علاقاتنا وفق القانون والسياسة
فاضل ميراني
حتى قبل انبثاق كياننا واقعيا بعد الانتفاضة، وما تبعه من انتخاب اول مجلس تشريعي وبعدها الكابينة الحكومية في التاريخ القريب، ذلك ان كياننا اقدم بكثير جدا، لكننا نتحدث في محصلات الحاضر و الماضي غير البعيد الان، اقول: كنا واقعيين جدا في افهام الدول الجارة و المنظمات الدولية، ان الامور الاستثنائية لايجب ان تعني قيام علاقات تبعية بسبب ممارسات الحكم شدة او ضعفا لتجعل من امة ومن حراكها السياسي مستضعفين تابعين.
لن ابالغ ان قلت ان اغلب الانظمة السياسية تحترم او تتنبه وقد تدخل في دائرة عملها اداء الاخرين من المشتغلين في سياسة انتجها الواقع، واقع امة مثل امتنا و شعوب مثل شعوبنا ان ظهر في عملهم قبل إعلامهم الموجه انهم يعرفون طريقهم الذي لا مأخذ فيه لا قانونا و لا عرفا، للوصول الى مكانتهم الطبيعة في المجتمعين الانساني و الدولي.
إن كنت اتكلم فلست اعني الاستثناءات في ادائين منا و من الاخرين داخل انظمة الحكم غير العراقي، ممن قد ارتبطوا او يرتبطون خارج اطر ومضامين ما يجب ان تكون عليه العلاقات التي من طبيعتها ان تكون كفوءا و احتراما و تبادل مصالح عامة، واعتقد و بلا تفاخر ان حزبنا بمعناه التنظيمي و واقعه الجماهيري كان سباقا للتعامل بهذا المعنى خلال سنوات نضاله داخل العراق و خارجه، وهي مسيرة لا اضيف شيئا ان قلت انها مسيرة كدح يحترمها العدو الذكي قبل الصديق الصدوق.
ليس ذنبنا ابدا ان انظمة حكم داخلية في العراق اضطرتنا لنثور، لسنا بدعة لا من الشعوب ولا الامم و لا الاحزاب، لكن من حسناتنا اننا احرار، وان حملنا للسلاح كان من اجل سامي الاهداف وعفيف الخطى، ومن حسناتنا ايضا اننا وعن وعي لم نتورط بتابعية علاقة ولا فرضت علينا املاءات.
هذا تاريخنا، وهذه علاقتنا حتى قبل قولبتها بما تمليه على العلاقات، قواعد القانون الدولي العام.
كنا ندرك جوارنا ثقافة و نظم سياسية و تبدلات سلطة و دساتيرا و ايضا مضامين علاقتهم مع العراق، وبعيدا عن تشويهات الاعلام قديما او ربما معاصرا ، ومعها دعاية من يتخاصم ، ففي الواقع و الوقائع، كنا نحن نحتفظ بممانعة تشير الى مستقبل علم فيه جيراننا اننا نستبق الزمن اذا جار علينا ولا نخسر معه وطنيتنا و تمسكنا بالقانون وممارستنا للعلاقات على افضل ما تعود به على شعوبنا.
مهما مرت ظروف سياسية عاصفة على تاريخ المنطقة التي نحن جزء منها، فنحن اسبق من يتمسك بالثوابت، ثوابت التاريخ التي شيدت فوقها سياسيا وتنظيميا الاسس الوطنية و القومية ببصمتها الخاصة لكل زمان و مكان وعرق وميزان قوى.
نحن نحترم جوارنا و لا نتدخل بشأنهم الداخلي و نسعى و سعينا و ننجز و انجزنا الفوائد المتبادلة مشتغلين على المتفق عليه - والمتفق عليه بيننا و بينهم اكثر من المختلف فيه و اكثر حيوية - موصلين رسائل مقترنة بالعمل اننا نفهم قواعد التعامل و تفريعاتها وتفرعاتها، وان العبرة بما يعود على الرعايا من تقدم و نهوض وان الثوابت هي ما يركن اليه لتفسير الخلاف. كما كنا الاسبق بتمتين علاقات مع قوى سياسية مؤثرة داخل مجتمعات دول انعكست ايجابا في علاقاتنا لاحقا على صعد التعامل الرسمي ، وكما حفظنا خلال كثير من الازمات بين الدول والعراق علاقة طرف اصيل العرق والهوية مع انظمة تلك الدول التي انقطعت اغلب روابطها مع العراق ، كذلك اوصلنا و نوصل دائما اننا نؤمن بقوتنا التي هي شعبنا و تاريخه و كيانه الذي لم يكن يوما يستغل رخو المناطق و تراجع القوى ليمتد، وان المتغيرات لا تدوم الا لتأتي غيرها ، فيما تبقى الثوابت هي المعتبرة ، ثوابت الجوار و ثوابت تحكم العلاقات التي لا يصح الا ان تكون منتجة لما يلمس منه الاحترام المتبادل و التقدم في مجالات العلوم و الثقافة و التجارة تحت سقوف عليا تطمح للاستقرار و مواكبة الفهم المتحضر الذي تنشده الاسرة الانسانية و الدولية، وان نلمس في المقابل ما يوازي ما نقدمه نحن كيانا و دولة و قبل ذلك امة و شعوب ضمن خارطة العراق.
- سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني
باسنيوز