هل بدأت الحرب على إقليم كوردستان؟
جان كورد
ربما يتساءل البعض عما إذا الحربٌ قد بدأت على إقليم جنوب كوردستان من جديد، بعد التصريحات الجهنمية بمناسبة نوروز وسواها للسيد جميل بايق من قيادة الحزب الأوجلاني، لذي دخل اسمه في قائمة الإرهابيين المطلوبين من الولايات المتحدة وحلفائها، وهي تصريحات متناغمة مع الهجمات الصاروخية الإيرانية الاثنى عشر بعدد أئمة الشيعة المتطرفين على عاصمة إقليم جنوب كوردستان، وكذلك التهديدات المتتالية لرأس النظام الإيراني لحكومة الإقليم، كما أن تصريحات الأوجلانيين بأنهم سيبدؤون القتال ضد الحزب الديموقراطي الكوردستاني قريباً متناغمة مع هجمات المنظمات الإرهابية وفي مقدمتها المحاولات المستميتة للاقتراب من عاصمة كوردستان من قبل داعش، وأنا أقول بأن الحرب لم تتوقف أبداً حتى تبدأ من جديد، إذ أن الهجمات الإرهابية على الإقليم لم تنقطع منذ اعتراف الدستور العراقي به كمنطقة ذات وضعٍ مميّز ضمن الدولة العراقية، وهذه الهجمات التي تكللت بالاحتلال العسكري لمدينة كركوك "قلب كوردستان" في أواخر عهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وذلك بالتواطؤ مع الجيل الأخير من (الجاش)، كما أن انتقال ساحة الحرب بين هذا الحزب الأوجلاني المصنّف إرهابياً والحكومة التركية من الداخل التركي إلى الإقليم الكوردي قد منح الحرب إطاراً غير الإطار الذي عهدناه أثناء حرب الأنفال الصدامية، ولذلك يمكن القول بأن شكل الحرب قد تغيّر أو تطوّر، إلاّ أن الهدف واحد وثابت، ألا وهو إزالة كل شكلٍ من أشكال الإدارة الكوردية في الإقليم، بل وأينما كان، وعلى هذا يتفق الفرس والأتراك وجزء كبير جداً من أتباع الملالي العراقيين وكذلك البعثيون الذين جلّهم من العرب السنة، ومن والاهم من العملاء الكورد والجاش الجديد في كوردستان.
وهذا يذكرنا باتفاقيات إقليمية لطمس الوجود الكوردي السياسي، ولكن أليس مثيراً للسؤال والنقاش أن يتفق مع هذه الأطراف حزبٌ يزعم أنه يكافح بالسلاح من أجل الأمة الكوردية، كما فعل ويفعل حزب الآبوجيين (ولدينا وثائق تثبت تحالفه سابقاً مع نظام صدام حسين ضد الحزب الديموقراطي الكوردستاني)، كما رأينا تحالفه العلني مع الحشد الشيعي في محاولةٍ يائسة للسيطرة التامة على منطقة (شنكال) الكوردستانية، ومن ثم فضح (بافل طالباني) نجل الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني توقيع عدة مسؤولين من الحزب الأوجلاني على وثيقة التعاون بين مجموعة من قيادات الاتحاد الوطني الكوردستاني وبين الحشد الشيعي لاحتلال مدينة كركوك، ومن ثم الكشف من قبل حكومة الإقليم في هولير آنذاك عن خلايا نائمة حاولت أو قامت بأعمال إرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار في الإقليم، ثبت لدى التحقيق أنها تابعة للحزب الأوجلاني، في الوقت الذي يتحالف الأمريكان والأوربيون مع الكورد ومع الديموقراطيين العرب للقضاء التام على إرهاب المنظمات المتطرفة في المنطقة وبعض الكتل القوية منها كحزب الله و الحوثي وحماس.
لم يكتفِ الحزب الأوجلاني بالمآسي التي تسبب بها لشعبنا الكوردي في غرب كوردستان، وإنما سعى و يسعى منذ حين بكل ما لديه من امكاناتٍ إعلامية وسياسية وتربوية تشويه كل الحقائق على أرض الواقع الكوردستاني، وهذا يحدث عادةً قبل الانخراط في الحرب، فتشويه سمعة القيادات الأخرى والاستهانة بوجودها وقواها من أساليب الدعاية الغوبلزية النازية، والحزب الأوجلاني معروف بعدائه السياسي الصارخ للإقليم وتسخيره لإعلامه المبتذل من أجل بث خطاب الكراهية والحقد على قيادة الحزب الديموقراطي الكوردستاني، وهو مستعدٌ للتحالف دائماً مع الحشد الشيعي والقوميين العنصريين الأتراك ومع خونة 16 أوكتوبر للنيل من كل من لا يصدّق إعلامه الذي شعاره الباطني: من ليس معنا ولا يتبعنا فهو العدو. وبحسب هذه السياسة الخرقاء، فإن عشرات الأحزاب الكوردستانية في محتلف الأنحاء في نظرهم "خائنة"، وهذا أسلوبٌ من أساليب التنظيمات النازية والفاشية والشيوعية...
وعليه، فمن الواضح تماماً أن الحزب الأوجلاني في حالة حرب دائمة، إعلامياً وسياسياً وأحيانا عسكرياً على إقليم جنوب كوردستان، وما تودده لطرفٍ من الاتحاد الوطني الكوردستاني إلا بسبب العلاقة المتينة للطرفين مع الحرس الثوري الإيراني الذي يجد في الديموقراطي الكوردستاني عائقاً متيناً امام توغلّه في الإقليم ومن ثم باتجاه الغرب صوب غرب كوردستان... ويبدو أن الاتحاديين المنحازين للأوجلانيين وملالي إيران والمتطرفين في الحشد الشعبي نسوا قصة "الثور الأبيض" الشهيرة.
وهكذا يبدو التساءل عما إذا كانت الحرب ستبدأ ضد الإقليم غير واقعي، حيث أن الحرب مستمرة ضده وتتكاتف جهاتٌ عدة في توسيع دائرة النار، إلاّ أن البعض من الكورد المخلصين والوطنيين يغطون رؤوسهم في الرمال كما تفعل النعامة عندما يقترب منها الخطر، أو يتجاهلون ما يجري حقاً من حولهم. وهنا تكمن المشكلة.
فلنتحرك وفق إحداثيات الواقع التي تحدد لنا مواطن الضعف في حراكنا السياسي عامةً.
باسنيوز