؟

 

صالح المطلك:انا تصديت للعمل السياسي كممثل عن العراقيين ولادافع عن المظلومين والمهمشين، والسنة كانوا مظلومين ومهمشين وانا دافعت عنهم.

 

* هل تشعرون ان جمهوركم خذلكم؟

 

صالح المطلك: لا اعتقد ان جمهوري خذلني لكن ظروفهم الصعبة غيرت من بعض قيمهم ومبادئهم، لقد مروا بظروف قاسية جدا وابرزها احتلال تنظيم داعش الارهابي لمناطقهم، كما ادى اتباع اساليب سياسية غير نزيهة تلخصت بالتجويع والتطبيع التي غيرت الكثير من اخلاق الناس كما ادت الى تغييب المنظومة القيمية.

 

* هل انتم راضون عن التمثيل السني في العملية السياسية؟

 

صالح المطلك: انا شخصيا لست راضيا عن كل ما يقال عن التمثيل السني في الحكم..السنة مهمشون وغير مشاركين بفعالية في الاقتصاد والاجهزة الامنية والمخابراتية والعسكرية ويعانون من الاقصاء من تلك الاجهزة، هم بعيدون عن البنك المركزي او رئاسة المخابرات او الاستخبارات او قيادات الجيش، والسنة غير سعداء بهذا الاقصاء..اجهزة الحكم مسيطر عليها من قبل جهات معينة ومحدودة.. جهات تابعة للاحزاب التي بيدها السلاح والميلشيات وهي من تسيطر على البلد ومصيره.

 

* لكن البرلمان بيد السنة؟

 

صالح المطلك: رئيس البرلمان البرلمان شخص سني وليس بيد السنة، كما ان رئيس البرلمان ليس لديه سلطة اتخاذ القرارات كونها خاضعة لتصويت اعضاء مجلس النواب..والشخصيات السنية التي فازت في الانتخابات لم تفز بسبب شعبيتها لدى المكون السني بل بسبب المال السياسي وبامكانيات السلطة.

 

* وماذا عن النواب السنة، الا يقدمون اية انجازات لجمهورهم؟

 

صالح المطلك: الاولويات لدى المتصدين للعمل السياسي، من السنة والشيعة، ليست وطنية، سواء في الحكومة او البرلمان، الناس بحاجة الى اصحاب قضية وطنية لخدمة الشعب والبلد، واغلب السياسيين جاءوا من اجل خدمة مصالحهم  الشخصية، وهؤلاء تورطوا بملفات فساد ومن يتورط بالفساد يكون ضعيف بل حتى مبادئه تتغير ولم يعد يهمه خدمة الناس والوطن..انا اخشى على العراق بسبب انتشار الفساد والمخدرات والدعارة، هذه الظواهر خربت القيم الاخلاقية في المجتمع.

 

* كيف تنظر الى تجربة الكورد في إدارة اقليم كوردستان؟

 

صالح المطلك: نجاح اقليم كوردستان جاء من نجاح قيادته وخاصة الرئيس مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني، فهو رجل مبدأي وصاحب قضية ومناضل كبير من اجل قضية شعبه وانا أكن له كبير الاحترام والتقدير وعلاقتي به تاريخية وطويلة..من هنا جاء نجاح تجربة اقليم كوردستان.

 

* هل يمكن مقارنة تجربة اقليم كوردستان ببقية مناطق العراق؟

 

 صالح المطلك: لا يمكن مقارنة تجربة الكورد في اقليم كوردستان والاوضاع في بقية مناطق العراق فهم افضل بكثير ويفتخرون بانجازاتهم ومن حقهم ذلك، صار عندهم اقليم متطور وحضاري، وعندما ازور الاقليم اشعر باني في مكان آخر بعيد عن العراق من حيث البناء والتطور والاهم من هذا قيام الحكومة بفرض سلطة القانون والتزام الناس بتطبيق القوانين وهذا ليس موجودا في اية منطقة اخرى بالعراق.

 

* هل تعتقد ان هناك أمل بانقاذ العراق؟

 

صالح المطلك: اعتقد انه ما يزال هناك ثمة أمل وربما هذه هي الفرصة الاخيرة قبل انزلاق البلد تماما في الهاوية..العراق يحتاج الى شخص من الداخل وعاش ضروف البلد والعراقيين غير متورط بملفات الفساد ويمتلك الارادة الوطنية لمكافحة الفساد كونه الافة الكبرى للخراب.

 

* هل ينطبق ذلك على رئيس الحكومة محمد شياع السوداني؟

 

صالح المطلك: السوداني مهيأ لهذا الدور لو تحرر من سيطرة الاحزاب التي رشحته لموقعه كرئيس للوزراء، وهو جاد بمكافحة الفساد لكن قراراته مطوقة بسلطة الاحزاب السياسية ، واتمنى ان يذهب بعيدا لكشف جميع ملفات الفساد امام الناس انطلاقا مما سميت بسرقة القرن ومن يقف ورائها ومن تورط بها، وفي اعتقادي ان هناك اسماء مهمة لم يتطرقوا لها وليس فقط من اعلنوا عنهم او القوا القبض عليهم او هربوا خارج العراق..القضية اكبر من ذلك بكثير.

 

* كنت تنتقد باستمرار التدخل الايراني في الشان الداخلي للعراق..كيف تنظر الى هذا الموضوع اليوم؟

 

صالح المطلك: النفوذ الايراني وتدخله بالشان العراقي اقل مما كان عليه سابقا بسبب سوء الاوضاع الداخلية في ايران، لكنه يبقى اكثر قوة وسيطرة من دور الدول الاقليمية الاخرى والولايات المتحدة واوربا.. وايران تحتاج العراق اليوم ليقرب بينها وبين الدول العربية بسبب اوضاعها الداخلية.

 

* وماذا عن العلاقات بين العراق ومحيطه العربي؟

 

صالح المطلك: العلاقات بين العراق والدول العربية اليوم افضل بكثير مما كانت عليه ، فالعراق بدون محيطه العربي يكون ضعيفا وقد عمل مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء السابق على تقوية هذه العلاقات وبجهود وزارة الخارجية ايضا، كما يسعى السوداني لتطوير علاقات العراق مع الدول العربية.

 

 

  

حاوره: معد فياض -  روداو

Top