• Wednesday, 24 July 2024
logo

عن حكومة الأغلبية الوطنية

عن حكومة الأغلبية الوطنية

شيروان الشميراني

دار مؤخراً الكثير من الحديث والسجال عن تشكيل حكومة الأغلبية في العراق، وما جعل من الأمر جديا هو تشبث التيار الصدري بها، محاولة منه في تحمل المسؤولية من دون تشويش أو أن يًشكل ضغط عليه كما كان في الحكومات السابقة والتي سببه حضور الجميع داخل الحكومة المتمددة المطاطية من حيث عدد الوزراء، وتوزيع كراسي المسؤولية وفقا لعدد المقاعد النيابية لكل فريق برلماني أو مكون قومي أو مذهبي في إطار البلد كله.

الحق أن الفكرة – حكومة الأغلبية – ليست جديدة، وهي ليست غريبة.

1- إن النظام البرلماني لا يعني غير حكومة أكثرية نيابية تتحمل المسؤولية الكاملة أمام الشعب في إستحقاق إنتخابي مقبل، وما فكرة الانتخابات ومشاركة الشعب سوى ذلك، عقاب الفاشل المسيء، مع وجود معارضة تكون عيناً مراقباً على الحكومة وتحاسبها شعبياً، وهذه إما تكون خاسرة في الانتخابات وتعيد ترتيب أوراقها، أو قراءتها السياسية الواقعية فإرتأت إختيار جبهة المعارضة من أجل تقوية موقعها ولتعود قوية وتزيح الآخرين لكي تقود الحكومة في المستقبل وتنفذ برنامجها.

2- إن أول من كان ينادي بحكومة الأكثرية هو كتلة دولة القانون عندما كانت في أوج قوتها بين أعوام 2008 و2010 وما بعدها تقريباً، وكان لسان نوري المالكي الإعلامي - أقصد علي الدباغ -، يذكر ذلك كلما رأى اللحظة مناسبة .

3- إن فكرة المعارضة السياسية لن تتحقق سوى بوجودها، ووجودها لن يكون إلا عبر حكومة أكثرية وأقلية معارضة، وفي حال عدم وجودها فإن الكثير من النصوص المتعلقة بالمعارضة والتداول السلمي للسلطة لن تتجسد على أرض الواقع.

ما يعرضه الصدريون عن الحكومة بأكثرية وطنية، المقصود منها أن تكون أكثرية لكن بصفة وطنية، بمعنى ان العراق مكون من اعراق واديان ومذاهب مختلفة، ومحددة جغرافيا الى حد كبير، لا يمكن إدارة الحكومة ومؤسسات الدولة بمعزل عن إحداها، هنا ومن أجل الانسجام بين هذه التشكيلة الوطنية والأغلبية النيابية صكّ الصدريون فكرة - الأغلبية الوطنية ـ الجامعة بين الإثنين، فهي متناغمة من جانب مع الأغلبية البرلمانية وتراعي في الوقت نفسه التشكيلة الوطنية.

لكن هذه الفكرة والنهج المقبول في تشكيل الحكومة، تواجهه تحديات حتى لو كانت قليلة فإنها خطيرة وتهدد السلم الأهلي، والسبب هو طبيعة العقل العراقي عن المعارضة مع مرور 18 سنة على التأسيس للنظام الجديد، وهي كالآتي :-

1- فمع مرور هذا الفترة الطويلة الا ان العقل السسياسي العراقي يعيش خارج المتعارف عليه في الدول الديمقرطية، وغير قادر على الالتزام بالدستور المستفتى عليه شعبياً، هذه الفترة التي مضت ليست قليلة، خاصة ان العالم كله كان مع العراق، بمعنى دعمه لإستكمال الطريق، وان الشعب كان ممتازا في هذا الجانب، إلا أن الأمر لم يجر كما هو مرسوم ومأمول، فلا أحد يمكن أن يتنبأ بنوع المعارضة التي من المفروض ان تتشكل، خاصة ان الجهات التي ترفض نتيجة الانتخابات كلها عسكرية، وتلوح بإستعمال السلاح متى رغبت واشتهت دون التقيد بسياسات الدولة، فهي تستعمله داخل حدود العراق كما تريد، وتهدد بإستعماله خارج حدود الوطن متى شاءت من دون الحاجة الى إستئدان المؤسسات السيادية المعنية.

2- التحدي الثاني، مسألة التوافق، وهناك معنيان للتوافق فيما يخص الحال السياسي العراقي، الأول، توزيع الرئاسات والمشاركة من الجميع دون إستثناء، والثاني، توزيع الرئاسات والأغلبية الوطنية، والوطنية تعني مشاركة المكونات الأساسية لكن ليس الجميع بل الأغلبية بما يتحقق معها النصاب المطلوب لتمرير الحكومة واكتسابها ثقة البرلمان.

هذان تحديان، التوافق حالة يبدو ان العراق لا يمكنه التخلص منها، لكن تخفيفها بالأغلبية في إطار المكونات كلها، يبدو شيئا جيدا كخطوة أساسية في السير نحو النظام البرلماني الطبيعي، فليس شرطا ان يشارك الكل، كما كان في المرات السابقة، بل جزء من الكل يكون الغالب عددياً في مجلس النواب، يواجهه جزء هو القليل عدديا داخل البرلمان.

أما أن يكون كما كان في السابق، فالأمور لا يرجى منها التحسن على الاطلاق والمواطن الذي يدفع الثمن من لحمه ودمه، يبقى المظلوم المطحون.

 

 

 

روداو

Top