«الزلة» التي لا تغتفر.. حامد الموسوي يتسبب بليلة مريرة لـ ‹الإطار التنسيقي›
كان حامد الموسوي، وهو قيادي متطرف موال لإيران، على قناة تلفزيونية عندما أباح بتصريح «خطير» وُصف بأنه يهدد العملية السياسية في العراق، وأثار حفيظة المكونين السني والكوردي، وسط دعوات لمحاسبته والتبرؤ منه، خاصة وأنه أصر على تصريحاته المثيرة للغضب والجدل، ولم يقدم أي اعتذار.
وجاءت تصريحات الموسوي، في ظل التطورات السياسية الجديدة، واستقالة نواب التيار الصدري، حيث اتجهت الأنظار إلى مختلف القوى السياسية الأخرى، لمعرفة إمكانية المضي في تشكيل الحكومة الجديدة.
«فلتة لسان»
لكن الجانب الأكثر أهمية من حديث الموسوي كان في «فلتة لسان» صدرت منه في لحظةٍ خانه إدراكه أنه يتحدث على الهواء مباشرة وليس في غرف المفاوضات، حين قال إن «6 ألوية موجودة الآن قرب إقليم كوردستان» وأن هذا سيدفع القوى الكوردية إلى التحالف مع ‹الإطار›.
ويقصد الموسوي بالألوية الستة، قوات الحشد الشعبي المتمركزة في مناطق سهل نينوى المحاذية لأربيل عاصمة إقليم كوردستان، مثل «كتائب سيد الشهداء» و«اللواء 30»، و«كتائب بابليون» ومجموعة قوى مشابهة، تتصدر أسماؤها واجهات الأخبار بين فترة وأخرى.
لكن اللغة التي تحدث بها الموسوي لم تكن بدعاً في أدبيات حلفاء إيران، وربما لا جديد هنا إلا أن الرجل نقل عبارات غرف التفاوض إلى الشاشة، أما عسكرياً، فربما يشير تلويح الموسوي إلى أن القوى الموالية لإيران لن تكتفي بالقصف الصاروخي وعبر الطائرات المسيّرة كما جرى خلال الفترة الماضية، بل ربما عبر قصف مدفعي هذه المرة تنفذه تلك الألوية الستة التي هدد بها.
وتسببت تصريحات الموسوي بـ «ليلة مريرة» لحلفاء إيران، حيث أصدر عشرات النواب بيانات استنكار، فيما قضى مسؤول بارز في مكتب نوري المالكي ليلته وهو يطوف على مجموعات (واتساب) التي تضم السياسيين، ليؤكد للجميع أن تصريحات الموسوي لا تعبّر عن رأي الإطار التنسيقي، وأن مشاورات تشكيل الائتلاف الحكومي التي لم تبدأ إلا قبل ساعات، يجب أن تستمر.
ورد نواب من تحالف ‹السيادة› وكذلك الحزب الديمقراطي الكوردستاني على حديث الموسوي، مطالبين بإقصائه من الإطار التنسيقي.
وطالبت النائبة عن تحالف‹ تقدم› نورس العيسى، الثلاثاء، تحالف ‹الفتح›، بموقف حازم إزاء تصريحات النائب السابق حامد الموسوي.
وأوضحت العيسى في بيان، أن «مرشحًا عن تحالف الفتح فشل في الانتخابات الأخيرة تطاوَلَ على رموزٍ وقيادات لها دورها في العملية السياسية وثقلها الشعبي والبرلماني، بأسلوب بلطجيٍّ تجاوز جميع القيم الأخلاقية والأعراف السياسية».
وخاطبت العيسى تحالف ‹الفتح› قائلة: «لا يكونن تطبيق فيسبوك أفطن منكم بعد أن سارع باتخاذ موقف إزاء الفحيح الذي سُمِعَ في ذلك البرنامج»، محذرة من «خطورة الصمت أو تسويف ذلك التجاوز».
يُذكر أن حامد الموسوي هو نائب سابق عن تحالف ‹الفتح› الذي يضم قوى من بينها ‹العصائب› و‹بدر›، وبقي قيادياً بارزاً في الإطار التنسيقي حتى بعد خسارة مقعده في البرلمان عن محافظة كربلاء، واشتُهِر بتصريحاته المتكررة عن «المؤامرات الدولية» والترويج لحكاية التحالف العراقي – الصيني.
كما كان الموسوي من بين مستقبلي ومهنئي القيادي الحشدي قاسم مصلح، المتهم باغتيال الناشط إيهاب الوزني، وله لقاءات متكررة مع زعيم ‹الفتح› هادي العامري والقائد الفعلي لقوات الحشد الشعبي عبد العزيز المحمداوي (أبو فدك)، وسبق أن أحرق متظاهرو «تشرين» صورته وسط كربلاء، بعد هجومه المستمر ضد المحتجين.
وأصدر مكتب زعيم تحالف ‹الفتح› هادي العامري، بياناً بشأن التصريحات الأخيرة للنائب السابق في التحالف حامد الموسوي.
وقال المكتب في بيان، إن «ما صدر عن السيد (حامد الموسوي) في أحد الحوارات التلفزيونية أمس الاثنين، لا يمثل رأي الحاج هادي العامري أو الإطار التنسيقي أو تحالف الفتح».
وأضاف أن «هذه اللغة التي تحدث بها السيد الموسوي مرفوضة جملة وتفصيلا لأنها تعكّر المناخ السياسي وتخالف المنهج المعتدل الذي يتبناه تحالف الفتح وقيادته، لذا اقتضى التوضيح».
حقيقة الفصائل
من جهته، يرى الباحث في الشأن السياسي عماد محمد، أن «حديث الموسوي، يمثل اللغة الحقيقية التي تتحدث بها بعض الفصائل المسلحة، وهي بالفعل لديها تلك الحسابات، لكن المسألة أيضاً تُحسب على الاستخدام السياسي للحشد الشعبي، وضرورة تخليصه من الكتل التي تعتاش عليها، وتهدد به الخصوم، كما فعل الموسوي ويفعل آخرون، وهذه ليست المرة الأولى التي يصدر هذا الحديث تلك المجموعات وأشباهها».
ويرى محمد في حديث : أن «الوقت الحالي لا يحتمل مزيداً من التأجيج، بعد انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية، وتصدير خطاب وطني يلائم المرحلة المقبلة، ويسعى إلى تطويق الأزمة، والخروج برؤية واحدة، تدفع بالبلاد إلى التقدم، دون العودة إلى الماضي، والخطاب المتأزم».
وأعاد حديث الموسوي، التساؤلات بشأن فصائل الحشد الشعبي، وضرورة إنهاء التدخل السياسي في عملها، خاصة وأن رئيس الهيئة فالح الفياض، أكد يوم أمس، أن الحشد الشعبي منحاز للشعب، ولا يمثل أداة للتسلط أو التحكم،.
وقال الفياض في كلمة له، إن «فتوى الجهاد الكفائي غيرت مسار الأحداث وصنعت الأمة في العراق»، معتبراً أن «فتوى المرجعية الدينية خلقت للشعب العراقي روحا جديدة لمواجهة الخطر المحدق بالعراق».
ويرى مراقبون للشأن العراقي، أن سلوكيات القوى الموالية لإيران وتصريحاتها وتهديداتها، تدق يوماً بعد آخر مسماراً إضافياً في نعش قصة، أنفق صانع القرار الإيراني ملايين الدولارات لتمريرها على العراقيين، وهي أن «الحشد الشعبي لن يكون منحازاً سياسياً».
باسنيوز