المسؤولية الدولية للصين عن صاروخها المفقود
سنار شريف
يترقب العالم وسط حالة من الخوف والذعر اخبار وتطورات الصاروخ الصيني المفقود (لونغ مارش 5 بي) الذي يبلغ وزنه 21 طنا وطوله 33 مترا، وقد عجزت دول العالم بما فيها المتقدمة تكنولوجيا عن وقفه، وتقف الرادارات عاجزة عن صده نظرا لسرعته الهائلة، والتي تبلغ 28 ألف كيلومتر في الساعة.
يرى محللون أن هناك تضخيماً للمسألة أكثر من اللازم؛ لأن الصين قررت إنشاء محطة فضاء خاصة بها بمعزل عن الدول الأخرى؛ وذلك بعدما تم استبعاد رواد فضائيين صينيين من محطة الفضاء الدولية من قبل أميركا. ومنذ عام 2020 تقوم الصين بإرسال وحدات بناء محطتها، ومع كل حالة اطلاق صاروخ تقوم أميركا بإثارة مخاوف العالم، والسبب وراء الهدوء الصيني يعود الى عدة أسباب منها فنية تتعلق بطبيعة الصاروخ وقابليتها للإشتعال مع اختراقها للغلاف الجوي للأرض؛ مما يقلل احتمالية حدوث اضرار كبيرة (في حالة وقوعه في مناطق مأهولة).
وقد يسأل الكثير عن مدى المسؤولية الدولية التي تتحملها الصين وفقا للقانون الدولي اذا ما أحدث الصاروخ اية اضرار بدولة او دول اخرى؟
للاجابة على هذا السؤال دعونا نلقي النظر الى معاهدات الأمم المتحدة ومبادئها المتعلقة بالفضاء الخارجي، وخاصة اتفاقية المسؤولية الدولية عن الأضرار التي تحدثها الأجسام الفضائية، حيث تؤكد المادة الثانية من الاتفاقية على المسؤلية المطلقة للدولة (المطلقة للصاروخ) فيما يخص التعويض حيث نصت على: "تكون مسؤولية الدولة المطلقة مطلقة فيما يتعلق بدفع تعـويض عـن الأضرار التي يحدثها جسمها الفضائي على سطح الأرض أو في الطائرات أثناء طيرانها".
وتنص الاتفاقية على امتداد المسؤولية لجميع الدول المسببة في هذا الحدث بما فيها "الدولة التي يستخدم إقليمها أو تستخدم منشآتها في إطلاق جسم فضائي مشترك في عملية الإطلاق المشتركة".
يكون هناك إبراء مـن المسؤولية المطلقة "بقدر ما تثبت الدولة المطلقة أن الأضرار نشأت إما كليا أو جزئيا عن إهمال جسيم أو عن فعل أو تقصير من جانب الدولة المدّعية".
أما فيما يتعلق بالدولة التي تملك حق المطالبة بالتعويض فقد أعطت الاتفاقية الحق للدولة الجنسية، ودولة الإقليم، والدولة التي يقيم على أراضيها بشكل دائم المتضررون؛ بمطالبة التعويض عن تلك الأضرار، مما يعني في حالة تضرر أي شخص فهناك ثلاثة دول يحق لها المطالبة بالتعويض، أولاً الدولة التي يحمل الشخص جنسيتها فإذا لم تقم بذلك جاز للدولة التي تضرر الشخص في إقليمها، فإذا لم تطالب هي أيضا، "جاز لدولة أخرى أن تقدم مطالبة للدولة المطلقة، وذلك عن أضرار يكون قد تكبدها أشخاص مقيمون فيها بصورة دائمة".
وفيما يتعلق بطرق المطالبة بهذه التعويضات تنص المادة التاسعة من الاتفاقية على تقديم المطالبة بالتعويض عن الأضرار بالطرق الدبلوماسية، وفي حالة غياب العلاقات الدبلوماسية مـع هذه الدولة المطلقة، تقوم دولة ثالثة بتقديم مطالبتها إلى هذه الدولة المطلقة، كما يجوز لها أيضا تقديم المطالبة "بواسطة الأمين العـام للأمم المتحدة، شرط أن تكون الدولة المطالبة والدول المطلقة، كلاهما، من أعضاء الأمم المتحدة". ويجوز أن تقدم المطالبة بالتعويض عن طريق "رفـع الدعوى لدى المحاكم القضائية للدولة المطلقة أو لدى محاكمها أو هيئاتها الإدارية".
وفيما يتعلق بتحديد مقدار التعويض تنص المادة الثانية عشر على أن "يجب أن يكون وفقا للقانون الدولي ومبادئ العدل والإنصاف، بحيـث يكـون مـن شأن التعويض أن يعيد من تقدم المطالبة نيابة عنه، سواء أكان شخصا طبيعياً أو معنوياً أو دولـة أو منظمة دولية، إلى الحالة التي كان يمكن أن توجد لو لم تقع الأضرار".
نستخلص مما تقدم بأن المسألة ليست بهذا الحجم، وأن السياسة والإعلام لها دور في تضخيم المسألة. وفيما يخص الجانب القانوني، فإن أي دولة اشتركت مع الصين أو سمحت لها باستخدام أراضيها ومنشآتها ستكون مسؤولة عن تعويض أي ضرر محتمل. واي دولة تضرر مواطنيها في الخارج، وأي دولة وقع الضرر في أراضيها، واي دولة تضرر افراد يقيمون على أراضيها بشكل دائم لهم الحق في مطالبة بالتعويض عن الأضرار الناتجة. واستثناء من ذلك يمكن للصين أن تتبرأ من المسؤولية اذا اثبتت ان الأضرار نشأت إمـا كليا أو جزئيا عـــن إهمال جسيم أو عن فعل أو تقصير من جانب الدولة المدّعية، بشرط ان لا تكون عملية الإطلاق بحد ذاتها مخالفة للقانون الدولي.
روداو