شرط الخصومة في القانون و في السياسة.
فاضل ميراني
سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني
من يفهم السياسة يفهم ان شرط الخصومة ليس هينا دفعه في ساحة الصراع، ومن لا يفهم في السياسة يرى ان المصالح مضمونة في إثارة أي مشكل او الدخول على الخط طرفا متضامنا أم متخاصما معتقدا ان التصريح و الموقف هينان طالما كان هو مع الأقوى بنظره.
اكتب و أنا ارجي النفس ان لا يؤخذ الجمهور بالتصريحات غير المسؤولة و المفرغة من شرطي خصومة القانون و خصومة السياسية و هي تصريحات تكثر في سوح الإعلام سيما في ساحة الإعلام الحزبي في العراق و الذي صار متفرغا هذه الفترة و مثيلاتها من الفترات التي تسبق و تواكب الجلسة النيابية المنتظرة لحسم رئيس الجمهورية و تكليف رئيس مجلس وزراء، و لا ضير ان انبه هنا ان اخبارا تخص الفرد من أمن و صحة و بطالة و اختلاس و انتحار يجري بثها و بث أخبار تراجع الزراعة و التصحر و الفقر و كأنها في بلد آخر!
في القانون الخصومة هي رابط علاقة بين القضاء و مدع و مدعى عليه توجب الفصل فيها، علما ان القضاء ليس محكوما بشرط الحكم لصالح المدعي، ذلك ان القضاء يضع شروطا لقبول الدعوى شكلا و موضوعا، و من بين اهم الشروط في الدعوى هي صفة الخصومة، وهذا مبحث لابد ان ينتبه له الأفراد و الشخصيات المعنوية إذا أرادوا او ارادت التقاضي، كما ان الإحاطة بها مفيدة لفهم معنى الخصومة في السياسة متى ما وقعت خصومة فعلا، و الخصومة كما يجري تعريفها المتداول و المقبول هي نزاع على محل( شيء يقع عليه النزاع او بسببه)، و مثلما ان قضايا القانون بعضها يقبل الصلح برغم الخصومة فالسياسية ايضا فيها مساحات اكبر و مساحات للصلح بوجود الخصومة، هذا إذا كانت ثمة خصومة حقيقية و ثمة دربة و حنكة سياسية!.
نحن نفهم الخصومة سياسيا و نفهمها قانونا و عرفا، ومن يتابع مسيرة حزبنا و پرلماننا و حكوماتنا في الإقليم، و يستحضر معها النزاع التاريخي سيجد ان خصوماتنا السياسية لها مرتكزات قانونية ضمن القانون الوطني النابع من روح الدستور الذي صوتنا عليه و من روح القانون الإنساني، فكل الخصومات التي كنا طرف المدعي فيها تتعلق بسعينا للأفضل لشعبنا، إذا لا يصح ان تغطي مجموعة احداث مهما كانت أليمة و قسم منها بفعل فاعل يبحث عن مكتسبات على حساب شعوب العراق و منها شعبنا بكردستان، أقول: لا يصح ان يجري دفعنا لنسيان خصومتنا مع الذين دمروا حقبا زمنية من مسيرة أمة، او ان تتكرر الأفعال القديمة بوجوه و عناوين جديدة، فنحن لا تقودنا وسيلة اعلام موجه و لا تنطلي علينا تصريحات مفرغة و لا نجزع و لا نفزع من أقول و حركات الذين يسيرون الدرونز و يقصفون الآمنين.
في الشرع السماوي و في القانون الاسمى و في الفطرة الإنسانية شواخص بيّنة على الجرم و البراءة، و على الحق و على الباطل، ومعروف ان القضاء لا يتأثر بالرأي عامه و خاصه ان يتجه لأصدار حكم و الحكم بذاته قابل للطعن ضمن درجات معروفة في التقاضي، وهذا الأمر لا ضرر منه بل هو مفيد ان استحضره الذين يعملون في السياسة، فهو امر يبعدهم عن ممارسة الابتزاز العاطفي على الجموع لحرفها عن حقيقة الواقع الذي خسروا فيه( اقصد الجموع) دما و عمرانا و سمعة و تسببوا بإساءة للتاريخ و الدين.
المصدر: صحيفه الزمان