البصرة.. واقع بعكس اسمها
حيدر دوسكي
لاشك أن الاوضاع والظروف المختلفة والمتذبذبة التي مر بها العراق وبالأخص بعد حرب الثمان سنوات مع الجارة إيران ومن ثم دخول الكويت، اثرت سلباً على اغلب القطاعات کالاقتصاد والسياسة والصحة وصولاً الى الواقع الاجتماعي.
العقوبات الاقتصادية نهاية القرن المنصرم زادت الطين بلة، والتي القت بظلالها على المشهد والواقع المعيشي وجعلت المواطن العراقي یصارع من اجل العیش من شمالە الی جنوبە.
كي لا اتطرق للحديث عن الماضي ومآسیە، منذ الصغر کنت اسمع اسم البصرة مقترناً باسم زاخو، کلما مر علی مسمعي من زاخو الى البصرة والعكس. کنت اتخیل البصرة کالعمود الفقري للاقتصاد ومصدراً أساسياً لتصدیر الذهب الاسود، وبعد سنوات عدة حانت الفرصة لي ان ازورها کموفد لشبكة رووداو الاعلامیة لعمل عدد من التقاریر الصحفية والتعرف على الواقع الموجود في هذه المدينة.
مع اقتراب هبوط الطائرة من الارض کلما نظرت من نافذتها الصغیرة، كنت ارى ناراً تعلو من الآبار النفطية تشعر ان في كل شبر هناك شرارة نار تضیئ، تتعجب.
هذە الآبار النفطية لا تعد ولا تحصی، لكن واقع المعیشة على النقيض تماماً عما رأیتە، فبحسب الارقام المعلنة من قبل وزارة النفط تنتج البصرة یومیاً اکثر من 3 ملايين برمیل اضافة الی التقاء نهري دجلة والفرات شمال المحافظة لتكوين شط العرب، إذ يبلغ طوله قرابة 200 کم تعبر من خلال البصرة، في المقابل کانت مشاکل البطالة ومیاە الشرب من اساسیات مشاکل الاهالي، اغلبیة الشباب الذین صادفتهم کانت شكواهم عن عدم وجود فرص العمل وسوء الخدمات والبنی التحتیة.. الخ.
لو سألت اي مواطن بصري عن واقع المعیشة في مدینتە الملیئة بالثروات؛ بلا تفكیر مطول ودون ادنى تردد يجيب: "البصرة لم تستفد من خيراتها او موقعها الستراتيجي"، وإن دل هذا علی شيء فإنما یدل على اهمال الحكومات المحلیة والمرکزیة بمتطلبات البصریین علی حد سواء، فأغلب المسؤولين الذين تسنموا المناصب بأصوات اهل البصرة اكتفوا بالاستفادة لما وصلوا اليه دون ان يحركوا ساكناً لتقديم اي خدمة للمدينة، هؤلاء کانوا مثل السیناریو المكرر منذ 2003 لأنهم لم یأخذوا بعین الاعتبار ابسط متطلبات الناس کتوفیر میاە الشرب مثلاً، فكيف بتوفیر فرص العمل او مكافحة الفقر وما الی ذلك؟.
لذلك تبادر الی ذهني ان اکتب عن زیارتي هذە الجمل عن واقع اناس طیبین تعلو الابتسامة وجوههم خاصةً لما عرفوا اننا ضیوف زادت طيبتهم وكرمهم.
روداو