• Wednesday, 26 June 2024
logo

إقليم كوردستان على خارطة الطاقة العالمية

إقليم كوردستان على خارطة الطاقة العالمية

جواد ملكشاهي

بعد تغيير النظام السياسي في العراق في 2003 كان لابد لقادة اقليم كوردستان البحث عن موارد اقتصادية جديدة لبناء اقتصاد مستقل يعتمد على الموارد الذاتية وبناء البنية التحتية لتوفير الخدمات كالكهرباء والماء وشبكات الطرق والمواصلات والمستشفيات والمدارس وما تحتاج لها الحياة العصرية، ايماناً منها بأن شعب كوردستان الذي انهكته الحروب وجرائم الابادة الجماعية في عهد الدكتاتورية، لابد ان يبدأ مرحلة الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي.

السيد نجيرفان بارزاني، على الرغم من تجربته القصيرة في ادارة الحكم في الاقليم اثناء ترؤسه الحكومة للمرة الأولى، وضع برنامجين ستراتيجيين قصير وبعيد المدى لبناء اقليم قوي مزدهر يعتمد على موارده الخاصة، فكان لابد ان يبدأ العمل بخطى حثيثة للأستثمار في مجال الطاقة وفي عام 2006 بدأ العمل في قطاع النفط والغاز وكانت البداية توقيع اكثر من 50 عقدا مع شركات نفطية دولية صغيرة مثل غولف كيستون، وجينيل، وويسترن زاكروس.

باكورة الاستكشافات كان حقل شيخان العملاق الذي تقدر احتياطاته بـ 14 مليار برميل من النفط، وبرغم المشاكل والمعوقات التي اختلقتها الحكومة الاتحادية والتي حاولت بشتى السبل اعاقة ووضع العصي في عجلة تنفيذ المشروع من قبل حكومة الأقليم وثنيها عن هذا المشروع الستراتيجي وكذلك المشاكل الأمنية في المنطقة والبحث عن منفذ آمن لتصدير النفط المستخرج للأسواق العالمية، تمكنت من جذب شركات نفط عالمية عملاقة للعمل في المشروع كشركة اكسون موبيل التي باشرت في العمل في 2012 تلتها شركات شيفرون، وتوتال، وغاز بروم.

اليوم بعد مرور 16 عاماً على استثمار الطاقة في اقليم كوردستان ورغم جميع الضغوطات المحلية والأقليمية والمشاكل والمعوقات التي تعترض الصناعة النفطية، اصبح اقليم كوردستان ضمن خارطة الطاقة العالمية وله دور آني ومستقبلي مؤثر في اسواق النفط والغاز على مستوى العالم، وهذا ما برز في كلمة السيد مسرور بارزاني رئيس حكومة اقليم كوردستان في مؤتمر الطاقة الذي عقد في دبي الأسبوع الجاري.

وأكد مسرور بارزاني خلال كلمته عدة امور مهمة تخص صناعة النفط والغاز في اقليم كوردستان اهمها قدرة اربيل لتعويض كمية من حاجة اسواق الطاقة العالمية من الغاز، بالأخص بعد الحرب الروسية الأوكرانية وفرض عقوبات اقتصادية على موسكو التي اثرت على كمية الغاز المصدر الى دول اوروبا، وأضاف إن إقليم كوردستان سيبدأ بتصدير الغاز الطبيعي الى اوروبا قريباً، منوها الى أن أربيل ستصبح قريباً مصدراً مهماً للطاقة، وسيسهم في تلبية الطلب العالمي كما سيبدأ التصدير إلى تركيا في المستقبل القريب.

وفي سياق كلمته أشار الى قرار المحكمة الاتحادية العليا الأخير بشأن عدم دستورية قانون النفط والغاز لاقليم كوردستان المرقم (22) لعام 2007 الذي اقره برلمان كوردستان كورقة ضغط سياسية عاداً اياه قرار مسيس غير دستوري لا يمكن للاقليم الالتزام والعمل به كونه يمس الحقوق الدستورية لشعب كوردستان.

كما ارسل السيد رئيس حكومة اقليم كوردستان رسالة، طمأن فيها دول الجوار والمنطقة بأن اقليم كوردستان لا يشكل تهديداً او خطراً على جيرانه قائلا: إن كوردستان القوية المستقلة اقتصادياً لا تشكل تهديداً لجيرانها أو لشركائها في بغداد والمنطقة بل على العكس، لافتا إلى أن "حكومتنا ملتزمة بالعقود التي وقعناها مع شركائنا في قطاع النفط والغاز".

من مجمل كلمة السيد رئيس حكومة اقليم كوردستان يمكن الاستنتاج أن اقليم كوردستان بدأ مرحلة جديدة لبناء اقتصاد متكامل والاعتماد على موارده الذاتية من خلال حضوره في خارطة الطاقة العالمية وبالأخص في مجال صناعة الغاز واشارته الى تعويض قسم من حاجة دول اوروبا من الغاز بعد فرض عقوبات على روسية بسبب غزوها لأوكرانيا، دلالة على ان اقليم كوردستان سيكون في مصاف الدول الكبرى لتصدير الغاز بعد روسيا وقطر والجزائر.

والأهم من كل ذلك هو ان اقليم كوردستان يسعى للتعاطي مع الحكومة الاتحادية لحل الخلافات بين بغداد واربيل من جانب، ولربط مصالح دول المنطقة الاقتصادية والسياسية وبالاخص تركيا ودول اوروبا من جانب آخر، لضمان الحفاظ على كيان اقليم كوردستان من المخاطر والتهديدات الداخلية والاقليمية التي تحاول فرض هيمنتها على شعب كوردستان.

 

 

 

روداو

Top