• Thursday, 18 July 2024
logo

عضو سابق بالاستخبارات الاميركية : التكنولوجيا أسقطت الدرون الأخير في أربيل

عضو سابق بالاستخبارات الاميركية : التكنولوجيا أسقطت الدرون الأخير في أربيل

أكد خبير الطائرات المسيرة والعضو السابق في وكالة الاستخبارات الأميركية بريت فيليكوفيتش أن التكنولوجيا المضادة أسقطت الدرون في الهجوم الأخير على أربيل، مشيراً الى أن المجاميع الشيعية المسلحة تتلقى الدرونات من الحكومة الايرانية.

  وقال فيليكوفيتش في مقابلة  إن "المثير هو أن الهجمات الأخيرة بالدرونات في العراق، والتي اطلعت عليها، يبدو أنها نفذت في كل مرة بدرون من نوع مختلف، ومهما كان منفذ الهجمات، يبدو أنه خبير بهذا المجال لدرجة يعرف معها أي الدرونات مناسب لشن أي هجوم".

ولفت الى أن "الدرون الذي استهدف مطار أربيل هو من النوع الذي نسميه درون إنتربرايز، وهو من الدرونات التجارية ويصنع من قبل شركات عديدة، وخاصة الشركات الصينية المتخصصة".

* يحذر كبار القواد العسكريين الأميركيين من مخاطر استخدام الطائرات المسيرة في شن الهجمات. استخدم داعش الطائرات المسيرة في هجمات في السابق، والآن باتت المجاميع الشيعية المسلحة أيضاً تستخدمها.

تكنولوجيا التصدي للطائرات المسيرة ليست متوفرة، لكن ضيفي يقول إنها متوفرة وعلى الدول معرفة المزيد عن هذه التكنولوجيا وتبداً باستخدامها.

بريت فيليكوفيتش Brett Velicovich  عضو سابق في وكالة الاستخبارات وفي القوات الخاصة الأميركية، وهو متخصص في مجال الطائرات المسيرة وذو خبرة كبيرة بأفغانستان والعراق ودول أخرى. يتحدث في هذا الحوار عن الهجوم على مطار أربيل ونوع الطائرة المسيرة التي استخدمت فيه، والمسافة التي كانت تفصل منفذ الهجوم عن المطار.

لنبدأ أولاً بعملك أنت وفريقك، ماذا يمكنك أن تخبرني عن عملكم؟

بريت فيليكوفيتش: شكراً لهذه الفرصة. أنا متخصص في تكنولوجيا الطائرات المسيرة (الدرونات)، وتخصصي جاء نتيجة خبرتي التي كسبتها من العمل في وحدة العمليات الخاصة في الجيش الأميركي. عملت في كل أنحاء العالم، كالعراق وأفغانستان وشمال أفريقيا. كانت مهمتي مهاجمة الجماعات الإرهابية كداعش والقاعدة ومجموعة تنظيمات أخرى تعمل بالضد من المصالح القومية الأميركية. تمثلت مهمتي في استخدام الدرونات كواحدة من وسائل الكشف عن الإرهابيين والقضاء عليهم.

* عملتم مع فريقكم للعثور على الرؤوس الكبيرة في تلك التنظيمات من أمثال أبي بكر البغدادي، باستخدام الدرونات، هل اقتربتم من العثور على أي منهم؟

فيليكوفيتش: كل الذين كنا نطاردهم، كانوا من كبار الإرهابيين، وكانوا جميعاً من بين أكبر عشرة في تلك التنظيمات، كالقاعدة والدولة الإسلامية. كنا نركز كثيراً على نشاطات الأشخاص والجماعات القريبة من القاعدة من أمثال أنصار الإسلام وأبي عبدالله الشافعي وكل الأفراد الذين كانوا يعملون ضد الحكومة الأميركية والقوات الأميركية.

* هل اقتربتم جداً خلال فترة عملكم من أبي بكر البغدادي أو شخص آخر من ذوي الدرجات العليا في تلك التنظيمات؟

فيليكوفيتش: نعم، وقد ألفت كتاباً ذكرت فيه ذلك. كان من بين مهام فريقنا العثور على الزعيم الأكبر بداعش، المدعو أبو عمر البغدادي. فوجدناه في شمال تكريت. كان مختبئاً في مرحاض مع خليفة الزرقاوي، أبي أيوب المصري. الأمر المثير في تلك العملية هو أن الشخص الذي استخدمناه للعثور على هذين كان أبو بكر البغدادي. حيث أصبح أبو بكر البغدادي بسبب أخطائه دليلنا للعثور على الشخصين اللذين كانا المطلوبين الأول والثاني. حينها كان أبو بكر البغدادي يأتي في المرتبة الثالثة. كان داعش حينها في بدايات تشكله، واستخدمناه ليوصلنا إلى الزعيمين. ثم قضينا عليهما، كانت كل الأعين مصوبة نحو أبي بكر البغدادي. كان ذلك في الوقت الذي بدأت فيه القوات الأميركية انسحابها من العراق بعد عملية تحرير العراق. للأسف فوتنا فرصاً عديدة لقتل البغدادي، كما أن أسباباً سياسية أدت إلى سحبنا من ميدان المعركة. لكن فريقاً آخر جاء بعدنا، عثر عليه وقتله. العمل هذا بمثابة حلقة مغلقة، لا تغفل أميركا أي قيادي جديد، ويتم العثور على هؤلاء أينما كانوا.

* أعلم أنكم ساعدتم الحكومة الصومالية في الماضي، هل لك أن تخبرني المزيد عن ذلك؟

فيليكوفيتش: أجل، مساعدة المجتمعات والأهالي وتقديم المساعدة الإنسانية من بين الأعمال التي تسعدني. كلما كنت بلا عمل، ساعدت المنظمات الخيرية التي كانت تستخدم تكنولوجيا الدرونات في أعمالها الخيرية. بإمكان كل دول ومنظمات العالم أن تفيد من خبرات خبراء الدرونات. انتقلت من القطاع العسكري إلى القطاع الخاص. كان عملي مع الحكومة الصومالية في مجال العثور على المفخخات والألغام وإبطالها. كانت الصومال حينها تعاني من مشكلة كبيرة مع تنظيم (الشباب) الإرهابي. كان تنظيم الشباب يهاكم القوات الصومالية في جميع نقاط التفتيش. ذهبت إلى الصومال لتعليمهم كيفية الإفادة من تكنولوجيا الدرونات. الدرونات المتاحة على موقع أمازون. لكي تتمكن قوات الشرطة من استخدامها في أعمالها وعند التنقل من منطقة إلى أخرى بحثاً عن أنشطة تلك الجماعة ولوقاية نفسها من القنابل المزروعة من قبل جماعة الشباب. أمضيت فترة طويلة في الصومال، أدرب قواتها على استخدام تلك التكنولوجيا بالتنسيق مع وزارة الخارجية الأميركية. لا تزال القوات الأمنية الصومالية تستخدم التكنولوجيا التي قدمها لهم فريقنا ودربهم على استخدامها.

* أنتم تتحدثون عن فوائد الدرونات، لكننا في الآونة الأخيرة، وفي العراق خصوصاً، وجدنا الدرونات تستخدم لاستهداف القوات الأميركية. أنا واثق أنكم مطلعون على هذه الأنباء. بماذا يمكن أن تخبرني عن الهجمات في العراق؟ الدرونات التي تستخدم هي في الغالب رخيصة الثمن. هل الأمر بتلك السهولة، أن تأتي بدرون رخيص الثمن وتحمّله قنبلة وتنفذ به هجوماً؟

فيليكوفيتش: للأسف هذا أسهل ما يكون في هذه الأيام. لأن الدرونات المتاحة لكل شخص تتقدم باستمرار. هناك الآن أنواع أتمنى لو أنها كانت متوفرة أثناء فترة خدمتي في الجيش. الدرونات التي استخدمناها، كنا نبتاعها بمئات آلاف الدولارات، لنستخدمها في جبال أفغانستان أو على الحدود العراقية – السورية، أصبحت الآن تباع ببعض مئات من الدولارات في موقع أمازون. تكنولوجيا الدرونات تتقدم سريعاً، ولم يعد استخدام الدرونات لمختلف الأغراض صعباً، الصعب في الأمر هو فقط الحصول على العتاد الملائم لهذه الدرونات، والحصول على العتاد سهل على الفصائل الإرهابية. هم يعرفون ما الذي حققناه في العراق وأفغانستان بفضل تكنولوجيا الدرونات. فليس صعباً على جماعة مثل داعش إدخال تعديلات على تلك الدرونات، وتحميلها بالمتفجرات واستخدامها كسلاح جوي. تكنولوجيا الدرونات تتطور بسرعة، وتطير بسهولة أكبر، وهي مزودة بنظام تحديد مواقع (GPS) متطور وكاميرات متطورة. تتحسن قدرتها على الطيران سنوياً، وتصبح قادرة على قطع مسافات أطول. لذا من الطبيعي أن تستخدم لأغراض سلبية. شاهدنا هذا مراراً في العالم، وفنزويلا مثال حي. كاد الرئيس الفنزويلي أن يقتل لدرون عندما كان يلقي خطاباً. رأينا استهداف القوات الأميركية في العراق بدرونات، ومؤخراً استهدف مطار أربيل باستخدام الدرونات. اطلعت على الصور، والدرون المستخدم متوفر في كل مكان ويستطيع الناس شراءه. الأمر يثير استغراب الكثيرين، وكثيرون يظنون أن هذه التكنولوجيا حصر على الدول، لكن أي مال درون يستطيع استخدامه لتنفيذ هجوم. شاهدنا ذلك في كل العالم، في اليمن، وفي استهداف المطارات. هذا موضوع ساخن في أميركا حيث يجري التفكير في طريقة لمواجهة الدرونات.

ھ قبل أن نتطرق للحديث عن التكنولوجيا المضادة للدرونات، أشرتم إلى صور الدرون المستخدم لاستهداف مطار أربيل، ما الذي لاحظته عند اطلاعك على صورة الدرون؟ ماذا عن المسافة التي يقطعها وعن سعرها؟

فيليكوفيتش:أول شيء لاحظته بعد الاطلاع على الصور، هو أن الدرون من النوع الذي نسميه درون إنتربرايز، وهو من الدرونات التجارية ويصنع من قبل شركات عديدة، وخاصة الشركات الصينية المتخصصة. فمثلاً عندما تحتاج شركة سولار أميركية دروناً ذا كاميرا بمميزات معينة لمراقبة حقول لوحات السولار، فإن ثمن الدرون المطلوب يكون كبيراً، ما بين 30 و50 ألف دولار. هذه الدرونات غالية الثمن بعض الشيء، لأنها تصنع لأداء عمل محدد، كالتحليق لمسافة معينة، وحمل وزن محدد، أو حمل حساسات. هذا النوع من الدرونات تجاري نموذجي، صنع ليحمل حمولة ما، يمكنه أن يحمل متفجرات، أو أي شيء آخر. حمولة هذه الدرونات محدد بخمسة أو ستة كيلوغرامات، وعندما تكون محملة بتلك الحمولة تقل المسافة التي تستطيع أن تقطعها، وهذا يخبرنا بأن منطلق الدرون المستخدم في الهجوم ليس أبعد بأكثر من عشرة أميال، ومهما كان مطلق الدرون فقد كان قريباً جداً من الهدف. لأن الدرون ليس قادراً على قطع مسافة طويلة. الدرونات القادرة على التحقيق مسافات طويلة لها أجنحة ثابتة كالطائرات، في حين أن الدرونات المزودة بمراوح صغيرة، تعرف باسم كوداكوبتر. هذه الدرونات لا تقطع مسافة تزيد على عشرة أميال، وبعضها يطير أربعة أو خمسة أميال فقط. لذا، فإن أول ما لاحظته هو أن الشخص الذي كان يحمل جهاز التحكم بالدرون كان قريباً جداً وربما كان المكان المستهدف على مرأى منه، كما لاحظت أن الدرون تم إسقاطه، ما يعني أنه ربما استخدمت تكنولوجيا مضادة للدرونات في محيط المطار. ربما تعرف الحرس إلى نوع الدرون قبل أن يسقطوه. لكن هناك مشكلة أخرى تخص هذا النوع من الدرونات، وبالتحديد ذاك الذي استخدم في استهداف مطار أربيل، وهي أنها قادرة وبسهولة على اجتياز خطوط الدفاعات الجوية، وهذا خطر لأن الغرض من الدفاعات الجوية هو منع الهجمات ومراقبة الطائرات الحربية والصواريخ الكبيرة، وعندما يتمكن درون من اجتياز هذه الدفاعات، يكون من الصعب تشخيصه. هذه خطوة ذكية من جانب منفذي الهجوم لعلمهم أن رؤية الدرون صعبة وخاصة في الليل. ما يعني أن هناك الكثير مما يمكن أن نعرفه من خلال هذا الحادث.
المثير هو أن الهجمات الأخيرة بالدرونات في العراق، والتي اطلعت عليها، يبدو أنها نفذت في كل مرة بدرون من نوع مختلف، ومهما كان منفذ الهجمات، يبدو أنه خبير بهذا المجال لدرجة يعرف معها أي الدرونات مناسب لشن أي هجوم.

* هذه نقطة مثيرة، أنكم تقولون إن الدرونات يقل مدى طيرانها عندما تكون محملة بشحنة ما، وأن الدرون المستخدم هو من نوع كوداكوبتر وهو ذو أربع مراوح، ومدى تحليقه ليس طويلاً. لكن الحديث يجري عن أن المكان الذي أطلق منه الدرون يجب أن يكون أبعد من المناطق التي تسيطر عليها القوات الأمنية التابعة لإقليم كوردستان، في حين أنك تقول إن الدرون وبما أنه كان محملاً ولكونه من نوع كوداكوبتر، كان منطلقه قريباً من هدفه!

فيليكوفيتش: نعم، درون كوداكوبتر يستطيع التحليق مسافة محدودة جداً. الدرونات التي كان الحوثيون يستخدمونها في استهداف القوات اليمنية أو السعودية تسمى درونات (قاصف 1) وهو درون إيراني الصنع. لهذا النوع أجنحة ثابتة، ويستطيع التحليق مئات الأميال، يستطيع التحليق لمسافة طويلة. لم يستخدم درون كوداكوبتر، عند الهجوم على أنابيب النفط أو المطارات السعودية. لذا عندما وقعت عيني على درون كوداكوبتر تبادر لي أن منفذ الهجوم كان قريباً جداً من الهدف. النقطة الجيدة هي أنه عندما يعلم خبراء التكنولوجيا المضادة للدرونات هذه المعلومة، ربما يتمكنون من تحديد مكان منفذ الهجوم. خاصة إن كانوا قريبين من المكان، وأعتقد أنهم ستمكنون بسهولة من استخدام التكنولوجيا المضادة للدرونات لتحقيق ذلك. أما إن لم تصل هذه التكنولوجيا إلى هناك، فستتواصل الهجمات. هناك تكنولوجيا يمكنها أن توقف تلك الهجمات، والسؤال الوحيد هو هل يوثق بهذه التكنولوجيا ويتم تشغيلها كجزء من منظومة الدفاع الجوي لإيقاف تلك الهجمات؟

*أشرتم إلى الدرونات التي تستخدم. شاهدتم صور الدرون المستخدم للهجوم على أربيل، وذكرتم ثمنه، ماذا عن الدرونات التي تستخدم في العراق وما هي أسعارها التقريبية؟

فيليكوفيتش: لا شك أن أسعار الدرونات تختلف باختلاف تطورها، وتتراوح بين خمسة آلاف وثلاثين أو أربعين ألف دولار. هذا يعتمد على نوع الحساسات والكاميرات. إن كان الدرون مزوداً فقط بجهاز تحكم وجهاز تحديد مواقع ويستطيع حمل حمولة ما، فسيكون أرخص بكثير وسعره أقل من ألف دولار مضافاً إليه ثمن المتفجرات. أما إن كان الدرون مزوداً بكاميرا وأردت رؤية الهدف فيديوياً، فإن كلفة الكاميرا والحساس تكون أعلى، خاصة إن كان حساس الكاميرا يستخدم للرؤية الليلية، قد تبلغ كلفة الكاميرا عشرة أو عشرين ألف دولار. أنا أرى أن الدرون الذي نفذ به الهجوم كان ذا كاميرا بسيطة زهيدة الثمن. التسابق في مجال صناعة الدرونات أدى إلى ربط كاميرات رخيصة جداً بها يتراوح سعرها ما بين 30 و40 دولاراً في حين أن وضوح الصور الفيديوية التي تلتقطها واضحة بصورة لافتة. بعد مشاهدتي الدرون، عرفت أن العملية بالكامل لم تكلف أكثر من ألفي دولار. تصور مدى الضرر الذي يمكن أن يحدثه درون كهذا. كل تلك التجهيزات العسكرية الموجودة هناك، يمكن لدرون صغير ثمنه ألف دولار مزود بقليل من المتفجرات أن يحدث أضراراً بمئات آلاف الدولارات. هذه ضربة اقتصادية كبيرة. لذا تسعى أميركا للعثور على حل. فإن وقع هجوم كهذا داخل أميركا، لن يقتصر الضرر على إصابة عدد من الأشخاص بجروح، بل سيوقع أضراراً اقتصادية كبرى تؤدي إلى إغلاق المطارات وأمور أخرى كثيرة لم تخطر ببال. إضافة إلى الخوف الذي ينتابك عندما تنظر للسماء ولا تعرف ما الذي يحلق في الجو. أغلب الدرونات تحلق على ارتفاع يسمح برؤيتها بالعين، وعندما أشاهد فيديوهات العراق وسوريا، الناس يشاهدون الدرونات في الجو، وربما تشاهد بسهولة، ويطلقون النار على أمل أن يصيبوها. هنا تنفع التكنولوجيا المضادة للدرونات، فهي تحدد الدرونات من مسافات بعيدة، حتى إن تكن العين قادرة على رؤيتها.

* أشرتم إلى سوق أمازون الإلكتروني، وأن الدرونات تباع هناك بأسعار زهيدة، والمجاميع الشيعية المسلحة كمثال تكثر من استخدام الدرونات، أنا لست واثقاً من كونهم يتعاملون مع سوق أمازون الإلكتروني، لكن أريد أن أتساءل: هل أن صنع هذه الدرونات سهل لدرجة أنهم يستطيعون صنعها بأنفسهم؟ ومن أين تأتي الدرونات المتوفرة عند المجاميع؟

فيليكوفيتش: أريد الإجابة على هذا السؤال بحذر كي لا يفيد الأعداء من كلامي. أقول فقط إن الميليشيات الشيعية تتلقى تلك المعدات من الحكومة الإيرانية. هناك كثيرون من ذوي الخبرة في نقل هذه المعدات عالمياً. الحصول على المعدات التي يحتاجونها ونقلها إلى بلدهم ليس بالأمر الصعب. الدرونات التي يستخدمونها، ذات تكنولوجيا بسيطة وبدائية. هنا يكمن خطر هذه الهجمات. هذه الدرونات ليست بالشيء الذي يمكن أن تفرض أميركا حظراً على نقلها بحجة أنها قد تستخدم ضدنا في حال وقعت في متناول العدو. لا حظر هناك على تصدير هذه الدرونات. هناك كثيرون يعملون منذ فترة طويلة في استيرادها وتصديرها. يعرفون كيف يستخدمونها وقد تعلموا ذلك من الأميركيين خلال وجودهم في العراق، خاصة الميليشيات الشيعية التي تستهدف القوات الأميركية والسنة في بغداد. شاهدوا هذه التكنولوجيا من قبل ويعرفون كيف يستخدمونها. للأسف، أظن أن هذه هي البداية فقط. أعتقد أننا سنشهد المزيد من هذه الهجمات. إن وضعنا أنفسنا في موضع الأعداء، فإنهم يستطيعون تنفيذ هجمات من هذا النوع تغنيهم عن استخدام مسلحيهم. يستطيعون إطلاق سرب من الدرونات. هذا شيء جديد، هناك أسراب من الدرونات تحلق معاً مثل أسراب الجراد وتتجمع وتهاجم معاً. ستشهد الجيوش والتنظيمات تلجأ إلى استخدام أعداد كبيرة من الدرونات بدلاً عن توجيه درون وحيد للهجوم. لهذا يجب التفكير في حل، لردع مثل هذه الهجمات.

* لنتحدث عن التكنولوجيا المضادة للدرونات. أشرتم إلى محاولات لتشغيل هذه التكنولوجيا من أجل إيقاف الهجمات تلك، ما المستوى الذي بلغته صناعة هذه التكنولوجيا؟

فيليكوفيتش: بالتأكيد هناك تكنولوجيا لإيقاف الدرونات. في المرة الأخيرة التي اطلعت فيها على هذه المعلومة، كان نحو ثمانين شركة منتجة للمعدات التكنولوجية قد أنتجوا أكثر من 200 نوع مختلف من التكنولوجيا المضادة للدرونات، بدءاً بمسدسات يدوية، وصولاً إلى منظومات ثابتة تستطيع حماية مطار بالكامل. تستطيع رصد قدوم درون من مسافة عدة أميال، وعرضه بوضوح، وتحديد نوعه وسرعته وعرضه على شاشة لمعرفة ما إن كان الدرون شخصي أطلقه بدون قصد، أو موجه من العدو ويجب القضاء عليه. لا شك أن التكنولوجيا المضادة للدرونات متاحة. هناك كثير من الكفوئين في أميركا وغيرها من دول العالم أنتجوا تكنولوجيا متطورة مضادة للدرونات. الموضوع منحصر في تدريب الحكومات والناس على كيفية عمل تلك التكنولوجيا.

أثير نقطة أخرى تخص هذه التكنولوجيا. فليس نوع واحد من التكنولوجيا كافياً. الطريقة الأفضل هي استخدام أسلوب منوّع. من الأفضل، عند وضع منتج تكنولوجي لمصنع ما في مطار، قد يكون مخصصاً لأداء مهمة محددة، كنوع من الدرونات ذات تردد محدد. قد تكون هناك حاجة إلى نصب أنظمة أخرى مضادة للدرونات لرصد الدرونات بعيدة المدى وذات الأجنحة الثابتة، ونظام خاص بكوداكوبتر. فنصب نظام واحد لا يكفي. لكن عند مزج هذه الأنظمة، تتحقق مقاومة قوية جداً للدرونات.

قضيت الكثير من الوقت في تعليم الناس، وتعريفهم بالتكنولوجيا المتاحة وكيف يمكن ملاءمتها مع حاجاتهم. على الحكومات أن تدرك وجود هذه التكنولوجيا. نقطة الضعف في هذا النظام المضاد للدرونات، حتى هنا في أميركا، هي أنه عند تشغيل النظام فإن التكنولوجيا المستخدمة فيه تعمد إلى تعطيل كل شيء. مثلاً إذا قمت بنصب التكنولوجيا المضادة للدرونات، فإنه يعطل الدرونات، ويخرب ترددات الدرونات، لكنه في نفس الوقت قد يعطل الهواتف المحمولة وأنظمة واي فاي، وحتى هذا البرنامج، وبذلك لا نستطيع إنجاز شيء. هناك أشخاص قلقون من تسبب هذه التكنولوجيا في تعطيل الأقسام الأخرى للبنية التحتية للتكنولوجيا والاتصالات. تجري خلف الكواليس تجارب عديدة للعثور على مخرج. يمكن تشغيل التكنولوجيا المضادة للدرونات في مطار، لكن ماذا لو عطلت هذه التكنولوجيا الطائرات التي في الجو؟

للأسف، لا تزال هناك حاجة لمزيد من الوقت للوصول إلى حل، التكنولوجيا بحاجة إلى تفاصيل دقيقة كثيرة. إنتاج التكنولوجيا في أميركا مستمر، وأعتقد أن دولاً أخرى تعمل نفس الشيء. في الواقع، التكنولوجيا المضادة للدرونات متوفرة، ولم يبق إلا أن تستخدمها الدول.

* ما تتحدثون عنه، من تعطيل ترددات موجات تلك الدرونات وخطر إيقاف أجهزة أخرى. لكن أميركا سبق وأن استخدمت في العراق تكنولوجيا إيقاف الموجات عند تعرضهم للهجمات، بينما كانت الهواتف مستمرة في العمل. ثم عمدت الفصائل إلى استخدام الأسلاك لتفجير العبوات الناسفة. أريد أن أسأل: هل هناك إضافة إلى تكنولوجيا إيقاف موجات تلك الدرونات، أي تكنولوجيا أخرى لتعطيلها وإسقاطها؟ لماذا تعجز المقرات العسكرية عن كشف تلك الدرونات وإسقاطها؟ هل الأمر بهذه الصعوبة؟

فيليكوفيتش: في الواقع، يسمع الناس فقط عن الدرونات التي اجتازت الدفاعات الجوية، ولا يجري الحديث عن التي أسقطت. بينما أسقط الكثير منها في الواقع. من بين الأمثلة، الدرون الإيراني الذي كان يحلق فوق السفن الحربية الأميركية في ميناء الخليج، أسقط باستخدام التكنولوجيا المضادة للدرونات بسبب مخاوف من قيامه بشن هجوم. هناك حالات أخرى في سوريا، حيث أحبطت الحكومة الروسية هجوم سرب من الدرونات. كان عددها ما بين 60 و70 دروناً وأسقط 90% منها. أحياناً، يجتاز الدرون الخط الدفاعي، والحل لهذا يكون من خلال تنويع التكنولوجيا المضادة للدرونات. الدرونات التي تجتاز الخطوط الدفاعية تعمل بترددات خاصة، لا تستطيع الخطوط الدفاعية تمييزها، وفي كثير من الحالات التي نجحت فيها الهجمات بالدرونات، كان السبب غياب التكنولوجيا المضادة للدرونات في موقع الهدف، وقد وجدنا أن نصب تلك التكنولوجيا كان مساعداً جداً، لكنه ليس زهيد الثمن. فهناك حاجة إلى مئات آلاف الدولارات بل إلى ملايين منها، لنصب التكنولوجيا المضادة للدرونات، في حين لا ينفق العدو سوى بعض آلاف من الدولارات على الهجوم. كما لاحظنا في استهداف مطار أربيل، يقول البعض إن هذا النظام لا يعود بفوائد تعادل كلفته. لكن كلفة النظام ستنخفض بمرور الوقت، مثلما حدث مع أسعار الدرونات. أعتقد أن العالم يجب أن يدرك بصورة أفضل أهمية نصب الأنظمة المضادة للدرونات وتشغيل هذه التكنولوجيا لمنع مثل تلك الهجمات.

* السؤال الأخير. إلى أين تمضي الهجمات بالدرونات في العراق؟

فيليكوفيتش: أرى أن هناك تسابقاً في كل العالم على إنتاج الدرونات. حكومات الصين وروسيا وإيران وأميركا تخوض سباقاً لإنتاج أفضل الدرونات، حتى بات بمستطاع الأفراد العاديين ابتياع درونات لهم. نجد هذا في العراق وسوريا. للأسف، باتت هاتان الدولتان كساحة لاختبار الدرونات وإثبات تفوق هذه التكنولوجيا. في العراق، نجد إيران تحاول اختبار تكنولوجياها وتستخدمها ضد القواعد الجوية والعسكرية. تري أن تعرف إن كانت ناجحة، لتستخدمها في حروب أخرى في العالم. أمضيت وقتاً طويلاً في العراق، وشهدت تطور الدرونات هناك، وأعتقد أن ذلك سيستمر، ومع مرور الوقت تصبح الدرونات متاحة للناس والتنظيمات وتتسع دائرة حرب الدرونات.

 

 

حاورته شبكة روداو الأعلامية

Top