الصراع ام التكامل
طارق كاريزي
طرح المهندس الزراعي توانا عبدالمجيد مفهوم "التكامل" بدلا من "الصراع" لجهة شكل وطبيعة العلاقة بين الكورد والشعوب المجاورة له.
حقيقة انه مفهوم متقدم وحضاري ومن الممكن تبنيه وتوقع نتائجه الطبية من دون خسائر مادية وبشرية.
مئتي عام من الصراع بين الكورد وجيرانه لم تثمر عن نتائج مرجوة للنضال التحرري لهذا الشعب، فمنذ افول عصر الدول والامارات الكوردية التي ابتلعتها الدولة العثمانية والسلطات الايرانية بدءا بالصفويين ثم الافشار والزند (هؤلاء كانوا كوردا بزعامة العظيم كريم خان زند) والقاجاريين، تواصلت ثورات الكورد وانتفاضاتهم في مسعى منهم للتخلص من ظلم واضطهاد الجيران ولتحقيق الاستقلال وبناء دولة كوردستان. هذا السفر النضالي طوال القرنين التاسع عشر والعشرين لم ينجح في ايصال سفينة الكورد الى برّ الامان وتحقيق الهدف المنشود.
تغيير قواعد اللعبة وادواتها من خلال انعطاف تبني التكامل عوضا عن الصراع، تبقى مجرد فكرة جديرة ومهمة تستحق العناية والاهتمام. هذه الفكرة وان كانت ارضية تطبيقها غير متوفرة حاليا، بسبب التفاوت في القدرات والمكانة بين الكورد والدول التي تقتسم جغرافية كوردستان، مع هذا من المهم مواصلة السعي باتجاه احلال مفهوم التكامل محل مفهوم الصراع في طبيعة العلاقة بين الكورد وجيرانهم.
التكامل يأتي من خلال قناتي الحوار وقبول الآخر. قدر تعلق الامر بالحوار، لا تلجأ الدول التي تتقاسم كوردستان الى الحوار من باب القناعة والايمان بهذا المبدأ، بل تلتمسه حين تتوصل الى ان القوّة والعنف باتا لا يجديان في قمع الكورد وكبح تطلعاتهم المشروعة. عليه ليس غريبا ان توقّع الحكومات العراقية المتعاقبة (كمثال) اتفاقيات سلام وتسوية بعنوان حل القضية الكوردية، لكنها سرعان ما تتراجع وتلتف حولها وتبطل مفاعيلها، ولا يبقى امام الكورد سوى اعلان التمرد ورفض الاحتواء حد الانصهار في بوتقة الآخر المغاير.
اما مفهوم قبول الآخر، فيبقى غائبا طالما كانت الحكومات غير جادة في تبني الحوار وتطبيق الاتفاقيات، علاوة على سيادة ظاهرة التراجع عن اللوائح القانونية والدستورية التي تقرّ نظريا ولا تجد طريقا للتطبيق عمليا، هذه اللوائح التي ان نفذت موادها التي تكفل حق المساواة بين المواطنين، عندها تسير الامور نحو الحلحلة وارساء اساس سليم للعلاقة بين امم الشرق الاوسط.
يبقى العائق الاكبر امام رسو مفهوم التكامل في العلاقة بين الكورد والدول التي تتقاسم ارضه، هو التفاوت في قدرات الكورد وهذه الدول. فالأخيرة تتعامل مع الكورد من موقع التعالي وتحتكم الى عقلية اخضاعهم واذابتهم بمنطق القوّة تحت لواء الامة ذات السيادة وضمن نطاق هويتها القومية بالتحديد. وهذا المنطق لا يكتب له النجاح طالما بقي الكورد يشعرون بانتمائهم القومي والوطني.
باسنيوز