العراقيون وسط دوامة الحيرة والقلق .. الأزمة السياسية تتصاعد ولا حلول في الأفق
يعيش العراقيون منذ الانتخابات النيابية التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، على وقع أزمات سياسية متداخلة ألقت بظلالها على حياتهم المعيشية، وفرضت حالة من الخوف والتهديد ضد مصادر رزقهم، في ظل غياب الموازنة المالية للعام الحالي.
ومرد ذلك، إلى عدم تمكن القوى السياسية من تشكيل حكومة لإدارة دفة البلاد، فضلاً عن تصاعد الخلافات بين التيار الصدري وقوى ‹الإطار التنسيقي› حول شكل الحكم، وآلية تشكيل الحكومة.
ومرت تلك الخلافات بسلسلة مراحل، بدأت أولاً حول الاعتراض على نتائج الانتخابات، والاحتجاجات التي أطلقها ‹الإطار التنسيقي›، وصولاً إلى استقالة نواب التيار الصدري، واقتحام أنصار التيار المنطقة الخضراء، وتطويق البرلمان، وبدء اعتصام مفتوح فيه.
مخاطر اقتصادية
في المقابل، فإن حالة من الوجل والقلق تسود الشارع العراقي، خاصة العاصمة بغداد، حيث يتراءى الفريقان المعتصمان في المنطقة الخضراء ومقترباتها، وهو ما ينذر بصدام وشيك في حال انطلاق الشرارة الأولى لذلك.
وعبر مواطنون في العاصمة العراقية بغداد، عن مخاوفهم والقلق الذي يساورهم، جرّاء غياب الحل النهائي للأزمة السياسية الراهنة، في ظل تعطل مصالح الكثير من القطاعات، وهو ما ضاعف البطالة في صفوف الشباب.
ويقول اقتصاديون، إن أثر بقاء العراق من دون موازنة مالية سينعكس سريعا على الإيرادات، إذ أن تأخير إقرار الموازنة يتسبب بهدر المال العام، ونقص الإيرادات بسبب عدم تطبيق خطة الحكومة المالية المتمثلة بـالموازنة التي ستتضمن بالضرورة إجراءات تعظيم الموارد المالية، وبلوغ أقصى الإيرادات.
كما أن لهذا التأخير تداعيات خطيرة، إذ يؤدي بالضرورة إلى تأخر إنجاز المشاريع المخطط لها، وربما يكون في هذه المشاريع ما هو طارئ يتعلق بالأمن الغذائي، ودعم الشرائح الاجتماعية الفقيرة، أو أمن الدولة واحتياجاتها من الأسلحة، والأجهزة والمعدات أو المشاريع الطبية والخدمية والتعليمية البالغة الأهمية التي لا تحتمل التأخير.
المواطن علي الشمري، وهو يعمل في مجال البناء، يقول ، إن المقاول الذي يعمل معه تعطلت مشاريعه بسبب تأخر الدفعات المالية التي يتلقاها خلال السنة «وهو ما دفعه أيضاً إلى خفض أجورنا اليومية، بداعي عدم وجود الأموال».
وأضاف الشمري، أن «الكثير من القطاعات توقفت كذلك بسبب غياب التمويل، فيما بقي فقط الموظفون قادرون على مجاراة الحياة وتصاعد الأسعار، خاصة المواد الغذائية والمشتريات الأخرى».
قلق من المجهول
وفي ظل عدم وضوح الحل السياسي للأزمة الراهنة، وتمسك جميع الأطراف برؤيتها، خيمت حالة من القلق والارتياب على المواطنين، بداعي الخوف على سلامتهم وأبنائهم، ومصالحهم.
وهددت كتائب ‹حزب الله› بالنزول إلى الشوارع، واتخاذ إجراءات ميدانية، ضمن حالة الصراع التي يعيشها العراق.
ولجأ بعض سكان العاصمة العراقية بغداد إلى إقليم كوردستان لقضاء عطلة الصيف، وللهرب من واقع العاصمة لحين انفراج الأزمة، خاصة سكان المنطقة المحيطة بالخضراء، حيث يتجمع مئات المعتصمين من أنصار التيار الصدري وأنصار ‹الإطار التنسيقي›.
ومنذ أيام تصاعدت المطالبات للمرجع الديني علي السيستاني، بالتدخل عبر إصدار فتوى أو تعليمات لإنهاء الأزمة السياسية، وفك الاشتباك بين الأطراف المتنازعة.
وقال علي المياحي من مركز ‹نما› الإعلامي، إن «الخوف والقلق مشروع في ظل ضبابية الوضع الحالي، وعدم وجود خطة واضحة المعالم لإنهاء الأزمة السياسية، خاصة وأن الصراع في دوائر السياسة ينعكس في العراق بشكل متسارع على الشارع، وحتى على الواقع الاقتصادي».
ويرى المياحي في حديثه أن «على الكتل السياسية الاستدارة نحو الشارع، ومعرفة مؤشر الغضب والضجر والقلق في وجوه المواطنين، وهو ما ينذر بتفجر احتجاجات كبيرة، ربما لا يمكن احتواؤها».
وعلى رغم إطلاق سلسلة مبادرات سياسية لإنهاء الأزمة الراهنة، لكن أياً منها لم يسفر عن شيء، وكان آخرها مبادرة الحوار التي أطلقها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، يوم الأربعاء.
باسنيوز