هوشيار زيباري: قرارات المحكمة الاتحادية هي سبب الأزمات الحالية
حاوره:ديار كورده*
وصف عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني هوشيار زيباري، قرارات المحكمة الاتحادية بأنها "سبب الأزمات الحالية"، محذراً من أن "أي حكومة بغياب التيار الصدري لن تنعم بالاستقرار، وأمام تشكيل الحكومة الكثير من المشاكل غير المحلولة".
وقال هوشيار زيباري في مقابلة ان "الضربة الإيرانية باستخدام الصواريخ والمسيرات جريمة كبيرة"، مبيناً أن "ردود الفعل الدولية على الضربات بينت أن أمراً عظيماً حدث، لكن المؤسف أن غالبية قيادات الشيعة سكتت عن الضربات".
وأشار زيباري الى وجود "لجنة أمنية بيننا وبين جمهورية إيران الإسلامية"، واصفاً الهجمات التركية والإيرانية بأنها "تزعزع الاستقرار".
زيباري لفت الى انه "من المؤسف أن غالبية قيادات الشيعة ورئيس الجمهورية التزموا الصمت تجاه الضربات الإيرانية، والإدانة لا تكفي، فبإمكان الحكومة العراقية أن تفعل الكثير رداً على الضربات".
ونوه الى انه "كانت هناك جهود كبيرة لإيقاف مشروع تحالف الديمقراطي الكوردستاني والسنة والتيار الصدري"، واصفاً "قرارات المحكمة الاتحادية هي سبب الأزمات الحالية"، ومعتبراً "قرار انسحاب التيار الصدري كان خطأ ستراتيجياً".
نص الحوار:
* قصفت جمهورية إيران الإسلامية، يوم الأربعاء (28 أيلول 2022)، مقرات الأحزاب الكوردستانية المعارضة لها في إقليم كوردستان، وفي نفس اليوم قصفت تركيا مناطق من إقليم كوردستان. لماذا تتكرر هذه الضربات باستمرار؟
هوشيار زيباري: الضربات التي نفذتها إيران بالصواريخ والمسيّرات جريمة كبيرة بحق كوردستان العراق وسيادة العراق، وهذا مرفوض من جانب أي كان، والإدانات التي صدرت عن واشنطن سواء من البيت الأبيض أو وزارة الخارجية أو قيادة القوات الأميركية، إشارة قوية إلى أن هذه الهجمات غاية في الخطورة. كذلك موقف فخامة الرئيس، وحكومة إقليم كوردستان والعديد من الدول الأوروبية والعربية، كل ذلك بيّن أن حدثاً جللاً قد وقع.
استهدفت تلك المقرات بنحو 73 صاروخاً ومسيرة في آن واحد، وهذا حقاً تهديد أمني كبير للشعب الكوردي. هذا يبيّن أننا مكشوفون في مواجهة القوة الإيرانية الضخمة.
والمبررات تتمثل في وجود مقرات لأحزاب المعارضة الإيرانية في إقليم كوردستان، لكن هذه القوى لديها منذ زمن بعيد مقرات في إقليم كوردستان، حتى عندما كان صدام حسين في الحكم، كانوا هؤلاء يقيمون كلاجئين في كوردستان.
توجد بيننا وبين الجمهورية الإسلامية آلية أمنية والعديد من اللجان الأمنية، وهناك حلول في حال وجود تهديد مباشر لأمن الجمهورية الإسلامية، ولهذا ندينه مثلما فعل العالم كله.
أما الضربات التركية، فهي ليست بجديدة، والهجمات العسكرية التركية مستمرة منذ زمن. هم أيضاً يتذرعون بضرب قواعد (بي كا كا) أو تواجده على الحدود، لكن هذه أيضاً يجب أن تتوقف. لأن تلك الضربات لا تخلق الاستقرار في إقليم كوردستان ولا في العراق ولا المنطقة.
بحثنا هذا الموضوع مع كبار المسؤولين الأميركيين على جميع المستويات، الحكومة والكونغرس ومراكز البحوث وأصحاب القرار، وقد تفهموا الأمر وكانت أجوبتهم عن موقفنا جيدة وأنه يجب أن يقفوا إلى جانبنا ضد هذه الهجمات ووضع حد لتلك الاعتداءات.
* تلام حكومة إقليم كوردستان والأحزاب السياسية وحتى العراقية لكون مواقفها لا تتجاوز الإدانة، ما سبب ذلك؟ وماذا بإمكان إقليم كوردستان والعراق أن يفعلوا لإيقاف هذه الهجمات؟
هوشيار زيباري: تستطيع الحكومة العراقية أن تفعل الكثير، لكن المؤسف أنه باستثناء الأحزاب الكوردستانية لاذت غالبية قيادات الشيعة بالصمت، بل أن رئيس جمهوريتنا أيضاً التزم الصمت تجاه تلك الهجمات، وهذا موضع استغراب. لا أدري هل هذا ناجم عن الخوف أو العجز، فعلى الأقل ينبغي أن نرفع أصواتنا دفاعاً عن أهلنا.
*هل تعتقد أنه ناجم عن العجز؟
هوشيار زيباري: لا أدري، لا شك أن بإمكان العراق أن يفعل شيئاً. إن كان موقف الحكومة العراقية أشد وأوضح وردت على تلك التصرفات، ليس فقط من خلال إدانتها، فهناك طرق عديدة للتعبير عن الرفض، وهناك مسائل كثيرة في العلاقات يمكن أن تكون مؤثرة، هناك عوامل عديدة متوفرة لوضع حد لتلك الانتهاكات، لكنها لا تفعل.
* أجريت الانتخابات منذ سنة، وسبقتها اتفاقيات بين السنة والصدر والحزب الديمقراطي الكوردستاني بخصوص تشكيل الحكومة، لكن الإطار التنسيقي يتولى الآن قيادة محادثات تشكيل الحكومة، هل لديكم في الأطراف السياسية الكوردستانية أي اتفاقيات لتشكيل الحكومة الجديدة مع الإطار التنسيقي؟ إن كان ثمة أي اتفاق فما هي شروطكم ومطالبكم للانضمام إلى تلك الحكومة؟
هوشيار زيباري: عندما شكلنا التحالف الثلاثي في حينه، بنيناه على أساس نتائج الانتخابات. حسب نتائج الانتخابات الأخيرة، فازت ثلاث قوى وأحرزت أغلبية الأصوات وتشكل تحالف سياسي، استغرق ذلك ثلاثة أشهر ولم يكن وليد عشية وضحاها. بهدف تشكيل حكومة أغلبية سياسية في العراق.
نحن في الحزب الديمقراطي الكوردستاني استحسنا ذلك، لأننا كنا حينها سنصبح طرفاً صاحب قرار في الحكومة لا طرفاً ينضم إيها، بل كنا سنصبح مشاركين وشركاء في رسم سياسة تلك الحكومة ورأيها، وسيكون لنا رأينا فيها.
هو مشروع كبير أن يكون العراق أقوى وحكومته قوية ومستقلة لا تخضع لضغط هذا الجانب أو ذاك، تجري الإصلاح وتقف في وجه الفساد. كان مشروعنا متعدد الجوانب، لكنهم بذلوا الكثير من الجهد لإيقاف ذلك المشروع.
كان لإيران أثر كبير في منع تحقق مشروع حكومة الأغلبية السياسية
*: من الذي سعى إلى ذلك؟
هوشيار زيباري: الذين في الإطار التنسيقي، والمحكمة الاتحادية، وكان لإيران تأثير كبير في منع تحقق المشروع. قرارات المحكمة الاتحادية التي كانت السبب الرئيس في خلق تلك الأزمة، ومنها مسألة اشتراط الثلثين لانتخاب رئيس الجمهورية، وإبعادي عن الترشح. ثم جاءت القرارات المعادية لإقليم كوردستان واقتصاد إقليم كوردستان، والمتصلة بموضوع النفط والغاز، مع مجموعة قرارات أخرى سببت جميعاً تشكل هذه الأزمة.
يضيف هوشيار زيباري: بعد انسحاب أعضاء الكتلة الصدرية من البرلمان، كان هناك تفاهم، لكننا نرى أن هذا القرار كان خطأ ستراتيجياً، وما كان ينبغي أن يذهبوا. فلديهم قوة جماهيرية كبيرة وكان بإمكانهم الحفاظ على قوتهم تلك في البرلمان، لكن القرار قرارهم. رغم أننا أبلغنا مسبقاً بأنهم توصلوا إلى قناعة مفادها أن القوى التي تعمل ضدهم كبيرة جداً ولهذا قرروا الانسحاب، وأنهم سينسحبون من العملية السياسية أيضاً. ثم رأينا خروج التظاهرات ووقوع أعمال عنف.
نحن الآن في الحزب الديمقراطي الكوردستاني لسنا نادمين على دخولنا في ذلك التحالف، فقد تشكل برأي منا، وسيبيّن التاريخ أن تلك القرارات كانت في محلها، وحقاً طبيعياً لنا.
بعد انسحاب الصدريين من العملية السياسية في البرلمان، طلبوا منا أن ننسحب أيضاً من العملية السياسية في البرلمان، فقلنا لهم إذا انسحبنا ومثلما شغلوا مقاعد نوابكم المستقيلين، سيشغلون مقاعدنا نحن والسنة أيضاً بأعضائهم الاحتياط وهذا لا يصب في مصلحتنا، بل سنبقى ونشارك وربما يكون هذا أفضل.
وهكذا كانت هناك وساطات عديدة بين الإطار التنسيقي وقيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني مفادها أننا مستعدون لتشكيل الحكومة وأن الحكومة لن تدوم طويلاً وهي فقط للإعداد للانتخابات، وإذا تمت المصادقة على الموازنة العامة لسنة 2023 فهذا أفضل، وإلا سيتم على الأقل تخصيص موازنة للانتخابات.
نحن لم نخض في الحوار بدون رؤية واضحة، بل جاء ذلك نتيجة مفاوضات، وحتى أن هناك مسودة بين الأطراف التي ستشارك، وتم وضع كل مطالب إقليم كوردستان فيها.
ورأى هوشيار زيباري أن: الوقت لا يزال مبكراً.. شاركنا في أول جلسة للبرلمان، ولم نصوت لاستقالة الحلبوسي، وانتخب نائب آخر لرئيس البرلمان وتوقف الأمر عند ذلك. كان مقرراً أن يزور وفد من الأحزاب الرئيسة السيد مقتدى الصدر، في محاولة أخرى لإقناعه واستحصال موافقته على تلك الحكومة، وعدم الوقوف ضدها أو المشاركة فيها. لأن أي حكومة بدونهم (الصدريين)، خذوها مني، لن تشهد أي استقرار، وأنا مسؤول عن رأيي هذا. مسألة تشكيل الحكومة لا يزال أمامها الكثير، وليست سهلة، فهناك الكثير من المشاكل التي لم تحل.
الخطوة التالية، في حال الاستمرار، ستكون ذهابنا لانتخاب رئيس الجمهورية، وليس هناك أي اتفاق حتى الآن على مرشح معين.
*ما هي مشكلتكم مع الاتحاد الوطني الكوردستاني؟ هل هي مرتبطة بشخص ما؟
هوشيار زيباري: ليس لنا مشاكل شخصية مع أي شخص، حتى مع السيد برهم صالح ليست لدينا مشكلة شخصية.
هذا المنصب (رئيس الجمهورية) من حصة الكورد، ليس ملكاً للاتحاد الوطني ولا الديمقراطي الكوردستاني ولا الجيل الجديد، وقد أنيط بالكورد كتقليد يضمن حقوق شعب العراق والحقوق الدستورية لشعب إقليم كوردستان. فإن كان هناك انتهاك أو اعتداء على تلك الحقوق، يجب على رئيس الجمهورية وحده وبموجب الدستور أن يتخذ موقفاً ويقول للمحكمة وللبرلمان: كلا، هذا القرار غير دستوري.
لكون رئيس الجمهورية حامياً للدستور كان يجب أن يتخذ موقفاً من قرارات المحكمة الاتحادية
* ألم يفعل رئيس الجمهورية ذلك؟
هوشيار زيباري: لا، لم يفعل. لم يصدر عنه صوت ولا موقف.
*والفيتو الذي تستخدمونه ضده هو لأنه لم يتخذ موقفاً؟
هوشيار زيباري: بالتأكيد، ثم أن هذا المنصب منصب مهم بخلاف ما يعتقده الكثيرون الذين يظنون أنه منصب بروتوكولي وتشريفاتي.. لا، هو جزء من السلطة التنفيذية، وضامن لتطبيق الدستور الذي يضم كل حقوقنا. عندما يلوذ رئيس الجمهورية بالصمت، حتى على الهجمات الإيرانية التي لم نسمع له حتى الآن موقفاً بخصوصها، هذا أمر مؤسف.
* هل يوجد في الافق ما يشير إلى اتفاق الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني على ترشيح شخص معين لمنصب رئيس الجمهورية، وخاصة في المحادثات الأخيرة بينهما؟
هوشيار زيباري: ليس هناك أي اتفاق حتى الآن.
* أين تكمن العقدة؟
هوشيار زيباري: عندهم مرشحهم وعندنا مرشحنا، وهناك آخرون، هذه هي العقدة.
* ألن تتنازلوا عن مرشحكم؟
هوشيار زيباري: لا، مرشحنا هو ريبر أحمد.
* ماذا ستمنحون الاتحاد الوطني الكوردستاني مقابل منصب رئيس الجمهورية؟
هوشيار زيباري: لقد أخبرناهم من قبل بكل تلك الأمور. قلنا لهم هذا ليس ملكاً لأحد، وإذا اعتمدت نتائج الانتخابات فالديمقراطي الكوردستاني هو الأول، وهذا المنصب لديكم منذ سنوات، كان حينها للمرحوم مام جلال، ثم لفؤاد معصوم والسيد برهم. حتى أن منصب رئيس الوزراء الذي هو للشيعة لم يكن لحزب واحد. كذلك منصب رئيس البرلمان الذي هو للسنة لم يكن لحزب واحد. لهذا لا يصح احتكار هذا المنصب لحزب واحد ويقول إن المنصب لي إلى الأبد حتى إن لم أكن الأول وحتى إن لم أعط المنصب حقه.. هنا تكمن المشكلة.
* يمضي الحزب الديمقراطي الكوردستاني نحو عقد مؤتمره، ما هي التغييرات التي سيحدثها المؤتمر؟
هوشيار زيباري: هناك الكثير من التغييرات، وأهم التغييرات هو قيام اللجنة التحضيرية للمؤتمر بإجراء انتخابات تشارك فيها قواعد الحزب، لتمارس حقها في المشاركة في المؤتمر. من جهة أخرى، ستكون هناك تغييرات في أسلوب تنظيم الأعمال وطريقة عمل الحزب ويشهد كل مؤتمر تغييرات في قيادة الحزب التي ينضم إليها عناصر جديدة، فقد يكون السابقون قد تعبوا ولم يعودوا يمتلكون القدرة على المواصلة.
* هل ستكون هناك تغييرات في المكتب السياسي أيضاً؟
هوشيار زيباري: بالتأكيد ستكون هناك تغييرات في القيادة والمكتب السياسي أيضاً، لكننا في مؤتمرنا نتمتع بضمانة تفتقر إليها الأحزاب الأخرى، وهي أن عندنا مرجعاً يتمثل في فخامة الرئيس، وفي ظله لن نواجه أي كوارث.
* يشاع أن الرئيس مسعود بارزاني سيصبح مرجعاً كوردستانياً ولن يعود رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني. هل تعملون على أن يصبح الرئيس مسعود بارزاني مرجعاً لكل كوردستان وتجتمع الأحزاب كلها تحت خيمته، وأن لا يكون رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني؟
هوشيار زيباري: هذه رغبتنا، والحزب الديمقراطي الكوردستاني هو أساس حركة كوردايتي الجديدة، التي لم تبدأ فقط بالحزب الديمقراطي الكوردستاني، بل قادها الحزب لأكثر من 70 سنة، ولهذا ليس هناك أي تعارض بين أن يكون فخامة الرئيس رئيساً لكل الكورد وأيضاً رئيساً لحزبنا، وهذا لن يحدث فرقاً.
* كانت لكم لقاءات واجتماعات في واشنطن. من الذي التقيتموه من كبار المسؤولين الأميركيين وماذا ناقشتم معهم؟ بالتحديد فيما يخص إعادة تنظيم قوات البيشمركة..
هوشيار زيباري: في الحقيقة لا أستطيع البوح بكل أسراري. التقينا كثيرين في وزارة الخارجية والإدارة ووزارة الخزانة ووزارة الدفاع والكونغرس والأمن القومي والإعلام ومراكز البحوث، والكثير من أصدقاء الشعب الكوردي الأميركيين.
* هل واجهتم اللوم على إعادة تنظيم قوات البيشمركة؟
هوشيار زيباري: لا، توقيع مذكرة التفاهم بين وزارة شؤون البيشمركة ووزارة الدفاع الأميركية لأربع سنوات قادمات، أفضل مكسب للشعب الكوردي ولقوات البيشمركة، فهو في حد ذاته دليل على استمرار الالتزام. سيجري دعم قوات البيشمركة، وأصدقاؤنا وحلفاؤنا لن يتخلوا عنا. يرون قوات البيشمركة قوات فعّالة وصديقاً مقرباً لهم، وكان هذا مكسباً كبيراً. وكانت السيدة بيان (ممثلة حكومة إقليم كوردستان في أميركا، بيان سامي عبدالرحمن) مع الوفد في كوردستان، وجرى تنظيم مراسم لائقة، وأعتقد أن توقيته كان جيداً جداً.
* هل حاولتم إزالة العقبات السياسية عن طريق توحيد قوات البيشمركة؟
هوشيار زيباري: نعمل على ذلك، وقد أعيد حتى الآن تنظيم 15 أو 16 لواء، لكن العملية لن تكتمل بين ليلة وضحاها، والعمل جار على ذلك.
* شبكة روداو الأعلامية