الفقر في العراق أدى إلى ارتفاع نسب العنف والجريمة وانتهاك حقوق الإنسان
يسجل العراق منذ سنوات ارتفاعاً في معدلات الفقر والبطالة، رغم الأموال والثروات الطائلة التي يمتلكها البلاد ، إلا أن الفساد وسوء الإدارة لمؤسسات الدولة أسهم في تراجع مستويات النمو الاقتصادي وتهالك البنى التحتية.
ومع تلك المعدلات المرتفعة في مستويات البطالة والفقر، يسجل البلاد ارتفاعاً في معدلات النمو السكاني، كما أنها تسجل ارتفاعات أخرى في معدلات الجريمة وتعاطي المخدرات والاتجار بالبشر والتسول وغيرها من الأمور التي تنتج عن تدني المستوى المعيشي.
نسبة الفقر 25% في العراق
وفي هذا الصدد تقول أنسام سلمان، مسؤولة منظمة ‹ايسن› للتنمية وتطوير القدرات في حديث إن «الفقر وصل إلى 25% في العراق».
وتصف سلمان، آثار الفقر على المجتمع بـ «الكبيرة»، إذ تقول إنه «كلما ارتفع معدل الفقر يرتفع معدل الانتهاكات لحقوق الإنسان ويرتفع معدل الجريمة».
وتضيف مسؤولة منظمة ‹ايسن›، أن «نسبة الشباب في العراق عالية، وهذا ما تحسدنا عليها الدول الأوربية، فنحن بلد شاب»، وتستدرك «لكن لا توجد مشاريع حكومية تدعم الشباب وخصوصا الخريجين، لذلك يصبح الشاب العراقي بعد تخرجه من الجامعة عاطلا عن العمل ولذلك فهو غير مؤهل لتأسيس أسرة».
وتابعت سلمان «منظمتنا قامت بإحصائية وجدت من خلالها أن ارتفاع سعر الدولار أدى إلى ارتفاع الفقر بنسبة 3% خلال السنوات الأخيرة»، مبينة أن «البرلمان والحكومات لم يقدموا أي حلول لمعالجة المشاكل المجتمعية مما يؤدي إلى انتشار الفقر والعنف والمخدرات».
وأشارت مسؤولة المنظمة إلى أن «المساعدات الإنسانية غير كافية للشباب أو الأرامل»، وقالت: «نحن نحتاج إلى حلول جذرية».
وأوضحت أن «مجلس النواب من سنة 2006 لم يشرع قانون لدعم وحماية العائلة العراقية، كانت لدينا العديد من حملات الضغط لإقرار قانون العنف الأسري سنة 2019 لكن رحل القانون للأسف إلى البرلمان القادم».
وتؤكد أن «الواقع الذي يعيشه المجتمع العراقي أبشع بكثير مما ترصده القنوات والمواقع الاعلامية ، نتيجة الفقر وتدني المستوى المعيشي، إذ أن هناك الاتجار بالبشر وشركات يتعاقدون مع عوائل للاستجداء في نقاط المرور والشوارع والأسواق وبيع الأعضاء، كما أن منظمتنا سجلت حالات زواج لإنجاب الأطفال وبيعهم».
وكانت منظمة ‹فاو› للأغذية والزراعة، قد أعدت تقريرا بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي، سنة 2020 وأشارت في تقريرها إلى أن قرار خفض قيمة العملة المحلية سيؤدي على المدى القصير إلى زيادة أعداد الفقراء في البلاد بين 2.7 مليون و5.5 مليون عراقي.
وتوقعت وزارة التخطيط العراقية، ارتفاع نسبة الفقر في البلاد إلى 25 في المائة.
وقال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي في تصريحات صحفية، أن «الوزارة ستبدأ قريباً بتسجيل مسح جديد للفقر بالعراق، والوقوف على مؤشراته في ظل الظروف الحالية، سواء كانت المتعلقة بكورونا أو نتاج ظروف الغذاء العالمية».
وأضاف الهنداوي، أن «آخر إحصائية لنسب الفقر في العراق في عام 2019 قبل الجائحة، سجّلت تقريباً 22.5 بالمائة»، مبيناً أنه «ما بعد الجائحة وبسبب الظروف الاقتصادية والصحية ارتفعت النسبة، وتوقعاتنا الآن أنها قد تصل إلى 25 بالمائة»، مؤكداً أن «الحكومة اتخذت إجراءات لمعالجة مشكلة نقص بعض المواد الأساسية عالمياً».
الأحزاب والميليشيات تحتكر
من جانبه يقول الكاتب والباحث عزيز ياور ، إن «الأحزاب والكيانات السياسية والميليشيات تحتكر الوظائف والأموال والقطاعات الخاصة والحكومية».
وأضاف ياور، أن «البصرة وميسان والناصرية (جنوب البلاد) فيها نسب الفقر الأعلى، إضافة إلى المناطق المحررة من سيطرة تنظيم داعش ، وتحديداً مدينة الموصل (مركز نينوى) ، التي تتراجع فيها الخدمات ولا يزال معظم الذين عادوا إليها بلا مصادر رزق بسبب الخراب».
ويرى ياور، أن «الموارد المالية الكبيرة التي حصلت عليها الحكومة العراقية من جرّاء بيع النفط بأسعار هي أكثر مّما نصت عليه موازنة عام 2021، لكنّ العراقيين لم يستفيدوا من الأمر على الرغم من ذلك، ولا أحد يعرف أين ذهبت هذه الأموال».
ويعتقد الباحث، أنّ «الفقر سوف يتصاعد أكثر في العراق، بالنظر لأن المصانع والمعامل الحكومية غير مفعلة ومهملة، ناهيك عن أن الحكومة لا تشجّع على الاستثمار وتعتمد بشكل أساس على الاستيراد من الخارج، وهو الأمر الذي من شأنه أن يفاقم نسب الخريجين العاطلين عن العمل ويؤدّي إلى زيادة مفرطة في أعداد الفقراء والمحرومين، في مقابل طبقة تزداد ثراءً وتخمة».
ويعيش 9 ملايين عراقي تحت خط الفقر، فيما يستفيد نحو 3 ملايين عراقي فقط من المعونات المادية التي تقدّمها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
وقالت المديرة العامة لدائرة الرعاية الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ذكرى عبد الرحيم، إن «المستفيدين من رواتب شبكة الرعاية الاجتماعية يبلغ عددهم 1.4 مليون أسرة، فيما يبلغ عدد الأسر المستحقة لرواتب الرعاية 3 ملايين أسرة»، وأضافت أن «200 ألف شاب قادر على العمل يستفيدون من رواتب الرعاية الاجتماعية»، لافتة إلى أن «الوزارة تسعى إلى تحقيق العدالة بفتح التقديم على الرعاية الاجتماعية، وشروط التقديم ليست جديدة».
باسنيوز