العملات المُشفّرة.. إقبال يتزايد ومخاطر مُستمرّة
تُواصِل العملات الرقمية المشفّرة اكتساب أرضية كوسيلة للبيع والشراء، بدايةً بشراء الرموز غير القابلة للاستبدال باستخدام هذه العملة، وإعلان شركات عالمية استخدامها مثل شركة "تسلا" للسيارات، حتى بلغت قيمتها السوقية 1.6 تريليون دولار.
غير أن خبراء في الاقتصاد الرقمي أوضحوا لموقع "سكاي نيوز عربية" أن مخاطر استخدامها ما زالت عالية، إلا إذا خضعت لرقابة واعتراف البنوك المركزية الحكومية.
بوابة البنك الفيدرالي الأميركي
الخبير الرقمي محمد فتحي، قال إن انتشار العملات الرقمية مرتبط باعتراف الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي بها، مما يعطيها الشرعية والرقابة، ودون هذا سيخضع الأمر لقرارات كل دولة من حيث الإتاحة أو المنع.
وأضاف فتحي أنّه حتى الآن الدول لا تشارك فيها عبر البنوك الحكومية، وأمّا الشركات التي أعلنت التعامل "فهو أمر خاص بها حيث تطمح لتحقيق الربح بالاستثمار في شراء هذه العملات ثم إعادة بيعها بشكلٍ أكبر؛ وهو ما يُحقّق لها أرباحًا طائلةً في وقتٍ قصير، مثلما حدث مع شركة تسلا".
مخاطر كبيرة
يرصد الخبير الاقتصادي، وضاح الطه، مخاطر العملات المشفّرة، منها المصدر الذي تكتسب منه قيمتها "فسوق العملات تحتوي على 10200 عملة لا نعرف منها إلا عددا ضئيلًا، وهناك أيضًا مخاوف مِن أن نظام التشفير قد يساعد في عمليات غسيل الأموال ونقلها من جهةٍ إلى أخرى بشكلٍ غير قانوني، كما أنّها تعاني من شدّة التذبذب في قيمتها خلال فترات قصيرة، إضافة إلى عدم وجود احتياطي يساعد في تقييم السعر، وقيمة العملة مستمدّة من الإقبال عليها فقط".
ويضيف الطه أنّ عملة مثل "بتكوين" متاح منها 21 مليون قطعة، المصدر منها 18 مليون فقط، وقيمتها عالية بسبب كثرة المؤسسات التي تعرض بيع منتجاتها بهذه العملة، في ظل عدم توفّر عدد كبير متاح منها.
ويتّفق معه الخبير الرقمي محمد فتحي، الذي لفت إلى أن أسعار العملات المشفرة متغيّرة لأن عملية تعدينها وإنتاجها بطيئة جدًّا بسبب أنّها تخضع لعمليات حسابية معقّدة ولوغاريتمات كثيرة وشفرات طويلة باستخدام أجهزة كبيرة.
وحسب أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس في القاهرة يُمن الحماقي، فإن مشكلة العملات المشفرة أنها خارج سيطرة البنوك المركزية، ومَن يستخدمها مجموعة لديهم قدرات هائلة على التعدين بتقنية الكتل "البلوك تشين"، وهذا يضع حولها علامات الاستفهام.
وتحتلّ الصين نسبة كبيرة في تعدين البتكوين حيث يوجد بها 65% من عمال تعدين البتكوين، تليها الولايات المتحدة وروسيا بنسبة 7%.
سوق متذبذبة
أستاذ التمويل والاستثمار في القاهرة الدكتور مصطفى بدرة، يقول إن "مرجعيات سوق العملات الرسمية مرتبطة بعوامل؛ مثل الأداء الاقتصادي للدولة صاحبة العملة، ومرجعيات سوق النفط، والوضع مختلف في سوق العملات الرقمية التي تتفاقم فيها عملية المضاربة، وعادة ما يكون المشجّعون لارتفاعاتها والترويج لها على أنّها آمنة المضاربين أنفسهم".
ويضيف أن "نسبة المخاطرة المرتفعة في تلك العملات تأتي أيضا من إمكانية تدخل العنصر البشري بصورة مباشرة فيها، سواء بالتحويلات أو الأنشطة والعمليات غير المقننة دوليًّا، وهو ما يفسّر تراجعاتها ثم ارتفاعاتها المفاجئة".
لكنّ هناك أمرًا آخر غير معلومٍ كيف يمكن حله حتى لو تم الاعتراف الحكومي بهذه العملات، وهو استنزافها للطاقة، فقد ذكرت دراسة عام 2018 لمعهد "أوك ريدج في أوهايو" أن تعدين عملة بتكوين بقيمة دولار واحد يستهلك 4.7 كيلوواط من الطاقة، أي أكثر من ضعف الطاقة اللازمة لتعدين النحاس والذهب والبلاتين بقيمة دولار واحد.