• Saturday, 18 May 2024
logo

مسرور بارزاني والاعلام

مسرور بارزاني والاعلام

معد فياض

 

في عام 2007، على ما اعتقد، كنت قد التقيت للمرة الاولى مع مسرور بارزاني، عندما كان مسؤولا عن جهاز امني رفيع في اقليم كوردستان، قبل التوجه الى مكتبه نصحني بعض زملائي من الصحفيين الكورد بان اكون جادا للغاية معه، وان لا امزح في اي موضوع "فهو لا يتقبل المزاح بل ولا يبتسم"، قلت" انا ذاهب لاجراء حوار صحفي وليس لامزح معه"..عندما وصلت الى مقره وجدته ينتظرني عند باب البناية، مرحبا، مبتسما، وسرعان ما ازاحت طريقة لقائه الحواجز بيننا، حتى اني قلت له"انت تبتسم؟"، ضحك وقال" ولماذا لا ابتسم"، ولكن يبدو ان مسؤولياته الكبيرة بالحفاظ على امن اقليم كوردستان من الارهابيين واعداء الاقليم، هي التي خلقت في اذهان البعض صورة مغايرة لشخصيته الحقيقية، بل ان طريقة تحيته واستقباله لم تختلف عن طريقة والده الزعيم مسعود بارزاني وابن عمه الرئيس نيجرفان بارزاني، فجميعهم تربوا على اسس العقيدة البارزانية السمحاء والتي تدعو للتواضع الجم. بعد ان انجزت حواري الصحفي وقتذاك ادركت مدى احترام مسرور بارزاني للاعلام وللاعلاميين.

تذكرت هذا اللقاء وانا اقرأ تفاصيل لقاء رئيس حكومة اقليم كوردستان، مسرور بارزاني، مع الزملاء الاعلاميين الكورد من مدراء وممثلي عدد من المؤسسات الإعلامية في إقليم كوردستان، يوم الاثنين (20 حزيران 2022)، خاصة عندما شخص اهم نقطة واخطرها قد يمارسها بعض من الاعلاميين، وهي ان "هناك أشخاصاً يريدون أن يشيعوا التشاؤم"، وهذا اخطر ما يمكن ان يمارسه اي اعلامي في العالم، حيث قال: أن "بعضاً من وسائل الإعلام يضخم من نواقص صغيرة، بينما لا ينقل أخبار المشاريع الكبيرة للمواطنين، كما لا يعمل على نشر الروح الوطنية"، مضيفاً "ربما لديكم انتقادات أيضاً، وقد جئت لأستمع إليها، ولكم الحرية الكاملة في طرحها".

خلال عملي ولسنوات طويلة ومع مؤسسات صحفية مهمة، عراقية وعربية، ادرك ان الاعلام سلاح ذو حدين، وكما بامكان الاعلام ان يشيع اجواء من التفاؤل، وان يحرص على نقل الحقائق بمصداقية عالية وشفافية، وهذه اهم اخلاق المهنة، فانه،الاعلام، في ذات الوقت يمكن ان يتحول الى اداة هدامة ويغير الحقائق ويبث التشاؤم بين المتلقين، وهناك امثلة كثيرة على الحالتين، ليست هناك منطقة وسطى، منطقة رمادية بين الاعلام الذي يتمتع بمصداقية عالية، وهي المنطقة الناصعة البياض والمشرقة، والاعلام الهدام، وهي المنطقة السوداء والمظلمة، اما من يعمل في المنطقة الرمادية والذي يجيد التطبيل والتزمير ويبيع ضميره وقلمه لمن يدفع أكثر، فهو لا يقل خطرا عمن يعمل في المنطقة السوداء.

علينا ان ندرك بانه ليس هناك اعلام غير منحاز، فهناك اعلام منحاز للحقيقة ولشرف المهنة، وهناك اعلام منحاز لتشويه الحقائق وخلق الفتن، وهوية الاعلام ورقيه او سوءه يقاس بمدى مصداقيته وشفافيته في عرض الحقائق دون تشويهها.

مسرور بارزاني، ولانه واضح وصريح، ويتمتع بمصداقيةعالية، معتمدا على ما تربى عليه عائليا واجتماعيا وسياسيا واكاديميا، وعلى انجازات حكومته الواضحة، فتح الابواب واسعة امام الزملاء الذين التقاهم، وعبر بوضوح عن الدور المهم للاعلام، وعن تقديره الكبير للاعلاميين الذين دعاهم لينتقدوا او يبدوا ملاحظاتهم بمنتهى الحرية، مشخصا الامور بوضوح، وفي رده على انتقادات وجهها الزملاء الذين حضروا اللقاء، حول مجموعة من القضايا، أشار، مسرور بارزاني، إلى أن: "الظروف التي يمر بها كل شخص تنعكس على آرائه، حيث يريد بعض الأشخاص الذين لديهم سلطة وتضررت مصالحهم أن يشيعوا التشاؤم"، مشددا على أن "حرية الإعلام في إقليم كوردستان أكبر بكثير من دول الجوار، حيث لم يعتقل أي شخص بسبب العمل الصحفي والمعتقد والعمل السياسي"، بينما، وحسب نقيب الصحفيين العراقيين ، مؤيد اللامي وفي حديث له قبل ايام لشبكة رووداو الاعلامية، ذكر فيه ان 500 صحفي عراقي قضوا منذ 2003 وحتى اليوم. يضاف الى ذلك ان هناك دول اقليمية تعتقل المئات من الصحفيين وبعضهم تعرض لعقوبة الاعدام بتهم ملفقة، مثل التجسس او العمل ضد امن الدولة.

مسرور بارزاني أشار الى نقطة في غاية الاهمية تتعلق باستقلالية الاعلام، عندما قال،ان: "الإعلام في كل العالم يتلقى الدعم من أشخاص وجهات، وهذا أمر طبيعي، لكن يجب أن تكون مصادر إيرادات تلك المؤسسات واضحة".

بالتأكيد ليس عندي اية شكوك بمصداقية ومهنية غالبية المؤسسات الاعلامية في اقليم كردستان، فانا اعتبر نفسي صديقا مقربا لزملاء يقودون مؤسسات اعلامية كوردية بارزة، بل انا شخصيا اشعر بالفخر لانني اعمل في واحدة من اهم وابرز الشبكات الاعلامية الكوردية، شبكة رووداو الاعلامية، والتي لها مواقع عربية وتركية وفارسية وانجليزية، اضافة للكوردية طبعا، على وسائل التواصل الاجتماعي، واعرف عن قرب، كوني في وسط المطبخ المهني، مدى حرص غالبية الزملاء الصحفيين الكورد على نشر الحقائق، ولو بدرجات متباينة وبحسب اسلوب هذه المؤسسة او تلك، ومدى تناولهم للقضايا الوطنية التي تهم اقليم كوردستان خاصة والعراق عامة من اجل اشاعة اجواء التفاؤل والوحدة ونبذ التطرف وعدم التشجيع على الخلافات.

وانا اغبط زملائي الذين حضروا اللقاء مع رئيس حكومة اقليم كوردستان، كنت اتمنى على مسرور بارزاني ان يدعوا عددا من الكتاب والصحفيين العرب، المقيمين في الاقليم خاصة، لينقلوا الحقائق للقارئ العربي وليردوا على غالبية من الاعلاميين العرب الذين يشوهون، سواء عن عمد او عدم دراية او سوء في ممارسة المهنة، الانجازات الكبيرة في اقليم كوردستان، فغالبية من المتلقين العرب قد يعتبرون ما يكتبه الزميل الكوردي ياتي من باب الانحياز لاقليم كوردستان وقيادييه بحكم انتمائه الوطني وولائه القومي، لكن الصحفي العراقي العربي المقيم في الاقليم والقريب جدا مما يتحقق هنا، والمطلع عن كثب على الحياة اليومية سواء في اربيل او السليمانية او دهوك او حلبجة، سيكون مقنعا بالنسبة للمتلقي العربي، داخل الاقليم وخارجه، وداخل العراق وخارجه.

 

 

روداو

Top