• Sunday, 24 November 2024
logo

تذكرة الشعراء الكورد

تذكرة الشعراء الكورد

طارق كاريزي

رزكار جباري هو احد كتاب الجيل الصاعد في الوسط الثقافي الكوردي. بعد الهجرة المليونية لشعب كوردستان العراق عام 1991، امضى مع اسرته شطرا من حياته في ايران. مكوثه في ايران كانت بمثابة الفرصة الذهبية كي يطلع على كنوز الثقافتين الكوردية والفارسية هناك وبعمق.

يقول رزكار جباري، بان المجهول في الثقافة والتراث وتأريخ الادب الكوردي عريض، ومن غرائب القدر ان النخب الكوردية قلما اهتمت بتدوين النتاجات الادبية لشعبهم حيث الشعر يعد عموده الفقري. واشار الى ان مخطوطة كبيرة كتبت قبل قرنين في زاخو تحوي العديد من النصوص العربية والتركية، فيما لا تضم سوى نصين كورديين. وهذا مدعاة استغراب بان كورديا يكتب مخطوطة كبيرة يطرزها بنصوص أدب الشعوب الاخرى ولا يدون سوى القليل جدا من نصوص ادب شعبه.

ويرى الباحث جباري، بان العلماء والادباء الكورد شغلوا انفسهم بأدب وتراث وثقافة الشعوب الاخرى، ولم يلتفتوا الى ثقافة وتراث وادب شعبهم. ويفسر هذه الحالة بخلل في سايكولوجيا الانسان الكوردي الذي يرى نفسه ادني درجة من الآخرين. وبموازاة طرح الباحث هذا، نرى بان نخب الكورد ربما وجدت بما لديها وما هو في متناول اليد من تراث وثقافة وادب شعبهم ملكا متاحا وارثا مشاعا لا حاجة للاهتمام به، بل وجدوا من باب الحرص على الاستزادة من العلوم والمعارف، بأن من المفيد التوجه نحو أدب وثقافة وتراث الشعوب الاخرى، انسجاما مع المثل الكوردي الذي يقول "امسك ذوات الارجل، فالتي بلا ارجل هي في اليد."

وقال الباحث رزكار جباري في امسية قدمها يوم 11/آب الجاري في مكتبة كاريز في مدينة كركوك، بأن دواوين الشعراء الكورد ظلت منثورة ومبعثرة في مختلف الاماكن من دون ان يولي الكورد انفسهم العناية بهذا التراث المكتوب ويسعون للمحافظة عليه من الضياع. ولم تبادر النخب الكوردية الى تدوين آثار شعراء شعبهم وسير حياتهم كما فعلت الشعوب المجاورة لهم من خلال مؤلفاتهم التي جاءت تحت عنوان "تذكرة الشعراء".

وبحسب الباحث جباري، فان هذا الامر كان السبب في ضياع الكم الاكبر من التراث الثقافي الكوردي ونتاجات القسم الاعظم من الشعراء الكورد. ويستشهد بقصيدة للشاعر رنجوري (احد شعراء القرن الثامن عشر) الذي ذكر فيه اسم (55) شاعرا كورديا لم تطبع من نتاجاتهم سوى دواوين لخمسة منهم، وهناك آثار باقية منثورة بين المخطوطات لخمسة آخرين من هؤلاء الشعراء، اما (45) شاعرا من الذين ذكرهم رنجوري في قصيدته، فلا نعرف عنهم شيئا غير اسمائهم، فلا سيرهم دونت ولم تصلنا اشعارهم ونتاجاتهم.

ويشير الباحث الى ان اول من طبع ديوان الشاعر الكوردي الفطحل ملاي جزيري هو المستكرد الالماني اوسكارمان وذلك مطلع القرن الماضي. واول من كتب عن التراث الكوردي وتقاليد المجتمع الكوردستاني هو الكاتب ملا محمود بايزيدي، وذلك بعد تعرف هذا العالم الكوردي على القنصل الروسي في ارضروم الاسكندر جابا، حيث نبه القنصل بايزيدي الى اهمية تدوين التراث الكوردي وتوثيقه خدمة للأجيال المقبلة ولصيانته من الضياع. وبذلك يعد ملا محمود بايزيدي اول كوردي يكتب عن تراث شعبه وذلك في القرن التاسع عشر.

Top