"عصيان مدني" يلوح في الأفق جراء غياب الصدريين عن الانتخابات
يبدو ان المشهد الانتخابي يزداد تعقيداً يوماً بعد اخر، كلما اقترب موعد الانتخابات المبكرة، لاسيما وان المقاطعين للانتخابات مازالوا على موقفهم، رغم المناشدات من القوى السياسية التي تدعوهم للتراجع عن قرارهم في المقاطعة، لكن تلك القوى التي حسمت امرها في عدم المشاركة في الانتخابات، لديها ما يبرر عدم التراجع عن قرارهم، ومنها المخاوف من عمليات تزوير محتملة قد ترافق الانتخابات التشريعية.
التيار الصدري يعد أكبر تلك القوى السياسية التي قاطعت الانتخابات التشريعية، وهناك شبه اجماع على ان التيار الصدري يمثل قوة مهمة في العملية السياسية، وان اي تجاوز لتلك القوى يشكل خطراً على اي حكومة مقبلة، لاسيما وان كثيرا ما اشار اليه نواب التيار الصدري، في اضطرارهم اللجوء للشارع العراقي من اجل تصحيح بعض المسارات السياسية على حد وصفهم، ووفق هذه المعطيات يرى المهتمون بالشأن العراقي ان المشهد السياسي قد يكون ملتهباً خاصة اذا اجريت الانتخابات في ظل استبعاد التيار الصدري، ومن يدري قد يعاد سيناريو حكومة عادل عبد المهدي.
مخاطر ابتعاد الصدريين عن الانتخابات
وفي ظل هذه التطورات السياسية للواقع الانتخابي العراقي اكد عضو مجلس النواب العراقي محمد الخالدي لشبكة رووداو الاعلامية اليوم الاربعاء (18 آب 2021) ان "موضوع الانتخابات من المواضيع المهمة جداً، والمنسحبين من الانتخابات هم نصف المشاركين في انتخابات عام 2018، ونسبة المشاركة في تلك الانتخابات كانت 20%، فاذا بقيت الامور على ما عليه الان، فستكون نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة 10%، وربما اقل من هذه النسبة بالنظر للقوى المقاطعة".
ويضيف الخالدي ان "العراق قد يتجه الى التغيير الجذري، اذا لم يتوفر حل لهذه الاطراف المنسحبة من العملية الانتخابية، من خلال ايجاد ضمانات للناخبين والمرشحين في مواجهة المال السياسي وسطوة الجماعات المسلحة على بعض المناطق والسلاح المنفلت والامن الانتخابي المتمثل في نزاهة الانتخابات من اي عمليات تزوير محتملة".
الخالدي يرى ان "تجاوز التيار الصدري يشكل خطراً على العملية السياسية، فالتيار تيار منظم ولديه جمهور نوعي وكذلك نوابهم نوعيين، لذا فان الحكومة لم تنظر لهذا الامر بجدية"، مشيرا الى ان "التيار الصدري بعثوا ممثليهم الى الرئاسات الثلاث وابلغوهم، انه من غير الممكن المشاركة في هذه الانتخابات، في ظل الوضع الراهن من سطوة للمال السياسي المنفلت وثغرات تتعلق في علمية الاقتراع ونزاهة الانتخابات".
"حكومة منقوصة"
وكان النائب عن سائرون، رياض المسعودي، قد أفاد أن عدم مشاركة التيار الصدري في الانتخابات المقبلة، تفضي الى حكومة منقوصة.
وقال المسعودي لشبكة رووداو الاعلامية، يوم الاثنين (16 آب 2021)، أن "كل القوى السياسية تدرك جيداً انه اذا رغبوا بإجراء انتخابات حرة ونزيهة ومقنعة وممثلة، لابد ان تشترك كل الاطراف الاساسية وفي مقدمتها التيار الصدري".
وأوضح أن "عدم مشاركة التيار الصدري في هذه الانتخابات يعني أن تكون الحكومة منقوصة، لأن اللاعب على الارض هو التيار الصدري".
المسعودي لفت الى أن "المهم هو مشروعية نتائج الانتخابات، وليس المهم باجراء الانتخابات"، متسائلاً: "ما هي مقترحات القوى السياسيىة لتصحيح العملية السياسية، وهل ستفضي الانتخابات الى تشكيل حكومة وطنية قوية، وهل ستفضي الانتخابات الى استقرار الشارع؟"، مردفاً أن "الجواب هو كلا".
"هل ستنهي الازمة بين الحكومة واقليم كوردستان؟ الجواب ايضا كلا، والقوى التي قدمت اعتراضات على قانون الانتخابات وعلى موعد الانتخابات الان تؤيد اجراء الانتخابات المبكرة بعد انسحاب التيار الصدري باعتبارها فرصة، وليس الهدف هو اجراء الانتخابات وانما الهدف هو نتائج الانتخابات"، وفقاً للمسعودي.
الخالدي، أوضح أن "الكتل السياسية يجب ان تنتبه الى ان هناك خطراً على العراق بشكل عام، وان هناك مشروعا متكاملاً في منطقة الشرق الاوسط يتمثل في الصراع الصيني الاميركي، وقد نتجه الى عصيان مدني، ثم من بعد ذلك الى تغيير الحكومة بشكل كامل، وتغيرها يتم من خلال العصيان المدني والدستور يجيز ذلك، والامور يبدو انها تتجه للعصيان المدني"، وفق تعبيره.
وخلص الخالدي الى ان "من دون التيار الصدري لا يوجد انتخابات مبكرة، واذا لم يشاركوا فان الانتخابات ستؤجل الى وقت اخر، وحتى الدول الكبرى سوف لن تعترف بنتائج هذه الانتخابات"، ملفتاً الى ان "المشاركين في الانتخابات هم فقط جعجعة فارغة، فهم لا يشكلون تلك النسبة القوية، ومن وجهة نظري لابد من مشاركة التيار الصدري في الانتخابات التشريعية".
الدستور يكفل مشاركة الجميع
بدوره يقول عضو مجلس النواب العراقي جمال شكور في حديثه لشبكة رووداو الاعلامية اليوم الاربعاء (18 آب 2021): "نعلم جميعا ان العراق مزيج من المكونات والاحزاب السياسية وحسب الدستور العراقي، يجب ان يشارك الجميع في العملية السياسية، فمقاطعة التيار الصدري والاحزاب السياسية الاخرى للانتخابات من المؤكد له سبب، ومن المفترض ان يتم التعامل مع هذه الاسباب، ومعالجتها وحلها بكل الوسائل للحفاظ على العملية السياسية".
وتابع شكور ان "سبب الانتخابات المبكرة هو مطلب الشارع العراقي، فلا بد ان تكون الانتخابات نزيه وبعيدة عن التزوير، والتسلط على السلطة وسرقة اصوات الناخبين، والقوى التي انسحبت من الانتخابات لديها ملاحظات على كل ما يتعلق بنزاهتها"، متسائلا: "هل الامن الانتخابي مؤهل الان الى اجراء انتخابات مبكرة في ظل المال السياسي السائب وسطوة السلاح المنفلت، فضلا عن مشاكل كثيرة تتمثل في ملفات الفساد والامن والخدمات فحتى الان لم تعالج من قبل الحكومة".
"وجهة نظر الشارع العراقي واغلب القوى السياسية في الانتخابات المقبلة لا يمكن ان تكون بعيدة عن دائرة التزوير، ولهذه الاسباب نرى ان هناك كماً كبيراً من المقاطعين للانتخابات وان مقاطعتهم واقعية"، بحسب عضو مجلس النواب العراقي جمال شكور.
وكان النائب عن كتلة سائرون، بدر الصائغ، قد أعلن أن عدم اشتراك التيار الصدري في الانتخابات المقبلة، المقرر اجراؤها في العاشر من شهر تشرين الاول المقبل، لا يعطي الانتخابات "شرعية كاملة"، مشيرا الى أن الشارع "بيد التيار الصدري ويستطيع تغيير الحكومة خلال أيام".
الزيادي قال لشبكة رووداو الإعلامية، يوم الثلاثاء (17 آب 2021)، إن "عدم اشتراك التيار الصدري في الانتخابات المقبلة، لا يعطي الانتخابات شرعية كاملة، خاصة وأن احزاباً اخرى قاطعت الانتخابات، وبالتالي فان الحكومة مع المجتمع الدولي تريد ان تجري الانتخابات بمشاركة الجميع".
النائب عن كتلة سائرون، لفت إلى أنه "في حال اجراء الانتخابات بدون التيار الصدري لا يمكن تشكيل حكومة قوية، بل ستكون ضعيفة، ويكون الشارع بيد التيار الصدري الذي يستطيع تغييرها خلال أيام، حسب رأيي".
شكور، شدد على ان "الكل يعلم ان التيار الصدري هو جزء مهم من العملية السياسية، والتيار الصدري والقوى السياسية الاخرى المقاطعة للانتخابات لديهم تاثير مباشر وقوي على الشارع العراقي، فمن المفروض ان يتم تنسيق بين كل القوى السياسية وان يكون هناك اتفاق على الشروط الواجب تنفيذها للوصول الى انتخابات نزيه".
اما بالنسبة لامكانية تأجيل الانتخابات اشار عضو مجلس النواب جمال شكور الى ان "الحكومة ومجلس النواب اذا كانا بهذا النهج والطريقة، فلا داعي لاجراء انتخابات مبكرة، وهنا لابد للقوى السياسية من التغيير وان يكون هناك جدية في العمل ومكافحة الفساد، وارى ان الافضل هو تاجيل الانتخابات".
"الاجواء غير مهيأة للانتخابات"
من جانبه اكد عضو مجلس النواب العراقي حسن شويرد لشبكة رووداو الاعلامية اليوم الاربعاء (18 آب 2021) ان "مشاركة التيار الصدري مهمة في الانتخابات المقبلة، فهم كتلة لديها 55 نائباً في البرلمان وهم جزء فاعل في العملية السياسية"، مضيفاً ان "الاجواء غير مهيأة للانتخابات فمناطق الفرات الاوسط والجنوب لا يستطيع المرشح اقامة مؤتمر فيها، وقوى سياسية انسحبت والقسم الاخر لديه تحفظ على العملية الانتخابية، والانتخابات لابد من ان تحدث التغير نحو الصواب".
واضاف شويرد أنه "اذا اجريت الانتخابات سوف تعود نفس الوجوه ولن يكون هناك تغيير، واذا استقرأنا الامور بشكل صحيح فالاجواء غير مناسبة لاجراء انتخابات مبكرة، فنحن نريد انتخابات يكون من خلالها التصحيح للعملية السياسية وتحقيق ما يتطلع له المواطن العراقي".
وحتى الآن أعلن 19 حزباً وتحالفاً سياسياً عدم مشاركتهم بالانتخابات رسمياً، بدعوى انعدام آفاق أي تغيير أو اجتياز الوضع الصعب الذي يعيشه العراق في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية.
ووسّعت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مهام 130 مراقباً دولياً في عموم العراق، تنحصر بمراقبة العملية الانتخابية، فضلًا عن تقديم الدعم والمشورة الفنية للمفوّضية.
ووفقا للكلمة الإسبوعية للمفوضية التي تلقت شبكة رووداو الإعلامية نسخة منها، أن مفوضية الانتخابات "تولي اهتماماً كبيراً بتسهيل مهمة المراقبين الدوليين لرصد ومراقبة الانتخابات المقبلة".
ويعمل مكتب المساعدة الانتخابية التابع لبعثة الأمم المتّحدة في العراق (UNAMI) على إتمام الاستعدادات والتحضيرات المتعلّقة بمراقبة العملية الانتخابية من خلال نشر ما يزيد عن (130) مراقباً دولياً في عموم أنحاء العراق، حسب البيان.
وأضاف أن مهام عمل البعثة "توسّعت لتشمل مراقبة العملية الانتخابية، فضلًا عن تقديم الدعم والمشورة الفنية للمفوّضية".
روداو