ملكية عصرية ودستور.. كيف كانت أفغانستان قبل الانقلاب؟
أضحت أفغانستان، مؤخرا، في قلب الاهتمام العالمي، بعدما سيطرت حركة طالبان على عاصمة البلاد وانهارت الحكومة المركزية، لكن قلما يعود الناس إلى تاريخ البلاد، لا سيما إلى الحقبة الملكية.وآخر ملك حكم أفغانستان هو محمد ظاهر شاه، الذي تولى مقاليد السلطة في البلاد طيلة 39 عاما، ثم جرى إسقاط نظامه السياسي سنة 1973.
وكان الملك وزوجته حميراء بيغوم، معروفين بالمواقف التي تُوصف بـ"التقدمية"، رغم المخاطر التي كانت محدقة بحياتهما.
وباتت صورة أفغانستان مرتبطة بالفوضى والإرهاب لدى كثيرين، لكن الأمور لم تكن بهذا القدر من التردي قبل نصف قرن، عندما كانت البلاد تحت حكم نظام ملكي.
وكان الملك حريصا على انتهاج ورسم سياسات معتدلة للبلاد، حتى أن أفغانستان كانت من الدول القليلة التي لم تشارك في الحرب العالمية الثانية.
ولم يوقع الملك على أي حكم إعدام، على غرار ما فعل سابقه، وكان حريصا على تطويق حكم الإعدام وتعزيز المحاكمات العادلة أمام القضاء.
وبتوجيه من ملك أفغانستان، جرى عرض دستور جديد سنة 1964 من أجل نقل البلاد إلى ديمقراطية عصرية، وإجراء انتخابات برلمانية، وإقرار حقوق المرأة والحقوق المدنية.
وكان الملك يقوم بهذه الإصلاحات، جنبا إلى جنب مع زوجته حميراء التي ارتبط بها سنة 1931، وكانت مثيرة للجدل في حياتها لأنها ظهرت بدون حجاب، أمام العلن.
ورغم هذه الجهود، لقي الملك والملكة مصيرا وُصف بالمأساوي في حياتهما الشخصية، ذلك أن حياتهما لم تنته بسلام، حيث توفي ابنهما وهو ما يزال طفلا، في واقعة حامت حولها الشكوك.
أما في سنة 1973، وفيما كان الملك محمد ظاهر شاه بإيطاليا من أجل الخضوع لعملية جراحية في عينه وأخرى في الظهر، قام ابن عمه ورئيس وزرائه السابق محمد داوود خان بانقلاب على نظام الحكم وأعلن عن تأسيس "حكومة جمهورية".
وكان داوود خان قد أقيل من منصبه من قبل الملك قبل نحو عشر سنوات، وفي أغسطس التالي للانقلاب تنازل الملك محمد ظاهر شاه عن الحكم.
وقيل وقتئذ إن الملك آثر التنازل على المخاطرة في إدخال البلاد في أتون حرب أهلية، وعندما حصل هذا التحول السياسي، ذهبت حميراء بيغوم مع زوجها الملك إلى المنفى في إيطاليا، وأقاما في فيلا، شمالي العاصمة روما، طيلة 29 سنة.
وتوفيت الملكة السابقة، حميراء، سنة 2002، وجرى دفنها في العاصمة كابل، فيما توفي رحل ظاهر شاه عام 2007، فووري الثرى أيضا في العاصمة الأفغانية.