عفرين بين اتفاق وحرب الفصائل المسلحة
بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على مدينة عفرين في روجآفاي كوردستان، بدأ الفصيل المسلح، الذي يصف نفسه بالمعارض للحكومة السورية، بخطوات فرض نفوذه أمنياً وإدارياً على المدينة.
أكمل مسلحو هيئة تحرير الشام بعد ظهر يوم (13 تشرين الأول 2022) بسط سيطرتهم على مدينة عفرين في روجآفاي كوردستان، وانسحبت من المدينة قوات الفيلق الثالث لما يعرف بـ"الجيش الوطني السوري" الذي يمثل المعارضة السورية المسلحة المعروفة بارتباطها بتركيا.
بعد السيطرة عليها عسكرياً، بدأت خطوات إحكام قبضة هيئة تحرير الشام على عفرين، التي كانت تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) حتى العام 2018.
الخبير في شؤون الفصائل المسلحة في شمال سوريا، همام عيسى، قال لشبكة رووداو الإعلامية، إنه كانت هناك محادثات بين حكومة الإنقاذ وبين هيئة تحرير الشام لتسليم عفرين وريفها بالكامل إلى حكومة الإنقاذ.
همام عيسى الذي يقطن مدينة إدلب التي تعد عاصمة المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، قال: "اجتمعت قيادات هيئة تحرير الشام مع وجهاء عفرين وطرحت عليهم مجموعة مقترحات لإدارة المنطقة وحماية أمنها والتعاون في سبيل منع حدوث انتهاكات بحق المواطنين المدنيين وسكان عفرين الأصليين والنازحين".
جبهة تحرير الشام، واحدة من جماعات المعارضة السورية المتشددة وتشكلت سنة 2017.
وكانت الهيئة أمهلت في مساء 14 تشرين الأول، الفيلق الثالث التابع لـ"الجيش الوطني الحر" لسحب قواته إلى قرية كفر جنة (10 كم شرق عفرين) لكن الفيلق المذكور لم يلتزم بالمهلة فوقعت مواجهات بين الطرفين، شملت المناطق الممتدة من قرية مريمين جنوب كفر جنة إلى مقبرة حنان في غربها، وهذه المناطق تمثل الطريق الرابط بين عفرين ومدينتي أعزاز فحلب.
وأثناء المواجهات التي خلفت عشرات القتلى والجرحى، كانت هناك محادثات أدت في وقت متأخر من ليلة 14 تشرين الأول، إلى اتفاق لم يشر أي من نقاطه إلى انسحاب هيئة تحرير الشام من المناطق التي سيطر عليها.
كيف اندلعت المواجهات؟
انطلقت هيئة تحرير الشام من إدلب باتجاه عفرين، على أثر مقتل ناشط وزوجه الحامل في مدينة الباب على يد مسلحين تابعين لفرقة الحمزة، ووقعت مواجهات بينها وبين مقاتلي الجبهة الشامية التابعة للفيلق الثالث وفرقة الحمزة.
لم تكتف فرقة الحمزة ولواء السلطان سليمان وفرقة السلطان مراد (فصائل مقربة من تركيا) بتقديم تسهيلات لمسلحي هيئة تحرير الشام، بل ساهمت في المعارك التي تمت خلالها السيطرة على مناطق خاضعة للجبهة الشامية تزامناً مع هجوم هيئة تحرير الشام.
الصمت التركي، وانضمام أقرب حلفائها من الفصائل المسلحة إلى هيئة تحرير الشام، جعلا الكثير من المحللين يتخذون من هذين الأمرين دليلاً على وجود علاقة بين تحرك جبهة تحرير الشام هذا وبين الإرادة التركية.
الجهات المقربة من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ترى أن هذه الخطوة تعبر عن اتفاق تركي.
الباحث في الشؤون الستراتيجية، حسين عمر، يقول إن ما أقدم عليه هيئة تحرير الشام جاء بالاتفاق مع تركيا، وهناك تحالف بينها وبين تركيا "لأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد التخلص من هذه الفصائل المسلحة العميلة المتشرذمة قبل انتخابات 2023، التي تزعج تركيا مثلما يشكو الأهالي من تعامل الفصائل المسلحة معهم".
ويشير الباحث إلى الدور الروسي في ما يجري، ويرى أن ما يجري إنما هو من خلال اتفاق مع روسيا ليتسنى للأخيرة فيما بعد مهاجمة هيئة تحرير الشام بحجة القضاء على الإرهاب لكون الهيئة مدرجة في لا ئحة المنظمات الإرهابية بموجب قرار دولي.
عاد الهدوء إلى عفرين بحلول مساء 15 تشرين الأول، في حين أفاد مصدر لرووداو، مع داخل مدينة عفرين، بأن: أكثر من 400 من مسلحي هيئة تحرير انتشروا في مقرات فرقة السلطان مراد ومحيط جسر ميدانكي، مع شائعات تتحدث عن هجوم باتجاه مدينة أعزاز لعزلها والسيطرة على منفذ باب السلام الحدودي مع تركيا في حال فشل المحادثات بين الطرفين.
روداو