إسرائيل تنضم للاتحاد الأفريقي بصفة مراقب فما هي أبرز تداعيات ذلك؟
"إسرائيل عادت إلي أفريقيا"، هكذا بدأ المحلل السياسي الإسرائيلي شلومو جانور حديثه لبي بي سي، مؤكدا أن هذا الشعار تحقق بعد عقدين من محاولات الدخول إلى الاتحاد الأفريقي.
وقال جانور لبي بي سي إن إسرائيل استعادت علاقاتها مع 46 دولة أفريقية من أصل 55 دولة، "وهو الأمر الذي سمح لنا بالدخول في أروقة الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب".
كما أكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد، في بيان أن ثلثي دول القارة تقريبا استعادت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وبرر قبول طلب إسرائيل كمراقب في الاتحاد الأفريقي بأنه جاء وفقا لطلبات تقدمت بها بعض الدول في المنظمة.
ويرى البعض أن هذا الوضع الجديد لإسرائيل داخل المنظمة الأفريقية قد يضر بموقف التكتل الأفريقي في دعم القضايا العربية بشكل عام، والقضية الفلسطينية بشكل خاص، بينما يقلل البعض الآخر من هذا التأثير.
التمدد الإسرائيلي في أفريقيا
أكدت الدكتورة أماني الطويل، خبيرة الشؤون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن إسرائيل كانت خارج سياقات الاتحاد الافريقي بشكل كامل، فقد كانت علاقات إسرائيل مع غالبية الدول الأفريقية مقطوعة كنتيجة لنجاح العرب في ضمان التأييد الأفريقي للموقف العربي في الصراع مع إسرائيل، وخاصة في حربي 1967 و 1973.وأضافت الطويل أن مصر والدول العربية في الاتحاد الأفريقي إضافة إلى الدول الأفريقية الداعمة آنذاك استطاعت تصنيف إسرائيل كنظام استيطاني عنصري مماثل لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وأكدت أن عزلة إسرائيل في أفريقيا لم تفك جزئيًا إلا بعد عقد اتفاق كامب ديفيد عام 1979، ومع ذلك فقد استمرت الممانعة الأفريقية للعلاقات مع إسرائيل، إذ فشلت قبل ثلاثة أعوام في عقد قمة إسرائيلية - أفريقية في توغو.
وأضافت الطويل أنه حدث تراجع مصري وعربي في مستوى العلاقات التاريخية بين العرب والأفارقة في عصر مبارك.
ويقول الدكتور أحمد سيد أحمد، الباحث في العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات لبي بي سي، إن مصر كان لها نفوذ واسع في القارة الأفريقية، سواء على المستوى العربي الأفريقي أو المستوي الأفريقي الأفريقي، وذلك في عهد عبد الناصر، إلا أن هذا النفوذ بدء حالة من الضعف فى عهد مبارك وبخاصة بعد محاولة الاغتيال الفاشلة له فى أديس أبابا.التأثير على القضية الفلسطينية
صفة مراقب هي امتياز تمنحه بعض المنظمات لغير أعضائها، ويترتب عليه منحهم القدرة على المشاركة في أنشطتها، ولكن من دون التصويت أو اقتراح القرارات.
ويضم الاتحاد الأفريقي 87 دولة وسلطة تحمل صفة مراقب، وهي السلطة الوطنية الفلسطينية التي اعتاد رئيسها محمود عباس إلقاء بيانات أمام اجتماعات الاتحاد الإفريقي.
وكانت إسرائيل قد أعلنت حصولها بشكل رسمي على صفة عضو مراقب بالاتحاد الأفريقي بعد أن تقدمت سفارتها لدى إثيوبيا، حيث يقع مقر الأمانة العامة للاتحاد الأفريقي، بأوراق اعتمادها كمراقب لدى مفوضية الاتحاد بعد عقدين من الزمان من الرفض المتوالي من المنظمة الأفريقية.
وزير الخارجية الإسرائيلية يائير لابيد علق على هذا الحدث قائلا إن "هذا يوم احتفال بالعلاقات الإسرائيلية الأفريقية"، ووصف تلك الخطوة بـ "الإنجاز"، وهو ما أثنى عليه أيضا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
وتقول الدكتورة أماني الطويل إنه من الممكن أن يكون لوجود إسرائيل كمراقب "تأثير في بعض القرارات من خلف الكواليس، بل وتوجيهها لصالحها في ظل التقارب الكبير الذي تشهده العلاقات الإسرائيلية الأفريقية في الآونة الأخيرة، وهو ما قد يؤثر بشكل سلبي على القضية الفلسطينية".وتضيف الطويل أن دخول إسرائيل كمراقب بالاتحاد الأفريقي جاء نتيجة تطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية والأفريقية، فيما يسمى بـ "السلام الإبراهيمي"، وهو ما أطلقته إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على تطبيع بعض الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل، من بينها السودان والمغرب من الدول الأفريقية.
ويقول شلومو جانور إن وضع إسرائيل الجديد داخل المنظمة جاء نتيجة العلاقات الجديدة مع تشاد والسودان والمغرب في إطار "اتفاقات إبراهام".
وأضاف جانور إن العلاقات الدولية تقوم علي أساس المصالح، والمصالح الأفريقية مع إسرائيل تعلو علي مصالح أخري، مثل الموضوع الفلسطيني والمشاكل التي وصفها بالثانوية.
وأعرب الدكتور أحمد السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، عن القلق من فقد الفلسطينيين أحد أوراق الضغط المهمة لصالح قضيتهم والتي تتمثل في ربط عودة العلاقات وعمليات التطبيع مع إسرائيل بحل عادل للقضية الفلسطينية.
وقال موسى فقي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في بيان إنه يتمنى "أن يسمح هذا الاعتماد لإسرائيل كمراقب، بتعزيز موقف الاتحاد الأفريقي من أجل تحقيق مبدأ الدولتين وإقامة السلام المنشود بين الدولتين والشعبين الفلسطيني والإسرائيلي".الجزائر تنتقد وجنوب أفريقيا تعترض
وانتقدت الجزائر قرار رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي قبول إسرائيل كعضو مراقب في الاتحاد، وقالت في بيان "إن القرار ليس من شأنه التأثير على الدعم الثابت للقضية الفلسطينية ولا يمثل اختراقا استراتيجيا".
لكن الاعتراض الأبرز جاء من جنوب أفريقيا، حيث أصدرت وزارة الخارجية بيانا أعربت فيه عن صدمتها من القرار الذي وصفته بـ "الجائر"، وقالت إنه من غير المفهوم "أن تختار مفوضية الاتحاد الأفريقي مكافأة إسرائيل في وقت كان قمعها للفلسطينيين أكثر وحشية بشكل واضح هذا العام.
وأكد البيان "أن حكومة جنوب أفريقيا ستطلب من رئيس المفوضية تقديم إحاطة إلى جميع الدول الأعضاء بشأن هذا القرار الذي أعربت عن أملها في أن تتم مناقشته من قبل المجلس التنفيذي ومؤتمر رؤساء الدول والحكومات".
ويعتقد البعض أن دخول إسرائيل كمراقب في الاتحاد الأفريقي مع عدم استعدادها للتفاوض على خطة سلام مع الفلسطينيين بناء على القرارات الدولية لن يصب في صالح القضية الفلسطينية بأي شكل من الأشكال، رغم أن البعض الآخر يقلل من شأن هذا الدور ويؤكد على أن وجودها لايعدو مجرد وجود رمزي لن يكون له تأثير مادي على مواقف الدول الأعضاء الثابتة.